من المشاكل الشائكة في عقود الإيجار التي تخضع للقانون المدني تتمثل في "تحديد مدة عقد الإيجار"، وأساس هذه المشكلة نص المادة 563 من القانون المدني والذي يتناول مشكلة عقد الإيجار غير محدد المدة إذا عقد الإيجار دون اتفاق على مدة أو عقد لمدة غير معينة أو تعذر إثبات المدة المدعاة، اعتبر الإيجار منعقدا للفترة المعينة لدفع الأجرة.
وعرفت المادة 558 من القانون المدني عقد الإيجار بأنه عقد يلتزم المؤجر بمقتضاه أن يمكن المستأجر من الانتفاع بشيء معين مدة معينة لقاء أجر معلوم، وضمن خصائصه أن عقد الإيجار عقد مسمى يرد على المنفعة، ويعتبر من العقود الرضائية، وهو عقد معاوضة وملزم للطرفين وهو من عقود المدة.
لماذا يعتبر "تحديد مدة عقد الإيجار" من المشاكل الشائكة في الإيجارات؟
في التقرير التالي، يلقى "اليوم السابع" الضوء على إشكالية في غاية الأهمية تهم ملايين الملاك والمستأجرين تتعلق بعقود الإيجار التي تخضع للقانون المدني - تحديد مدة عقد الإيجار، حيث إن الخلاف الدائم والمستمر في تفسير وتحديد المقصود بكلمة مشاهرة ليس جدلاَ عقيماَ أو ترفاَ فكرياَ، بل أنه إحدى المشكلات الشديدة الحساسية والخطورة، والتي ﻻ تؤثر فقط على العلاقة الإيجارية استمرارا وانتهاء، بل على مستقبل بعض الأشخاص ومصائرهم – بحسب الخبير القانوني والمحامى بالنقض ياسر سيد أحمد.
في البداية - هناك رأيان يتنازعان فى هذه المشكلة ولكل رأى وجاهته ويستند لبعض أحكام القضاء، حيث يتمثل الرأي الأول والذي يرى أن تفسير كلمة مشاهرة المقصود منها انعقاد عقد الايجار لأقصى مدة ممكنة فيما لا يجاوز 60 عاما وحجته في ذلك أن – وفقا لـ"أحمد":
5 عناصر تفك "طلاسم" النزاع حول كلمة "مشاهرة"
أولا:
أن عقود الإيجار ظلت ولفترة طويلة خاضعة لأحكام القوانين الاستثنائية وكان امتداد يتم وبقوة القانون، والتحول من إعمال أحكام قوانين الإيجارات الاستثنائية إلى أحكام القانون المدني، باعتبارها القواعد العامة استتبع ظهور بعض المشكلات العملية أهمها مطلقا حرص المستأجر على تدوين كلمة مشاهرة رغبة من المتعاقدين وعلى الأخص المستأجر فى التعاقد لمدة طويلة وليس لمدة شهر.
ثانيا:
إن كلمة مشاهرة والتي يوردها المتعاقدان المؤجر والمستأجر فى عقدهما المحرر فى ظل القانون 4 لسنة 1996 - القانون المدني - يقصد بها حتماً أقصى مدة إيجار ممكنه يدعم ذلك ظروف التعاقد وطبيعة الظروف الاجتماعية والاقتصادية والشخصية، باعتبار عقد الإيجار عقد ذى صبغة أسرية لا شخصية.
ثالثا:
أن تفسير كلمة المشاهرة يجب أن يتم بما يتفق مع قواعد حسن النية فى التعامل وظروف كل تعاقد على حدة.1-يجب تنفيذ العقد طبقا لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية.
2- ولا يقتصر العقد على إلزام المتعاقد بما ورد فيه، ولكن يتناول أيضا ما هو من مستلزماته، وفقا للقانون والعرف والعدالة بحسب طبيعة الالتزام، طبقا للمادة 148 من القانون المدنى.
رابعا:
أن عقد الإيجار لأحكام القانون المدنى وأن كان يتسم بصفة التأقيت فى مدته إلا أن المشرع لم يعين مدة كحد أقصى لفترة الإيجار الخاضع لأحكام ذلك القانون، كما لم يحدد حد أدنى، ومن ثم تجب إعمال إرادة المتعاقدين فى شأن تلك المدة والتى ترد بالعقد ما دامت لم تخالف نصا فى القانون كأن يكون المؤجر ليس له حق الإيجار إلا لمدة معينة كما فى حالة من يملك حق الإدارة فقط، وإذا ورد عقد الإيجار مؤبدا - لأجل غير مسمى - فإنه لا يجوز أن تزيد مدته فى أية حالة على ستين عام وإلا أنقص إليها أخذا بنظام مدة الحكر – الكلام لـ"أحمد".
خامسا:
يتحتم تحديد المقصود بكلمة مشاهرة فالمستفاد من نص المادة 563 من القانون المدني أن عقد الايجار قد يعقد دون بيان مدة العقد - خلو العقد من بيان مدته - وقد يعقد كذلك دون مدة معينة وأخيرا فأن نص المادة 563 من القانون المدني أجازت إثبات مدة عقد الإيجار بعيدا عن صلب عقد الإيجار ذاته.ويستفاد ذلك من عبارة النص - أو تعذر إثبات المدة المدعاة - أى مدة عقد الإيجار، فمسائلة مدة عقد الإيجار هى مسألة يجوز إثباتها ونفيها إذا بعيدا عن صلب الإيجار، فمدة عقد الإيجار من الأمور التي يجوز التصدي لها قضاءا من حيث تحديد تاريخ انتهاء مدة العقد، فللقاضي فى ضوء ظروف كل دعوى على استقلال أن يحدد متى ينتهي عقد الإيجار.
كلمة مشاهرة
في ضوء ما سبق يصبح الحكم المسبق على كلمة مشاهرة بأنها تعنى شهرا أو تعنى أقصى مدة لعقد إيجار، حكما غير صحيح قانونا، بل الصحيح هو تحديد معنى كلمة مشاهرة في ضوء كل حالة تعاقد على حدة، لأن كلمة المشاهرة بحاجة إلى تفسير، ففي بعض عقود الإيجار قد تعنى كلمة مشاهرة أن مدة عقد الإيجار شهرا، ويكون ذلك هو المعنى الحقيقي الذي أراده طرفي العقد المؤجر والمستأجر، وفى عقود إيجار أخرى قد يكون لكلمة مشاهرة معنى أقصى مدة لعقد الإيجار في ظل قواعد وأحكام القانوني المدني، وهى مدة 60 عاما قياس على امتداد حق الحكر الواردة بالمادة 999 من القانون المدني.
والمسألة أولا وأخيرا "إثبات ونفى"
ولا يمكن تفسير كلمة مشاهرة إلا ببيان ظروف التعاقد وملابساته حيث ان التفسير أحد وسائل وطرق تطبيق القانون والقاضي ملزم في تفسير العقود تحديدا - ومنها عقد الإيجار - بالأخذ بما أراده المتعاقدين حقيقة دون أن يتقيد بالألفاظ والعبارات التي استعملاها، صحيح أنه يكون لا تفسير مع صراحة اللفظ والعبارة إلا أن ذلك رهين ومشروط بأن تكون الألفاظ والعبارات التي دونت بصلب العقد تعبر وبصدق عما أراده المتعاقدين - المؤجر- المستأجر - بالفعل، فالعبرة باللفظ أو العبارة التي تعبر عن الإرادة وما اتجهت إليه فإذا أراد المتعاقدان شيء محدد ولم تعبر الألفاظ والعبارات التي استعملاها عنه، أو أدت لمعنى لذلك تحتم الأخذ بالإرادة الحقيقية للمتعاقدان.
ولمحكمة الموضوع السلطة المطلقة فى تفسير جميع العقود والشروط بما تراه أوفى بمقصود المتعاقدين منهما دون أن تتقيد بألفاظهما مستعينة فى ذلك بجميع ظروف الدعوى وملابستها ولها أن تستعين بالبينة والقرائن فى ذلك، طبقا للنقض 396 لسنة 49 ق جلسة 23/5/1981.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة