السيدة عائشة بنت أبى بكر الصديق، من خيرة النساء، ولها فى التراث الإسلامى فضل كبير، وقد توفيت فى زمن حكم معاوية بن أبو سفيان، فما الذى يقوله التراث الإسلامى؟
يقول كتاب البداية والنهاية للحافظ ابن كثير تحت عنوان "أم المؤمنين عائشة بنت أبو بكر الصديق"
زوجة رسول الله ﷺ، وأحب أزواجه إليه، المبرّأة من فوق سبع سموات رضى الله عنها، وعن أبيها.
وأمها: هى أم رومان بنت عامر بن عويمر الكنانية، تكنى عائشة: بأم عبد الله.
قيل: كناها بذلك رسول الله ﷺ بابن أختها عبد الله بن الزبير.
وقيل: إنها أسقطت من رسول الله سقطا فسماه عبد الله، ولم يتزوج رسول الله ﷺ بكرا غيرها، ولم ينزل عليه الوحى فى لحاف امرأة غيرها، ولم يكن فى أزواجه أحب إليه منها.
تزوجها بمكة بعد وفاة خديجة، وقد أتاه الملك بها فى المنام فى سرقة من حريرة مرتين أو ثلاثا فيقول: هذه زوجتك.
قال: فأكشف عنك فإذا هى أنت، فأقول: «إن يكن هذا من عند الله يمضه» فخطبها من أبيها.
فقال: يا رسول الله أو تحل لك؟
قال: "نعم"
قال: أولست أخوك؟
قال: "بلى فى الإسلام، وهى لى حلال"، فتزوجها رسول الله ﷺ فحظيت عنده.
وكان ذلك قبل الهجرة بسنتين.
وقيل: بسنة ونصف.
ولما تكلم فيها أهل الإفك بالزور والبهتان، غار الله لها فأنزل لها براءتها فى عشر آيات من القرآن تتلى على تعاقب الزمان.
وقد ذكرنا ذلك مفصلا فيما سلف، وشرحنا الآيات والأحاديث الواردة فى ذلك فى غزوة المريسيع، وبسطنا ذلك أيضا فى كتاب التفسير بما فيه كفاية ومقنع، ولله الحمد والمنة.
ومن خصائصها: رضى الله عنها أنها كان لها فى القسم يومان يومها ويوم سودة حين وهبتها ذلك تقربا إلى رسول الله ﷺ، وأنه مات فى يومها وفى بيتها وبين سحرها ونحرها، وجمع الله بين ريقه وريقها فى آخر ساعة من ساعاته فى الدنيا، وأول ساعة من الآخرة، ودفن فى بيتها.
وقد قال الإمام أحمد: حدثنا وكيع، عن إسماعيل، عن مصعب بن إسحاق بن طلحة، عن عائشة، عن النبى ﷺ: قال: «إنه ليهون على أنى رأيت بياض كف عائشة فى الجنة» تفرد به أحمد.
وهذا فى غاية ما يكون من المحبة العظيمة أنه يرتاح لأنه رأى بياض كفها أمامه فى الجنة.
ومن خصائصها: أنها أعلم نساء النبى ﷺ، بل هى أعلم النساء على الإطلاق.
قال الزهري: لو جمع علم عائشة إلى علم جميع أزواجه وعلم جميع النساء، لكان علم عائشة أفضل.
وقال عطاء بن أبى رباح: كانت عائشة أفقه الناس، وأعلم الناس، وأحسن الناس رأيا فى العامة.
وقال عروة: ما رأيت أحدا أعلم بفقه، ولا طب، ولا شعر من عائشة.
ولم ترو امرأة ولا رجل غير أبى هريرة عن رسول الله ﷺ من الأحاديث بقدر روايتها رضى الله عنها.
وقال أبو موسى الأشعري: ما أشكل علينا أصحاب محمد حديث قط فسألنا عائشة إلا وجدنا عندها منه علما.
رواه الترمذي، وقال أبو الضحى: عن مسروق رأيت مشيخة أصحاب محمد الأكابر يسألونها عن الفرائض.
فأما ما يلهج به كثير من الفقهاء وعلماء الأصول من إيراد حديث: «خذوا شطر دينكم عن هذه الحميراء» فإنه ليس له أصل ولا هو مثبت فى شيء من أصول الإسلام، وسألت عنه شيخنا أبا الحجاج المزى فقال: لا أصل له.
ثم لم يكن فى النساء أعلم من تلميذاتها عمرة بنت عبد الرحمن، وحفصة بنت سيرين، وعائشة بنت طلحة.
وقد تفردت أم المؤمنين عائشة بمسائل عن الصحابة لم توجد إلا عندها، وانفردت باختيارات أيضا، وردت أخبار بخلافها بنوع من التأويل.
وقد جمع ذلك غير واحد من الأئمة، فمن ذلك قال الشعبي: كان مسروق إذا حدث عن عائشة قال: حدثتنى الصديقة بنت الصديق، حبيبة رسول الله المبرأة من فوق سبع سموات.
وثبت فى صحيح البخارى من حديث أبى عثمان النهدى عن عمرو بن العاص قال:
قلت: يا رسول الله أى الناس أحب عليك؟
قال: "عائشة".
قلت: ومن الرجال؟
قال: "أبوها".
وفى صحيح البخارى أيضا عن أبى موسى قال: قال رسول الله ﷺ: "كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران، وخديجة بنت خويلد، وآسية امرأة فرعون، وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام".
وقد كانت وفاتها فى هذا العام سنة ثمان وخمسين.
وقيل: قبله بسنة.
وقيل: بعده بسنة، والمشهور فى رمضان منه.
وقيل: فى شوال، والأشهر ليلة الثلاثاء السابع عشر من رمضان.
وأوصت أن تدفن بالبقيع ليلا، وصلى عليها أبو هريرة بعد صلاة الوتر، ونزل فى قبرها خمسة، وهم عبد الله، وعروة ابنا الزبير بن العوام، من أختها أسماء بنت أبى بكر، والقاسم، وعبد الله ابنا أخيها محمد بن أبى بكر، وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبى بكر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة