نلقى الضوء على كتاب " لم يخبرونا بهذا قبل أن نتزوج" لـ كريم الشاذلى، الذى يناقش عددا من القضايا الاجتماعية المتعلقة بالحياة الأسرية والفارق بين الواقع وما نرجوه بالفعل
يقول الكتاب تحت عنوان "كانت تتمنى أن تتزوج بطلا"
أرقها كثيرا زواجها من طبيب عادي، رجل غارق فى تفاصيل الحياة اليومية، رجل لا يعرف الحرب والنزال، لا يعرف لغة الأبطال. تحلم أن تكون أنثى يحملها بطلها على حصانه الأبيض بعدما يحارب الدنيا من أجلها، تحلم كثيرا ولذلك كرهت زوجها!.
يطوى الأيام بعضها بعضا وهى حزينة، يلفها شعور بأنها تستحق أفضل مما هى فيه. وذات يوم جاءها خبر زوجها، إن الطبيب العادى الذى تزوجته ذهب لعلاج طفل لدغه ثعبان، هب الرجل من فوره لإنقاذ الطفل دون أن يلقى بالاً بمكان الثعبان الذى كان متربصا فلدغه هو الآخر، انتهت حياة الطبيب العادى نهاية غير عادية، وفى اللحظة التى ودعت فيها القرية طبيبها العظيم أدركت الزوجة المكلومة أنها كانت وطوال هذه السنوات تعيش فى كنف بطل تنكره، تحيا تحت سقف واحد مع فارس حقيقي، يضرب بسيف جهده وإخلاصه فى ميدان العمل ومعركة الحياة اليومية، بطل لم يكن حريصا على القيام بهبات وقفزات عالية كبيرة، بطل يحتوى على قدر من النبل والإيثار والتضحية لم ترها لأنها كانت.. تنظر بعيدا! .
هذه القصة قرأتها ذات يوم، للأديب الروسى «أنطوان تشيكوف»، وحاول من خلالها الرجل أن يلفت الانتباه إلى وهم النظر بعيدا، عن طلب المواصفات القياسية من الآخرين، مع إهمال أننا فى عالم ناقص يستحيل أن يوجد فيه «منتج کامل».. وللأسف.. البشر يميلون دائما إلى مد العين بعيدا، يذهلون عما فى أيديهم من نعمة، وفى أنفسهم من موهبة، وفى محيطهم من خيارات، ويرسمون أهداف وطموحات هى فى أصلها أوهام، ويحاكمون أنفسهم، وحاضرهم، و ظروفهم بناء على ما رسموه وأرادوه. والحياة لا تعطى للناس ما يريدون، إنها تعطيهم ما يستحقون، ومعظم البشر لا يراجعون الاستحقاقات التى دفعوها من أجل مطالبهم، يخيل لهم غرورهم أن ما هم فيه هو مأساة تحتاج إلى مواساة، ومصيبة تستحق العزاء.
ولا مصيبة تلفنا كمصيبة التعامل الخاطئ مع أنفسنا ومن حولنا، ولا بلاء يمكن أن يساوى بلاء العيش فى دور الضحية، والاستمتاع باجترار الأحزان والمآسي. المحزن أن يلفنا ثوب الضحية فى كل أحوالنا، حتى داخل بيوتنا، وفى أثناء تعاملنا مع شريك الحياة، الزوجة فى القصة هى نموذج لكثير من الزوجات اللواتى سبحن فى عالم مثالي، عالم حددت معالمه معايير غير حقيقية، وزینت سماءه نجوم كاذبة، وبالتالى صار المطلوب غير واقعي، وعليه يحيطنا الفشل مها بذلنا من جهد وقدمنا من تضحيات. والرجل كذلك، يدخل عالمه الزوجى بأوهام الراحة الكاملة، يرسم لنفسه، ولحياته، ولأسرته تصورا مبالغا فيه، ثم يبدأ فى التذمر حينما لا يجد ما أراده واقعا.
وأمام تذمر كلا الطرفين تبدو ملامح الحل صعبة، ومرفأ الأمان بعيدا عن سفينتنا الحائرة.
ومما يؤسف له أن لا أحد يخبرنا بما يجب علينا فعله، بل لم يخبرنا أحد بأن ما فكرنا فيه وتمنيناه ورسمنا تطلعاتنا عليه كان صرحا من خيال، فلا عجب؛ إذ بسهولة.. هوی! لا عجب أن نتعثر، ونتألم، ونشعر أننا خدعنا، لأن أحد لم يخبرنا قبل أن نتزوج بحقيقة الزواج، بحقيقة الشخص الذى سنعيش معه ونعایشه، تركونا نهبا للدراما، والأغاني، وحكايات التعساء.. تركونا نتأرجح بين مثالية نطلبها فلا نحققها، وتعاسة حاضرة تقول بأن الزواج مقبرة الحب وخاتمته. من هنا أحببت أن أسر إليك بما أعتقده فى أمر الحب والزواج. ما أرى بأن تفهمنا له قادر إلى حد بعيد على أن يجعل حياتنا أكثر سعادة ومشكلاتنا أقرب إلى الحل، وحياتنا أهدأ وأنعم. هى جولة فى واقع حياتنا الزوجية، أأمل أن تعطينا براحا نحن فى أمس الحاجة إليه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة