تمر اليوم الذكرى الـ34، على رحل أبو المسرح العربي الأديب الكبير توفيق الحكيم، إذ ولد في 26 يوليو عام 1987، وهو أحد رواد الرواية والكتابة المسرحية العربية ومن الأسماء البارزة فى تاريخ الأدب العربى الحديث، وكانت مسرحيته المشهورة أهل الكهف فى عام 1933 حدثًا مهمًا فى الدراما العربية فقد كانت تلك المسرحية بدايةً لنشوء تيار مسرحي عرف بالمسرح الذهني.
عاش مع والده فى مزرعة تقع فى محافظة البحيرة على طريق مدينة دمنهور، كما أن والديه كانا من أصول مختلفة، وربما اعتبر هذا سببًا فى التقلبات التى مر بها توفيق؛ فكانت أمه تحاول دائمًا إخراجه من القالب الذى يعيش فيه وبشكل لا يناسب ليونة ذِهنه كطفل، فانتقل من حالة النشاط والحيوية التي يصحبها الذهن المرن والفكر الخيالي اللذين يواكبان العقل إلى حالة الانعزال والانغلاق على نفسه؛ ليكوّن بعدها شخصيّة ذاتيّة له.
عاصر الحربين العالميتين 1914 – 1939، وعاصر عمالقة الأدب فى تلك الفترة مثل مصطفى صادق الرافعى وطه حسين والعقاد وأحمد أمين وسلامة موسى. وعمالقة الشعر مثل أحمد شوقى وحافظ إبراهيم، وعمالقة الموسيقى مثل سيد درويش وزكريا أحمد والقصبجي، وعمالقة المسرح المصرى مثل جورج أبيض ويوسف وهبى والريحاني.
شهدت الفترة الممتدة بين ثورة 1919 فى مصر ضد الحكم البريطانى وثورة 1952 تطورًا واضحًا فى الأدب المصرى الحديث فى الدراما والرواية والقصص القصيرة، وتُعتبر رواية الحكيم التى صدرت عام 1928 بعنوان "عودة الروح" كلاسيكية خالدة حيث تنبأت بثورة جمال عبد الناصر. واعتُبرت الرواية التالية للحكيم "عودة الوعي" الإشارة الفكرية للرئيس أنوار السادات، ورفض واضح للحركة الناصرية، أثارت هذه الرواية جدلًا كبيرًا عندما نُشرت لأول مرة فى مصر والعالم العربى الأجمع، على اعتبار الحكيم من الدائرة الضيقة المحيطة بالحركة الناصرية وشغله لمناصب ثقافية رفيعة مثل ممثل مصر فى وكالة اليونيسكو خلال فترة حكم عبد الناصر.
شهد عام 1933 نشر أول مسرحيةٍ فلسفية للحكيم بعنوان "أهل الكهف" وهى قصة مستوحاة من القرآن، وكانت هذه المسرحية البداية للعديد من المسرحيات التى أصبحت أساسًا كلاسيكيًا للأدب العربى الحديث.
سمى تياره المسرحى بالمسرح الذهنى لصعوبة تجسيده فى عمل مسرحى وكان توفيق الحكيم يدرك ذلك جيداً حيث قال فى إحدى اللقاءات الصحفية : "إنى اليوم أقيم مسرحى داخل الذهن وأجعل الممثلين أفكارا تتحرك فى المطلق من المعانى مرتدية أثواب الرموز، لهذا اتسعت الهوة بينى وبين خشبة المسرح ولم أجد قنطرة تنقل مثل هذه الأعمال إلى الناس غير المطبعة. كان الحكيم أول مؤلف استلهم فى أعماله المسرحية موضوعات مستمدة من التراث المصرى وقد استلهم هذا التراث عبر عصوره المختلفة، سواء أكانت فرعونية أو رومانية أو قبطية أو إسلامية لكن بعض النقاد اتهموه بأن له ما وصفوه بميول فرعونية وخاصة بعد روايته عودة الروح.
حصل فى عام 1958 على قلادة الجمهورية من الرئيس جمال عبد الناصر لمساهماته المختلفة وخاصةً عن عمله المميز "عودة الروح" الذى يعتقد أنّه ألهم عبد الناصر نفسه إضافةً إلى الجيل بأكمله، حيث كانت تحمل رموزًا مختلفة تعود إلى مصر القديمة وأمجادها الخالدة التى عمل عبد الناصر على إحيائها.
وحصل فى عام 1962 على جائزة الدولة التقديرية لإخلاصه للفن وبشكلٍ خاص الدراما، بالإضافة إلى إشعاله الروح القومية من خلال كتاباته الدرامية، إخلاصه لحركة التطور الاجتماعي، واهتمامه العميق بإنهاء كافة مظاهر الظلم والفساد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة