يُعتبر إعادة تأهيل وتبطين ترع الري أحدث المشروعات المصرية لمواجهة أزمة العجز المائي، حيث يستهدف الحفاظ على كميات المياه التي يتم هدرها بعد تسربها للتربة الطينية والذي يتراوح ما بين 5 و10 ملم من عمق المياه كل ساعة، وأنه من المتوقع توفير حوالى 5 مليارات متر مكعب من المياه التي كانت تُهدر بطول مجاري الشبكة المائية في كافة أنحاء الجمهورية، وتُسهم صيانة الترع وقنوات الري -فى إطار هذا المشروع- في تناقص كمية البخر للمياه، وتقليل نسب الشوائب التي تصل إلى نهاية الترع وتقلص من كفاءتها ومقدار التصرفات الممكن استعمالها مباشرة دون معالجة، إضافة إلى أن المشروع سيضمن وصول المياه بصورة أسرع دون أعطال للأراضي الزراعية، مع القدرة على تحقيق العدالة في توزيع المياه وزيادة الإنتاجية لتلك الأراضي، كما سيقلل تكاليف الصيانة السنوية للمجاري المائية بأنواعها.
وكشفت دراسة للمركز المصري للفكر والدراسة، أنه برغم وجود مشروع تبطين الترع في استراتيجيات وزارة الري ووزارة الزراعة وأجندات الحكومات المتعاقبة خلال العقود الثلاثة الماضية، إلا أنه تعرض للتأخير في تنفيذه، لاحتياجه إلى تمويل ضخم لمدة زمنية طويلة، علمًا بأن العمليات المطلوبة لإنهاء المشروع تتطلب ألا تكون هناك أي فترات توقف بين خطواتها، حتى لا تؤثر على الكفاءة النهائية للمشروع ككل.
وتابعت الدراسة أنه تصل تكلفة المخطط النهائي لبرنامج تأهيل وتطوير الترع الرئيسية على مستوى الجمهورية إلى 18 مليار جنيه، ويشمل المخطط الذي تم إطلاقه أخيرًا في عام 2020 تبطين وصيانة 7500 كم من الترع والقنوات، مع العلم بأنه كان يجري في الظروف العادية تبطين 50 كم من الترع سنويًّا؛ إلا أن الحاجة الملحّة للمياه أدت إلى تعديل الخطة القومية في البداية لتبطين حوالي 2000 كم من الترع كل سنة ولمدة عشرة أعوام. ثم تم التعديل مرة أخرى، ليتقرر الانتهاء من تنفيذ المشروع خلال عامين فقط، وذلك لتعويض زمن التأخير في إطلاقه، واعتباره مشروعًا قوميًّا ملحًّا نظرًا للاعتبارات المذكورة الخاصة بالأزمة المائية الحرجة التي تعاني منها البلاد.
ولفتت الدراسة أنه ينقسم المشروع إلى مرحلتين يتم تنفيذهما في 19 محافظة مصرية، تبلغ المرحلة الأولى حوالي 3500 كم، بينما الثانية 4000 كم. وتستخدم المرحلة الأولى في بدايتها القرى الأكثر فقرًا المسجلة في مبادرة “حياة كريمة” التي أطلقتها الدولة المصرية. كما أنها من المتوقع أن توفر 9 آلاف فرصة عمل. وتم الاتفاق على أن تكون مصادر التمويل الموضوعة حاليًّا مكونة من 60% من الاعتمادات المحلية، و25% من قروض خارجية، و15% في شكل منح من مؤسسات التمويل الدولية المهتمة بقضايا المياه والإدارة المستدامة لها، وتقليل المهدر في استهلاكها.