تم الكشف عن صورة حية للاعتداءات والتحرش الجنسي في حياة المراهقين في الأشهر الأخيرة، لكن نادرا ما يتحدث الأهل عن الاضطرابات العاطفية التي يواجهونها، ويروي أب وأم قصتهما حسبما نقلت بي بي سي عربي.
شعر أندرو (ليس اسمه الحقيقي) بالوحدة والعجز وهو يحاول مواساة ابنته بعد أن تعرضت للإذلال والاعتداء. فهي مثل العديد من الفتيات المراهقات، تعرضت للإبتزاز والتلاعب والإكراه.
وقال أندرو: "تم تشجيعها على التقاط صور شبه عارية ثم أرسلتها إلى ذلك الصبي ولكن حدث شيء ما وقام بنشرها في جميع أنحاء المدرسة".
وأضاف أندرو قائلا إن ابنته تعرضت بعد ذلك للسخرية والتحرش وقد أثر ذلك على صحتها العقلية، وقال أندرو: "لم ترغب في الذهاب إلى المدرسة، ولم تعد ترغب في ركوب الحافلة لأنه كان عليها أن تتحمل النظرات والتعليقات".
وتابع قائلا إنه يبدو أن المدرسة لا تعرف كيفية التعامل مع هذا الموقف، وقال: "إنهم لم يصلوا أبدا إلى جذر المشكلة، إنهم لا يعرفون ماذا يفعلون".
وكانت المدرسة قد اقترحت على الأسرة إبلاغ الشرطة بالحادث، لكن ابنته لم ترغب في الكشف عن اسم الجاني، ولم يكن مجرد إرسال الرسائل الجنسية والإذلال عبر الإنترنت هو الذي دفع صحتها العقلية إلى حافة الهاوية.
ومرة أخرى، عندما كانت ابنة أندرو بالخارج مع أصدقائها، قامت مجموعة من الصبية بترويعهم، وأجبرت الابنة على القيام بعمل جنسي قبل أن يسمحوا لها بالرحيل.
وبعد فترة وجيزة، بدأت ابنته في إيذاء نفسها وفي إحدى الأمسيات وجد مذكرة جعلته يخشى من إقدامها على تناول جرعة زائدة من الدواء.
وقال أندرو: "إنه لأمر مروع للغاية أن تمر بموقف من هذا القبيل، لحسن الحظ، لم يحدث ذلك أبدا، ولكن تلك المذكرة كانت بمثابة الصرخة طلبا للمساعدة، فعندما تعتقد أن طفلك يمر بهذا النوع من الأزمات.. تشعر أنك عديم الفائدة.. تشعر أنه لا يوجد شيء يمكنك القيام به للمساعدة".
ويريد أندرو القيام بالمزيد على المستوى الوطني لمعالجة المشكلة، وقال: "إن هذه المشكلة مصدر قلق حقيقي للكثيرين، وتلقي بظلالها على الآباء والأسر وتعليم أطفالهم، ومن الواضح أننا نتحمل مسؤولية كآباء، ولكن المساعدة يجب أن تأتي من مكان آخر أيضا".
ويقترح أندرو إنشاء وكالة مستقلة للتحدث إلى الأطفال في المدارس حول هذه القضايا لتخفيف الضغط عن المعلمين، ويقول إن المدارس يجب ألا تتسامح مطلقا عند مواجهة التحرش الجنسي.
وأضاف أندرو قائلا: "يبدو الأمر كما لو كنت تحت المجهر في المدرسة كل يوم، وتدرك الفتيات تماما كيف يجب أن يبدين وكيف يجب أن يكن".
وتلقت ابنته استشارة وهي تتحسن، كما أنها تبني ببطء قدرتها على الصمود، لكنه يقول إنها لا تزال هشة، ويخشى أن تلك الأحداث ستطاردها دائما.
وقال أندرو: "بصفتك أحد الوالدين لديك هذا القلق المستمر.. ماذا سيحدث اليوم؟ من سيقول ماذا؟".
ومن جهة أخرى قالت آن (ليس اسمها الحقيقي) إنها صدمت عندما عثرت على سجل بحث ابنها على الإنترنت، وقالت: "لقد كان واضحا تماما بالنسبة لي ما الذي كان يشاهده، ولقد شعرت بالاشمئزاز والنفور".
ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي تكتشف فيها آن أن نجلها يشاهد مواد إباحية على الإنترنت، وكانت المرة الأولى عندما كان عمره 11 عاما فقط.
وكان لديهم الرقابة أبوية على المشاهدة مثل العديد من العائلات، لكن الآن بعد أن صار ابنها مراهقا بات يمكنه الالتفاف على مثل تلك الرقابة، وكان أبناؤها الأكبر سنا قد ترعرعوا بدون هواتف ذكية، ولكن الآن يمكن لابنها المراهق الوصول بسهولة إلى المواد الإباحية.
وتحدثت آن وزوجها إليه كآباء وشرحا له لماذا يعتقدان أن تلك المواد غير مناسبة وغير واقعية، ثم وجدت آن أنه كان يشاهد المزيد من المواد على منصات مختلفة.
وقالت آن عن ابنها: "إنه صبي جميل وودود، مجرد طفل عادي ودود واجتماعي، لم ألق باللوم عليه في بعض النواحي لأن تلك المواد متاحة، ولكن على الجانب الآخر، تحدثنا إليه بالفعل بعد اكتشاف الأمر في أول مرة".
ومن جانبه، قال والده إن تلك المواد قد تكون مهينة للمرأة، وتحدثت آن إلى ابنها حول كيف أن تلك المواد الإباحية ليست تجسيدا للواقع ولا تعكس ما يحدث في علاقة تقوم على الحب والحميمية.
وقالت آن لابنها: "قد تشاهد أشياء أو تظهر لك أشياء لا تفعلها بعض النساء".
وتشعر آن بالقلق بشأن ما سيعنيه ذلك بالنسبة لتوقعات ابنها من الفتيات والنساء، وقالت"أنا قلقة فقط من أن تلك المواد تجعل النساء يبدون وكأننا موجودات للجنس فقط".
وأدت زيارات نجل آن للمواقع الإباحية المجانية إلى تدفق الرسائل عليه، وتقول آن إنه يتلقى رسائل بريد إلكتروني من نساء، وهي رسائل تحوي "أشياء غير لائقة للغاية".
وتخشى آن أن تكون سنوات مراهقة نجلها مختلفة اختلافا جوهريا عن جيل مضى لأنه أصبح من الصعب جدا منع الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 16 عاما من مشاهدة المواد الإباحية.
وقالت آن: "أنا بصراحة لا أستطيع أن أقول ما سيكون تأثير ذلك، لكن المجتمع بأسره يسلم تلك المواد لهذا الجيل، لأنه لم يتم فعل أي شيء حيال ذلك".
وشددت آن ضوابط المراقبة في المنزل قيد العمل طول الوقت، لكنها تخشى أن يجد ابنها الآن في السر طرقا للتغلب على هذه القيود.
وقالت آن: "لديه أصدقاء لديهم إمكانيات وصول للإنترنت غير محدودة، لذلك فإنهم فقط يمنحونه نقطة اتصال واي فاي ساخنة. فأنت لا تقدم مجلة لطفل صغير، وتأثير الصورة المتحركة أكبر من الصورة الثابتة".
ولم تتحدث آن إلى أي من الآباء الآخرين في هذا الشأن، لكنها تشتبه في أن الكثيرين يواجهون نفس الصعوبات، وقالت آن:"إنه مثل وباء صامت لأنه لا أحد يتحدث عنه حقا، إنه مثل الشعور بالعار والإحراج، ولكن في بعض النواحي لا ينبغي أن يكون كذلك".
ماذا يمكن للوالدين أن يفعلا؟
تعمل مؤسسة بيج تولك إيدوكيشان، وهي مؤسسة اجتماعية، مع المدارس لتقديم تعليم يتعلق بالعمر الملائم للعلاقات والتربية جنسية، بالإضافة إلى إرشادات للمعلمين وأولياء الأمور.
وتقول لينيت سميث، التي أسست مؤسسة بيج تولك إيدوكيشان، إن المناقشات حول الموافقة يجب أن تبدأ مع أطفال لا تتجاوز أعمارهم 3 أو 4 سنوات، وهي لديها العديد من النصائح للآباء حول التحدث إلى أطفالهم عن أجسادهم وعلاقاتهم.
• ليس من السابق لأوانه أبدا التحدث عن هذه القضايا إذا تم إجراؤها بطريقة مناسبة للعمر، وتقول لينيت سميث: "ابدأ بمحادثات صغيرة عندما يبدأون في طرح الأسئلة".
• اهدف إلى تعزيز الرسالة بانتظام بأن الأطفال والمراهقين يمكنهم أن يأتوا إليك بأية أسئلة.
• طمأنتهم بشأن صورة الجسد لبناء ثقتهم، وتقول لينيت سميث إن طلبات إرسال صور عارية أكثر شيوعا مما يدركه معظم الآباء.
• ناقش قضايا مثل الموافقة في سن مبكرة، مع رسائل بسيطة مفادها أنه لا ينبغي لأحد أن يلمس أجسادهم إلا إذا رغبوا في ذلك، وقالت لينيت سميث: "ليس من الجيد أن تبدأ الموافقة الجنسية في سن 13 أو 14 عاما، يجب أن تبدأ الموافقة قبل ذلك بعشر سنوات".
• لا تفترض أن الأطفال الصغار لن يكون لديهم بعض الوعي بالجنس والعلاقات إذا لم تتحدث معهم أبدا عن ذلك، سوف يسمعون أشياء من الأطفال الآخرين، لذلك من الأفضل أن يناقشوا "في سياق لطيف وهادئ من العلاقات المحترمة والمحبة والرعاية".
• لا تفترض أن الأطفال الأكبر سنا قد تعلموا كل شيء في المدرسة، وتقول لينيت سميث إن على الآباء ألا يخافوا من سؤال الأطفال عما تعلموه في المدرسة، وتقول: "لا يمكننا أن نترك لهم البحث عن معلوماتهم الخاصة عبر الإنترنت من خلال المواد الإباحية".
• خصص وقتا للتحدث مع طفلك، اطرح أسئلة حول من هم أصدقاؤهم في المدرسة ومن هم أصدقاؤهم على الإنترنت، وتقول لينيت سميث: "نحن ندفع ثمن عدم التحدث إلى أطفالنا وهم يكبرون".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة