يدرك المصريون جيدا كيف يفرقون بين الحقيقى والمزيف، وبين التنوع والابتزاز، وبين القلق المشروع والتشكيك ونشر المشاعر السلبية واليأس، يعرفون أن التساؤل مشروع، والقلق المصحوب بطرح أسئلة أمر محمود ومطلوب، يختلف عن الإرباك والتشكيك والحديث بلسان خارجى، وقد ساهمت انفجارات السوشيال ميديا فى حالة تشويش وارتباك، وهى حالة يحتفظ بها أرشيف مواقع التواصل واليوتيوب، كادت تطيح بالمجتمع وتفقد الدولة توازنها، وتسقط فى حجر جماعة لا تعرف الوطن ولا تنحاز لغير التطرف، لولا وعى الشعب المصرى، الذى انتبه وأعاد الأمور لنصابها، مراهنا على النواة الصلبة لدولة عريقة اسمها مصر، حسم الشعب خياراته ومواقفه واختار الوطن.
التنوع فى الآراء يختلف عن الإرباك وطرح الأسئلة الخبيثة والابتزاز، ومحاولة شق الصف باسم التنوع، فى القضايا المصيرية هناك حدود يتفق عليها المصريون بتنوعاتهم، ظهر ذلك فى قضية نهر النيل، أو الموقف المصرى من قضايا الأمن القومى، والتحديات المحيطة والقضايا الإقليمية والسياسة الخارجية، ورغم حملات الدعاية السوداء، شككت فى كل خطوة وكل قرار، بل تم توظيف مخاوف الإصلاح الاقتصادى للتحريض والتشكيك، لكن الدولة لم تلتفت ولم تتوقف للرد، وتمسك الرئيس عبدالفتاح السيسى، بمخاطبة الشعب على فترات، وطمأنتهم على ما يجرى، من دون تهوين أو تهويل، وهى خطوة نجحت فى نسخ العلاقة بين الدولة والمجتمع، ونجح الشعب دائمًا فى التفرقة بين آراء تتنوع من داخل المجتمع، وأخرى تصدر من منصات ومراكز تمويل.
هناك أقلية اعتادت الانحياز للخصوم والأعداء، وتبنى وجهات نظرهم، وهى فرقة تربت على مخاصمة الوطن، والانحياز للجماعة والتنظيم، ومعهم قليلون وقعوا فى شرك التنظيم المتطرف أو راهنوا على أرباح ضيقة وخسروا رهانهم، لكنهم سجلوا بأنفسهم سوابق الانحياز للعدو، والسير فى ركاب الخصوم، بزعم ممارسة التنوع أو الرأى المختلف، على العكس ممن تمسكوا بالبقاء وإعلان آرائهم داخل الوطن، ضمن تنوع مطلوب ويمكن أن يتسع، ما دام ارتبط المختلفون بقواعد عامة تضع الوطن فوق الجماعة أو الحزب، وتعرف اللحظات التى لا يفترض الاختلاف حولها أو التحديات التى تهدد الكل بلا استثناء.
لقد بلغت الدولة المصرية اليوم درجة من اللياقة الاقتصادية والسياسية تضاعف من حجم الثقة والاطمئنان فى نفوس الشعب المصرى، ولا أحد من حقه الحديث باسم الشعب أو الادعاء بأنه يفهمه، ومن الممكن قراءة مفردات دالة، خلال السنوات السبع الماضية، تشير إلى أن الشعب المصرى لديه حواسه القادرة على فرز الصدق من الكذب، والفصل بين النصيحة والابتزاز، هذه الثقة تكونت بناءً على تجارب واضحة ونتائج على الأرض، وليس بناءً على شعارات أو كلام معسول.
على مدى 7 سنوات لم يقدم الرئيس عبدالفتاح السيسى، وعدًا لم ينفذه، بل إن الرجل لم يلتفت إلى تحذيرات من تراجع شعبيته، وتحليلات كانت ترسم سيناريوهات داكنة للحاضر والمستقبل، وتتوقع الفشل للإصلاح الاقتصادى والسياسة الخارجية، لكن النتائج اليوم تكشف عن بعد نظر لخطط تنفذ، ومن أصر على تنفيذ جراحة الإصلاح الاقتصادى، لإنقاذ الاقتصاد المريض، وممارسة العلاج المر، لإخراج الدولة من كبوتها.
الدولة المصرية، اليوم، أكثر استقرارًا وقدرة وتأثيرًا إقليميًا ودوليًا، ويظهر هذا فى خطاب الرئيس عبدالفتاح السيسى، الأخير، عن تحقيق الحلم، وإعادة بناء الريف فى «حياة كريمة»، واعتبار الإنسان هو كنز هذا الوطن، أساس بناء الدولة الديمقراطية المدنية الحديثة، التى تمتلك القدرات الشاملة عسكريًا، واقتصاديًا، وسياسيًا، واجتماعيًا، وتعلى مفهوم المواطنة وقبول الآخر، كما تحدث عن «تنمية سياسية تحقق حيوية للمجتمع، تقوم على مفاهيم العدالة الاجتماعية والكرامة والإنسانية»، وهو ما يشير إلى خطوات فى طريق التنوع السياسى والاجتماعى بما يعبر عن المجتمع، وهناك إشارات أخرى تدعم هذا التوجه، الذى يتطلب من النخب المصرية تفهم الرسائل بشكل يضمن التنوع ويتفهم التحديات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة