منذ تولى قيس سعيد الرئاسة في تونس، انطلقت بعض الشائعات المغرضة عن كونه "مرشح ورجل تنظيم الإخوان"، وبعد حوالي عامين من توليه قيادة البلاد وجه عدة رسائل لكافة الأطراف السياسية وتحذيرات لحزب النهضة والكتل البرلمانية الموالية له، والتي اتهمها بمحاولة تفجير الدولة من الداخل ونهبها المال العام والعمل على تقسيم التونسيين وتفقيرهم، ما دحض كل الأقاويل المزيفة التى أطلقت حوله.
وأبدى انزعاجا من أداء رئيس الحكومة هشام المشيشي ومؤاخذات على عمل البرلمان وتخفي أعضائه بالحصانة لارتكاب جرائم والإفلات من العدالة، لكنه لم يوضح الخطوات التي سيتخذها للجم هؤلاء.
أعطى سعيد إنذارات متعددة لحركة النهضة وأذرعها للعدول عن سياستها التى تكبد البلاد الكثير ولكن ظلت الحركة تنفذ أجندة الجماعة المكرسة لها منذ البداية غير مكترثه بتنبيهات الرئيس.
في 25 من شهر يوليو الجاري، كان قرار سعيد بإنهاء حقبة الجماعة الإرهابية التى أنهكت تونس و أعادوا البلاد عقودا للوراء، بعدما اختار الأخذ بزمام الأمور بنفسه وخوض المعركة مع هذه الجماعة في العلن وبجرأة لا توصف مسنودا بدعم شعبي لا محدود، من خلال تجميد عمل البرلمان وتجريد أعضائه من الحصانة وإعفاء رئيس الحكومة، مستخدما في ذلك فقرات أعلى قانون في البلاد، وما يسمح به الفصل 80 من الدستور.
كان الظهور الأول لقيس سعيد بعد ثورة 2011، كان هذا الرجل من الأسماء التي اكتشفها التونسيون بسبب ظهوره المتكرر على وسائل الإعلام لشرح وتحليل المسائل القانونية والدستورية المرتبطة بالقضايا السياسية، وقد تلمّسوا فيه شخصية مختلفة وطريفة في آن واحد، بسبب طريقة كلامه وأسلوب خطابه الذي يعتمد أساساً على اللغة العربية الفصيحة والتحدث بجدية ودون تشنج ودون توقف، حتى أصبح يلقب بـ"الروبوكوب" أو الرجل الآلي".
ولد قيس سعيد في 22 فبراير 1958 لعائلة من الطبقة الوسطى من أب موظف وأم ربة منزل، درس بالجامعة التونسية وتخرج منها ليدرس فيها لاحقا مادة القانون الدستوري، قبل التقاعد في 2018.
وبدأ سعيد حياته بمسار تعليمي ناجح في أبرز الجامعات التونسية، إذ حصل على شهادة الدراسات المعمقة في القانون الدولي العام من كلية الحقوق والعلوم السياسية سنة 1985 وعلى دبلوم الأكاديمية الدولية للقانون الدستوري سنة 1986 ودبلوم المعهد الدولي للقانون الإنساني بإيطاليا سنة 2001، ليصبح واحدا من أهم الأسماء البارزة في المجال القانوني والدستوري بتونس.
وكرس حياته في مهنة التدريس، حيث باشر تدريس القانون في جامعة الحقوق والعلوم الاقتصادية والسياسية بمحافظة سوسة وأشرف لفترة وجيزة على قسم القانون العام بين 1994 و1999، لينتقل لاحقا إلى جامعة العلوم القانونية والسياسية في تونس العاصمة حيث عمل هناك حتى عام 2018، وكان ضمن فريق الخبراء للأمانة العامة لجامعة الدول العربية الذي أعد ميثاق الجامعة العربية، كما كانت له مساهمة في إعداد الدستور التونسي الجديد.