كنا شبابا وكنا نضحك ونخلط الجد بالهزل دون أن ندرى، وما أكثر الهزل الذي يستحيل إلى جد، وإلى جد مؤلم أحيانا. وكان مثار الحديث الضاحك، الحياة في أفريقيا واستكشاف مجاهل قارتنا التي ننتمي إليها وكسر أسوار الخوف والتردد والدفء بالصعب، لعل السهل يأتي لاحقا. وبدأ لى - فيما يخصني - أن خاطر بالعمل في أفريقيا، بما قد يكتنفه من بعض المغامرة - يستحق التجربة والمخاطرة. فكما تحدث البعض عن الجانب المشرق والمرح من تجربة العمل والعيش في أفريقيا إيجابيا، تحدث آخرون وسمعت من آخرين عن صور سلبية للعمل وللعيش في أفريقيا. ولكل في الحياة رأيه وخبراته وقناعاته التي تحركه أو تحفزه للتحرك. فلما سنحت لى فرصة للعمل في أفريقيا لم أرهق نفسي تفكيرا ولا خوفا، ورحبت بالعرض آملا في تجربة ناجحة تملؤها الإيجابيات أكثر مما يثقلها من سلبيات، وليس اندفاعا بلا حساب. فحتى المغامرة لها حساباتها، وإلا تحولت إلى مقامرة غير مقبولة وخطيرة العواقب .
شرعت من فوري في الاستعداد للسفر إلى هذا البلد الأفريقي الصديق الواقع على المحيط الأطلنطي بشغف وحبور، حتى أني لم أتردد في الاعتذار عن دخول امتحانات النصف الأول من السنة الأولى لي بكلية الحقوق حينها، لأسافر في أقرب وقت ودون تأخير. فقد درست الطب البيطري في جامعة القاهرة وتخرجت فيها ثم قررت أن أدرس القانون في كلية الحقوق في جامعة القاهرة أيضا، حبا في الدراسات القانونية ودعما لخلفيتي الأكاديمية.
في الموعد المحدد كنت في سفارة البلد الأفريقي الصديق التي استقبلتني بترحاب وبساطة محببة. وبعد قليل من الانتظار، استقبلنى السفير ذاته وكان رجلا لطيفا في منتصف العمر ويرتدي زيا أفريقيا أبيض. فتحدثت ومضيفي حديث وصداقة عن الحياة ومشاغلها بصفة عامة، ثم سألته سؤالا مباشرا عن الحياة في بلده وعن مدى توفر أسبابها، فرد الرجل تلقائيا وببساطة مؤكدا على استتباب الأمن فى بلده وتوفر كافة سبل العيش والراحة المطلوبة وعدم الحاجة إلى القلق .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة