تحتفل دول التحالف الغربى بانتهاء مهامها العسكرية فى أفغانستان بعد 20 عاما من الحرب المريرة التى كان الخاسر الأكبر فيها بالتأكيد الشعب الأفغانى. وفى الوقت الذى يغادر فيه آخر جنود جيوش هذا التحالف أرض المعركة، تاركين الساحة لحركة طالبان، فإن التحذيرات من حرب أهلية وانهيار وشيك فى أفغانستان تزداد بقوة.
فقد حذر قائد البعثة التى تقودها أمريكا فى أفغانستان من أن البلاد قد تكون فى الطريق نحو حرب أهلية فوضوية مع قاعدة القوات الأمريكية والدولية الأخرى خلال الأسابيع القادمة. وقال الجنرال أوستن ميلر، فى مؤتمر صحفى إن الحرب الأهلية هى بالتأكيد طريق يمكن رؤيته لو استمرت على المسار الذى تسير عليه الآن، وأضاف أن هذا ينبغى أن يكون مبعث قلق للعالم.
وقالت صحيفة نيويورك تايمز إن بعض التقديرات الاستخباراتية سبق أن توقعت سقوط الحكومة الأفغانية فى فترة ما بين ستة أشهر إلى عامين بعد الانسحاب الأمريكى النهائى. لكن تصريحات ميلر كانت نافذة على توتر بين البيت الأبيض والبنتاجون بشأن قرار الانسحاب.
فعلى مدار اشهر، دعا بعض قادة البنتاجون إلى وجود عسكرى أمريكى دائم فى أفغانستان، مستشهدين بالمخاوف المتعلقة بمكافحة الإرهاب والحاجة لتقديم مراقبة على نقدم طالبان. لكن رد بايدن جاء فى إبريل وكان نهائيا، كل القوات الأمريكية ستنسحب بحلول 11 سبتمبر فيما عدا لحماية السفارة.
التحذيرات من انهيار أفغانستان لم تأت من صفوف القادة الأمريكيين وحدهم، فقد شاركهم نظرائهم فى بريطانيا نفس القلق. ففى مقال بصحيفة التليجراف اليوم، الجمعة، قال الجنرال اللورد دانات، الرئيس السابق للجيش البريطانى إن المهمة كان الهدف منها منح الشعب الأفغانى خيار حياة أكثر اعتدالا وسلمية. وفى نهاية المطاف، فإن قوة طالبان سادت، وحرم شعب أفغانستان من فرصة اختيار طريقة أفضل للحياة وما يزيد الأمر مأساة أن الانزلاق نحو فوضى الحرب الأهلية بات أكثر احتمالا.
ودعا اللورد دانات إلى إجراء تدقيق على غرار تحقيق تشيلكوت للحملة، وذلك بعدما كشفت التليجراف أن علم الاتحاد قد تم إنزاله فى كابول، لينهى بذلك 20 عاما من الوجود البريطانى فى البلاد.
من جانبها، قالت صحيفة تايمز إنه مع نهاية العمليات العسكرية البريطانية فى أفغانستان، حذر قادة بريطانيون سابقون من أن البلاد تواجه خطر هائل من الانهيار.
وقال الجنرال السير رتشارد بارسون، القائد السابق لقيادة القوات المشتركة إنه بعد مرور عقدين على ذهاب القوات البريطانية لأفغانستان، فإن هناك مخاوف من هجرة جماعية للشعب بسبب المكاسب التى حققتها طالبان.
وتم إعادة المئات من الجنود البريطانيين إلى بلادهم هذا الأسبوع، وأقامت الوحدات احتفالات إنزال العلم للإشارة إلى نهاية مشاركاتهم، بينما تستعد دول الناتو الأخرى لإقامة احتفال أخير. يأتى هذا فى الوقت الذى غادرت فيه آخر القوات الأمريكية قاعدة بجرام الجوية العسكرية التى تحولت إلى مركز القوة العسكرية فى أفغانستان.
وتقول شبكة "سى إن إن" الأمريكية إنه بعد ثلاثة اشهر على إعلان بايدن قراره بشأن الانسحاب من أفغانستان بحلول 11 سبتمبر، فإن وتيرة الانسحاب فاجأت البعض فى واشنطن، لكن لا يوجد مؤشر على أن الرئيس أو أى من كبار مساعديه يفكر فى الأمر مرة ثانية. وقالت مصادر من داخل البيت الأبيض لسى إن إن أن الرئيس وفريقه قد وازنوا تداعيات القرار السياسية وتلك المعلقة بالأمن القومى ولا يزالوا واثقين بأنهم اتخذوا القرار الصحيح.
وخلال الأيام الماضية، أعلنت كل من ألمانيا وإيطاليا والتشيك وهولندا وبولندا إنهاء المهام القتالية فى أفغانستان. ويأتى هذا الإصرار على الرغم من أن أجهزة الاستخبارات الأمريكية والقادة العسكريين وحتى أعضاء الكونجرس يحذرون من عدم قدرة الحكومة الأفغانية على الوقوف فى وجه طالبان بدون دعم عسكرى أمريكى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة