20 عاما من الحرب في أفغانستان تقترب من نهايتها، فمنذ أن قادت الولايات المتحدة الأمريكية، القتال ضد حركة طالبان وتنظيم القاعدة، وغيرها من الحركات الإرهابية المسلحة، في عام 2001 بعد هجمات الحادى عشر من سبتمبر، تحلم تلك الجماعات الإرهابية بالسيطرة على الأرضي والعودة إلى الساحة الإرهابية العالمية من جديد، وخاصة بعد أن أعلنت واشنطن أنه بحلول سبتمبر 2021 المقبل سوف تكتمل عملية سحب قواتها بشكل كامل من الأراضي الأفغانية، وأكد الرئيس الأمريكي جو بايدن أن بلاده "حققت أهدافها" بـ"مكافحة التهديد الإرهابي".
لكن بعد اكتمال الانسحاب الأمريكي الكامل، من المتوقع أن تحتفظ الولايات المتحدة بما يتراوح بين 650 جنديا إلى ألف جندي في أفغانستان لحراسة السفارة الأمريكية ومطار كابول والمنشآت الحكومية الرئيسية الأخرى.
القوات الأمريكية في أفغانستان
وليست أمريكا فقط التى تقوم بسحب قواتها من أفغانستان، وإعادة جنودها إلى الوطن، فقد أعلنت بريطانيا كذلك الأمر، وقال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إن معظم قوات بلاده انسحبت من أفغانستان، معلناً انتهاء دورها الرسمي في الصراع الذي استمر عقدين.
وفي 20 يونيو أيضا، استكملت ألمانيا وإيطاليا عملية سحب قواتهما من أفغانستان، والتي بدأتاها في مايو 2021، لتسدلا الستار على تواجدهما في البلاد طوال 20 عاماً، وسبق أن سحبت دول أخرى قواتها مثل الدنمارك وإستونيا وإسبانيا وأستراليا، التي كانت تساهم بجنود أقل في المهمة.
ومع مغادرة القوات الأجنبية أفغانستان تقع المسئولية الكاملة على الجيش الأفغاني لحماية الأراضي والأرواح، لكن يبدو أن هذا الأمر ليس بالسهل، ففي الأيام الأخيرة، بدأت طالبان بتوسيع نفوذها وكذلك بالاستيلاء على عدة مناطق واحدة تلو الأخرى، واجتاحت القواعد التي استسلمت فيها القوات الحكومية المحبطة، وتواصل هجماتها في عدة مناطق بالموازاة مع الانسحاب العسكري الأمريكي حيث أعلنت "طالبان" في 8 يوليو 2021، أنها باتت تسيطر على 85 بالمئة من الأراضي الأفغانية، لكن لا يمكن تأكيد هذه التصريحات.
مسلحو طالبان
فمع سيطرة حركة طالبان على العديد من المناطق في أفغانستان، يمنح ذلك الأمر تنظيم "القاعدة" الإرهابي، الفرصة لإعادة بناء شبكتها، ليس فقط بل من المحتمل إعادة تدبير هجمات حول العالم مرة أخرى.
فمما لا شك فيها أن سيطرة طالبان على الأراضي ورحيل القوات الغربية من أفغانستان، سيعزز فرصة تنظيمي القاعدة وداعش الإهابي بولاية خراسان، في توسيع عملياتهما في أفغانستان، أو ربما غيرها من الدول المجاورة.
وأكد تقرير للأمم المتحدة صدر في أوائل العام الجاري حول التهديد العالمي للإرهاب، أن لدى تنظيم القاعدة "طموحات كبيرة، فهي مازالت متماسكة، ونشطة في العديد من المناطق، ولديها طموح في أن تطرح نفسها أكثر على المسرح الدولي"، وفي فبراير 2020، حذر أيضا رئيس الاستخبارات البريطانية أليكس يونج من عودة القاعدة.
مسلحو القاعدة
تنظيم القاعدة الإرهابي يعتمد أيضا على فروع في عدة أقاليم ودول، مثل (القاعدة في المغرب الإسلامي - القاعدة في شبة الجزيرة العربية - القاعدة في شبه القارة الهندية - جماعة نصرة الإسلام والمسلمين في مالي وغرب أفريقيا- حركة الشباب في الصومال - تحرير الشام)، للعودة إلى ساحة الإرهاب الدولية.
فلا تزال العلاقة وطيدة بين حركة "طالبان" وبالأخص "شبكة حقاني" التابعة لها وتنظيم "القاعدة"، وهي علاقة قائمة على الصداقة وعلى تاريخ مشترك من النضال والتعاطف الإيديولوجي
داعش يعتمد على الذئاب المنفردة
نظرا للإجماع الدولي على التخلص من تنظيم داعش الإرهابي في مناطق انتشاره، والتضييق الأمني والعسكري، التى تنفذه الجيوش النظامي ضد عناصر التنظيم المتطرف، لجئ الأخير إلى ما يسمى بالذئاب المنفردة، وهو عبارة عن خلايا فردية وصغيرة تعمل بسرية، بدلًا من العمل داخل هيكل القيادة، وتنفذ أجندة التنظيم، وأكبر مثال على ذلك هو عمليات الطعن والدهس المنتشرة في أوروبا.
ورغم الخلاف والقتال بين عناصر تنظيم القاعدة من جهة ومسلحى تنظيم داعش الإرهابي من جهة أخر، إلا أن انسحاب القوات الغربية من أفغانستان، وسيطرة طالبان على العديد من الأراضي، سيعزز قدرة تلك التنظيمات على إعادة الهيكلة وترتيب عناصرها مرة أخرى، بالإضافة إلى اعتماد داعش على هذه العناصر المنفردة لتنفيذ عمليات إرهابية، وهذا هو رهانه في القتال.
مسلحو داعش في أفغانستان
ومن شأن إعلان واشنطن انسحاب كامل القوات الأمريكية من أفغانستان في الذكرى العشرين لاعتداءات 2001، أن يطمئن من يريدون نهاية الحرب، لكنه يثير قلق من يخشون عودة حركة طالبان وتنظيم القاعدة وداعش الإرهابي، وخاصة في منطقة الشرق الأوسط، وتحديدا في منطقة الشام التى تشهد انتشار المسلحين والإرهابيين منذ عام 2011.
مخاوف من العمليات الإرهابية فى الشرق الأوسط
لدى الجميع قلق من الانسحاب الغربي العسكرى من أفغانستان، الذى يجعل هذه الأراضي مركزا للجماعات الإرهابية، فحذر قائد الجيش الأمريكي السابق، الجنرال جاك كين، من وجود "احتمال كبير لعودة القاعدة وداعش إلى الظهور".
كما خلص تقييم للاستخبارات الأمريكية كشفت عنه صحيفة "وول ستريت جورنال" إلى احتمال سقوط الحكومة الأفغانية في غضون 6 أشهر فقط من اكتمال انسحاب أمريكا من أفغانستان.
فحالة الفراغ الأمني، التي ستشهدها أفغانستان بعد الانسحاب، يغرى الجماعات المتطرفة على تنفيذ عمليات إرهابية، بالإضافة إلى تنفيذ عمليات إنتقامية من القوات الأمريكية المتواجدة في العراق أو سوريا، مما يجعل منطقة الشرق الأوسط تعيش في قلق متزايد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة