سعيد الشحات يكتب: ذات يوم..14أغسطس 1965جليل البندارى يكشف سر تسجيل أم كلثوم كلمات أغنية «بعيد عنك» بصوتها أثناء هزيمة الزمالك من الاتحاد ستة أهداف لهدفين

السبت، 14 أغسطس 2021 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم..14أغسطس 1965جليل البندارى يكشف سر تسجيل أم كلثوم كلمات أغنية «بعيد عنك» بصوتها أثناء هزيمة الزمالك من الاتحاد ستة أهداف لهدفين جليل البندارى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فاجأت سيدة الغناء العربى أم كلثوم جمهورها، بإلقائها كلمات «بعيد عنك»، كمقدمة للأغنية المسجلة على أسطوانة، فبحث الكاتب الصحفى الشهير جليل البندارى عن السر، وكتبه فى مقال بديع بعنوان «فى مصنع الشعر والنغم والتنهدات»، فى «أخبار اليوم» 14 أغسطس، مثل هذا اليوم، 1965، وذلك فى بابه الأسبوعى «ليلة السبت»، الذى يقدم فيه خبرا فنيا جديدا كحدوتة درامية يوظف فيها أحداثا أخرى ببراعة، وفى هذا المقال ربط بين ما فعلته أم كلثوم، بهزيمة الزمالك من الاتحاد السكندرى بستة أهداف لهدفين، يوم 10 أغسطس، 1965 فى الدورة الصيفية بالإسكندرية.
 
يكتب: «أم كلثوم إذا اختارت أغنية أصبحت هذه الأغنية خبرا مهما، وإذا حذفت بيتا من قصيدة وأضافت بيتا آخر، اختفى البيت الأول من الوجود، وأصبح البيت الآخر أشهر من الإسبرين والشاذلى - نجم كرة القدم فى الستينيات - والكوكاكولا، وأم كلثوم إذا غنت يصبح غناؤها خبرا مهما، وإذا لم تغن بسبب وعكة أو برد أو زكام، يصبح هذا الخبر مهما جدا، ومنذ ليلة العيد، وأنا أتابع تحركاتها من البيت إلى ستديوهات الإذاعة، أو صوت القاهرة، حتى استطعت أن أضع يدى على هذا الخبر المهم الذى أقدمه لك اليوم فى ليلة السبت، على صنية من الذهب.
 
هى لوحة كلثومية جديدة لم يسبق لك أن رأيتها أو استمعت إليها، رسمتها أم كلثوم بصوتها، وكتب كلماتها شاعر الفضاء مأمون الشناوى، وألف موسيقاها بليغ حمدى الشهير بشارع التنهدات، فمنذ خمسة أيام فقط فاجأتنى كما ستفاجئ الملايين بصورة صوتية جديدة، لم تحدث فى تاريخ الأغانى والألحان والأسطوانات، فقد أضافت مقدمة رائعة لصلوات مأمون الشناوى الجديدة فى معبد أم كلثوم..معبد الحب والبعد والهجران والعذاب، أدت هذه الصلوات بصوتها وحده، فجاءت أبلغ وأعمق من جميع مقدمات أغانيها من أول «رق الحبيب» لغاية «سيرة الحب».
 
فى الطريق إلى مباراة الزمالك والاتحاد التى هزم فيها الاتحاد بطل الدورى بستة أهداف لهدفين، تهت فى شوارع الإسكندرية، ورأيت نفسى فجأة أمام باب مصانع أسطوانات صوت القاهرة، كان أمامى ساعة كاملة على المباراة فطرقت الباب، ودخلت المصنع، مصنع الشعر والنغم والتنهدات، لأرى عشرات العمال والعاملات بثيابهم الزرقاء فى لون فانلات الترسانة، كلهم منهمكون فى إخراج أول أسطوانة من صلوات أم كلثوم الجديدة التى تقول فيها: «بعيد عنك حياتى عذاب»، وأمضيت أكثر من ساعة حتى رأيت الأسطوانة أو بروفة الأسطوانة تخرج إلى النور، ونسيت وأنا استمع إلى صلوات شاعرة الحب والجمال مباراة الاتحاد والزمالك، وعشت معها فى أدائها الجديد لحظات لا تحتسب من العمر.
 
ما كادت الأسطوانة تدور حتى ترامى إلىّ صوت أم كلثوم، وكأنها تهمس فى أذنى بسر عاطفى خطير، كانت الكلمات تخرج من قلبها هادئة حزينة معذبة لقلبى، الذى لم يذق طعم الراحة يوم من الأيام، «بعيد عنك حياتى عذاب/ ما تبعدنيش عنك/ ما ليش غير الدموع أحباب/ معاها باعيش بعيد عنك/ غلبنى الشوق/ وغلبنى/ وليل البعد دوبنى/ ومهما البعد حيرنى/ ومهما السهد سهرنى/ لا طول بعدك/ يغيرنى/ ولا الأيام/ بتبعدنى/ بعيد عنك».
 
فى هذه اللحظة قفزت الفكرة الجديدة من رأسها إلى الشريط، وفى دقائق كان سعيد المصرى يمزج أداءها الجديد بالافتتاحية الموسيقية، ودار شريط الأسطوانة مرة أخرى بالمقدمة الجديدة، أو الصورة التى جاءت أبلغ وأعمق من جميع مقدمات أغانيها، كانت أم كلثوم قد ذهبت إلى الاستديو فى الساعة السابعة مساء لتستمع إلى الشريط، ثم تعود بعد نصف ساعة، ولكن هذا المشروع الجديد استغرق منها أربع ساعات، واتصل المهندس طه نصر، بائع الشعر والنغم والتنهدات وعشرات الألوف من أسطوانات أم كلثوم، من الإسكندرية بالتليفون ليسأل: لماذا تأخر وصول الشريط؟ وطار سعيد المصرى إلى الإسكندرية بالشريط الجديد، الذى طبعت منه أول أسطوانة، فى نفس الوقت الذى كان الاتحاد يسجل فى ضيفه الزمالك هدفا بعد هدف حتى وصل إلى ستة أهداف، وفى الشوط الثانى سحت دموع جلال معوض أمام الكابتن حسين مدكور وهو يذيع المباراة، ورأيت جورج سعد - كبير مشجعى الزمالك - يغمى عليه ويبكى بحرقة، وقال لى وأنا أوصله إلى بيته إنه يشعر بضيق فى التنفس، وتركنى وهو يضرب كفا بكف، ويكلم نفسه ويقول: لوحد قالها لى كنت أقول بيهزر، لكن شفتهم بعنيا دول، إخص عليك يا أبورجيلة، مش حرام عليك يا يكن؟!
 
خرجت من المصنع إلى مباراة الاتحاد والزمالك، ومن المباراة إلى بيت كبير المذيعين جلال معوض، على البحر لمواساته، رغم أن دموعه لم تنقطع طوال الليل على الزمالك، ولكن الشىء الذى ظل يدوى فى أذنى وجعلنى أعيش تلك اللحظات التى لم تحسب من عمرى، هو صوت أم كلثوم وهى تؤدى صلوات الحب فى أغنيتها الجديدة. 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة