الأنباء الوارد من أفغانستان والتي تؤكدها وكالات الأنباء العالمية بأن تنظيم طالبان على وشك الدخول أو اقتحام العاصمة الأفغانية كابول بعد أن تمكن التنظيم من السيطرة على حوالي 18 ولاية أفغانية من بين 34 ولاية أى أكثر من نصف البلاد تقريبا بعد الانسحاب السريع والمفاجئ للقوات الأميركية من أفغانستان بعد حرب طويلة الأمد منذ اعلان الحرب على الإرهاب عقب أحداث سبتمبر 2001
الحرب على الإرهاب استمرت حوالي 20 عاما بزعامة الولايات المتحدة الأميركية التي قادت تحالفا دوليا لشن حروبا عسكرية ضد الدول المتهمة بالإرهاب وأضعفها أفغانستان. وهو التناقض الذي سخر منه العالم وقتها. فقد دعمت واشنطن كافة الحركات الإسلامية في أفغانستان وحشدت دول المنطقة معها ومنها مصر لمواجهه الغزو السوفيتي لأفغانستان قى نهاية السبعينات وبداية الثمانينات ثم عادت لمحاربتها عقب أحدث 11 سبتمبر
تعرض العالم العربي والإسلامي في بداية الثمانينات لأكبر عملية خداع عن الحرب في أفغانستان ووظفت بعض الأنظمة العربية الحاكمة الدين في مواجهه ما أسموه بالمد الشيوعي ضد الإسلام وتصورنا وقتها أنها حرب بين " الكفر " و" الايمان" قبل أن نكتشف أن المجاهدين لم يكونوا سوى تجار للحشيش المخدرات وصنيعة الولايات المتحدة الأميركية.. وضاعت أموال التبرعات والهبات هباء...!
الأوضاع تبدلت واستقرت القوات الأميركية وقوات عدد من الدول الأخرى في أفغانستان لعقدين من الزمن ثم قررت في إطار خطة التقشف تخفيض ثم سحب القوات الأمريكية خلال الشهر الماضي من الأراضي الأفغانية دون تجهيز جيش وطني قوي وقادر على مواجهة تنظيم طالبان الذى خاض معارك الكر والفر كونه عصابة يتجاوز عددها حوالى 3 آلاف مسلح أو تشكيل حكومة اصطفاف وطني لعرقيات وقوميات مختلفة وفى بعض الأحيان متناحرة
التركيبة الاجتماعية والعرقية الخادعة والمراوغة للمجتمع الأفغاني ضللت الجميع بما فيهم الولايات المتحدة، فقد ظن البعض أن هزيمة طالبان في سبتمبر 2011 ثم مقتل أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة. تعدد الولاءات والانتماءات داخل المجتمع الأفغاني ساعدت طالبان على استعادة قوته من جديد وشكلت الأوضاع الاجتماعية والسياسية لأفغانستان بيئة حاضنة بما فيه الكفاية للتنظيم فجاء الانهيار السريع لدولة ضعيفة والتي وصفته صحيفة الواشنطن بوست بأنه" جزء من الهزيمة البطيئة والطويلة للولايات المتحدة "
فمن يشاهد صور الجنود والقيادات والمحافظين وهم يستسلمون لمسلحي التنظيم بل وينضمون لطالبان، يجد نفسه أمام تساؤلات غامضة.. ماذا حدث وكيف حدث وأين الدولة وأين الجيش الوطني كيف تمكن حوالي 60 ألفا من مقاتلي الحركة، بأسلحة تقليدية ودون تدريب مناسب على أساليب الحرب الحديثة، من هزيمة أكثر من ربع مليون جندي بالجيش الأفغاني، مزودين بكل أنواع الأسلحة الحديثة، بما في ذلك سلاح الطيران، ويتلقون مساعدات دولية استثنائية؟
ماذا كانت تفعل الولايات المتحدة طيلة هذا الوقت في أفغانستان.. هل كانت مجرد قوات ذات طبيعة محددة ثم لا علاقة لها بما دمرته. هل كانت مثل الملوك الذين إذا دخلوا قرية...وهو ما حدث في العراق بعد ذلك...؟
ومن يحاسب من على تكلفة الحرب في أفغانستان. من يحاسب على ضياع تريليون دولار-هي حجم التكلفة –كما قال الرئيس الأميركي بايدن
هل يعيد التاريخ نفسه.. وما موقف روسيا في حالة السيطرة التامة لطالبان على أفغانستان الذي يجاور ثلاث جمهوريات موالية لموسكو وهي تركمانستان وطاجيكستان وأوزبكستان.. وما موقف إيران أيضا. والجارة الكبرى باكستان
هل تعلن طالبان رسميا امارة أفغانستان الإسلامية تنضوي تحت رايتها مئات التنظيمات الإسلامية المسلحة فوق أرض خصبة لجماعات إرهابية مثل القاعدة أم ان هناك فوضى وحرب أهلية تنتظر البلاد
وكما قالت صحف أمريكية " سوف تكون ذكرى حزينة اذا حلت 11 سبتمبر المقبل وقد انتصرت طالبان وعادت القاعدة "
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة