فشلت الضجة الكبرى التى حظى بها سد النهضة الإثيوبى فى التعتيم على الأزمات التي تلاحق إثيوبيا، بعد أن أصبحت حديث وسائل الإعلام الأجنبية التى وصفت رئيس الوراء آبى أحمد بأنه فشل فى إدارة تلك الأزمات، وأولى هذه الأزمات هى الديون بسبب التضارب في القرارات الاقتصادية والانخراط في حروب أهلية كبدت البلاد ديوناً طائلة.
وطالبت إثيوبيا بإعادة هيكلة مليار دولار إضافي من الديون الخارجية لفترة سماح تصل إلى ست سنوات وتمديد أجل الاستحقاق عشر سنوات بحسب شبكة بلومبرج الأمريكية، وتم تأجيل دفع 2.5 مليار دولار من أصل الدين والفوائد لمدة 5 سنوات من قبل الدائنين التجاريين بموجب أول خطة لإعادة هيكلة الديون الخارجية.
واعترفت أديس أبابا بأن البلاد فقدت 2.3 مليار دولار منذ اندلاع الصراع فى تيجراى فى نوفمبر 2020، لكن هذه التكلفة لم تأخذ فى الاعتبار الإنفاق العسكرى أو فقدان سبل العيش والوفيات والإصابات بين المدنيين، فضلا عن فقدان ساعات من الإنتاجية الاقتصادية بسبب قرار المدنيين من الخطر.
ثانى الأزمات كشفتها شبكة سي ان ان الامريكية في تقرير لها عن نفاذ الطعام والوقود في عاصمة منطقة تيجراي، وهزيمة زتقهره الجيش الأثيوبى، كما أدى انقطاع الاتصالات في المنطقة، منذ انسحاب القوات الإثيوبية وإعلان وقف إطلاق النار من جانب واحد، إلى صعوبة تحديد الوضع في تيجراي وعاصمتها ميكيلي.
كما قالت صحيفة فاينانشيال تايمز إن القتال ونقص الغذاء يبدد الآمال بوقف إطلاق النار، موضحة أن جبهة التحرير الشعبي فى تيجراى طالبت حكومة أديس أبابا، بأن تسحب الحكومة الفيدرالية كل قواتها وقوات حلفاء من المنطقة الشمالية، ودعت إلى إجراء تحقيق مستقل فى الفظائع التى ارتكبتها قوات إثيوبيا وإعادة حكومة جبهة التحرير فى تيجراى.
وبخلاف هذه الأزمات تعج أثيوبيا بصراعات عرقية، فالصراع الدائر منذ نحو 8 أشهر بين جبهة تحرير شعب تيجراي الاقليم الأثيوبى، وبين الحكومة المركزية فى أديس أبابا، تمتد جذوره لسنوات مضت، ويعد الخلاف بين الحكومة المركزية والإقليم خلاف عرقى بالأساس على النفوذ السياسى والموارد، وتعود جذور الصدام المثير للقلق في إثيوبيا بين الحكومة الفدرالية والحزب الحاكم في منطقة تيجراي الشمالية إلى احتجاجات الشارع التي أطاحت بالحكومة السابقة التي كانت تهيمن عليها "جبهة تحرير شعب تيجراي" في عام 2018.
ورغم أنّ التيجراي يشكّلون 6% فقط من سكان إثيوبيا، فقد هيمنوا على مقاليد السياسة الوطنية بالبلاد لما يقرب من 3 عقود وحتى اندلاع الاحتجاجات، وعندما أصبح أبى أحمد رئيساً للوزراء فى أبريل 2018 وهو أول رئيس حكومة من عرقية أورومو فقد التيجراى مناصب وزارية وبعض المناصب العسكرية العليا.
وشكت عرقيات الأورومو والأمهرة، ثانى أكبر مجموعة عرقية في إثيوبيا، بالإضافة إلى مجموعات أخرى من التهميش في ظل حكم التحالف الاستبدادي القديم.
رأت جبهة تحرير تجراي أن خطة آبى أحمد الإصلاحية تستهدف قياداتها ورموزها، وفي 9 من سبتمبر الماضي، أجرت حكومة إقليم تجراي انتخابات الإقليم كما اختار برلمان إقليم تجراي، دبري صيون، رئيسا لحكومته، عقب انتخابات أعلنت أديس أبابا عدم دستوريتها، فاتخذ البرلمان الإثيوبي بغرفتيه، عدة قرارات عقابية ضد حكومة الإقليم، من بينها قطع التمويل ومنع التعامل معها باعتبارها حكومة غير شرعية.
ولاتزال الحرب النزاع الدائر بين التيجراي وجيش إثيوبيا يحصد مزيدا من الأرواح ويتسبب فى وضع 350 ألف فى خطر المجاعة ونزوح الملايين إلى السودان.