سقوط يشبه قطع الدومينو، واحدة تلو الأخرى سقطت كافة المدن الأفغانية فى أيدى جماعة طالبان وكان السقوط الأكبر والذى دوى صداه فى العالم كله هو سقوط العاصمة كابول الأهم والأشهر صباح الأحد 15 أغسطس، ليفر بعدها بساعات كبار رجال الدولة والجنود والرئيس أشرف غنى، تعقبه البعثات الأجنبية وإجلاء الرعايا، ويحاول المدنيون الهروب من المطارات فى مشهد مضطرب، وتتحول دول الجوار الأفغانى إلى مواطن لجوء.
وبين مشهد السقوط والهروب، تثار عدة تساؤلات حول تداعيات ما يحدث فى أفغانستان على محيطها الاقليمى والتى بدا عليها عبء ومسئولية كبرى تتمثل فى ضبط حدودها أمام فوضى وعنف وجماعات مسلحة قد ستسعى مستقبلا لتصدير أفكارها بقوة السلاح.
في إيران الجارة الغربية لأفغانستان حيث يجمعهما حدود جغرافية مشتركة تبلغ نحو 920 كيلومترًا، ويعد اقليم سيستان وبلوشستان الإيرانى ذو الأقلية السنية من أكثر الاقاليم المتخمة مع أفغانستان المعروف بجباله الوعرة واضطراباته الداخلية، فضلا عن امتدادت عرقية عبر الحدود، حاول المسئولون الإيرانيون تجنب الهجوم على طالبان بشكل مباشر، بل تحدثوا عن بناء مستقبل جديد لكابول بعد الهزيمة الأمريكية فيها.
وباعتبارها الحديقة الخلفية لإيران، قال الرئيس الايرانى إبراهيم رئيسي فى أول تعليق به "لهزيمة العسكرية لامريكا وخروجها من افغانستان يجب أن تتحول الى فرصة لإعادة الحياة والأمن والسلام المستدام في هذا البلد، طهران ستسعى لإرساء الاستقرار في أفغانستان باعتبارها دولة جارة وشقيقة كل الفصائل للتوصل إلى توافق وطني.
وسعت إيران لمسك العصا من المنتصف، واستقبلت مدينة مشهد الإيرانية حاكم ولاية هرات السابق والقائد الأفغانى فى الحرب ضد طالبان، الجنرال محمد إسماعيل خان، والذى منحته الحركة المسلحة الأمان بعدما سقطت هرات فى يدها دون مقاومة من جانبه.
على جانب آخر حذر مسئولون إيرانيون من موجة نزوح أفغانية أكبر مما كانت تحدث فى الماضى إلى الأراضى الإيرانية، على نحو ما قال مساعد رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، عباس مقتدائي "أن التطورات الجارية في أفغانستان حالياً يمكن أن تؤدي إلى زيادة أعداد النازحين إلى البلدان الأخرى". كما أعلنت خارجية طهران، نقل موظفي القنصليات في كل من مزار شريف وجلال آباد وقندهار إلى كابول، وتخفيض عدد موظفيها في كابول.
وأغلقت باكستان الجارة التى تقع جنوب أفغانستان، حدودها، وقال وزير الداخلية الباكستاني شيخ رشيد أحمد إن بلاده أغلقت معبر تورخم الحدودي مع أفغانستان المجاورة مع سيطرة حركة طالبان على الجانب الأفغاني من الحدود.
وترغب باكستان "أمنا واستقرارا وحلا سياسيا عبر التفاوض وليس عبر البنادق" في البلد الجار، أكدت الحكومة الباكستانية في مناسبات عدة أنه "لا حل عسكريا" في أفغانستان، بحسب تقرير فرنسى، والذى أكد أنه كثيرا ما وجه إصبع الاتهام لإسلام آباد على أنها تدعم حركة طالبان. وقال زير الخارجية، شاه محمود قريشي "سنعترف بحكومة طالبان عندما يحين الوقت المناسب".
وفى أوزباكستان التى تقع شمال أفغانستان، عززت بشكل مكثف حراسة الحدود مع قالت وزارة خارجية أوزبكستان، وقال ممثل حرس الحدود في أوزبكستان "تم اتخاذ كل التدابير الأمنية اللازمة لضمان استقرار الوضع على الحدود، وفرض التأهب بين وحدات تابعة للجيش والداخلية والحرس الوطني، في تلك المنطقة"، كما كشفت وزارة خارجية أوزبكستان إن مجموعة من 84 عسكريا من جيش أفغانستان، عبرت الحدود إلى أوزبكستان وطلبت المساعدة.
وكشفت تقارير إلى لجوء الرئيس الأفغانى إلى دولة طاجيكستان شمال أفغانستان لكن الأخيرة نفت ذلك وقالت إن طائرة أشرف غنى لم تحط على أراضينا، وبحسب الخارجية الطاجيكية في بيان لها، إن الطائرة التي تقل الرئيس الأفغاني أشرف غني، لم تدخل المجال الجوي لطاجيكستان ولم تهبط على أراضي البلاد.
فى النهاية، ترصد البلدان الـ4 المحيطة بأفغانستان مع اختلاف عقيدتها وأيدولوجيتها مع حركة طالبان ما ستؤول إليه الأوضاع مع الجارة، وتسعى السلطات لضبط الحدود بأقصى شكل ممكن، للحيلولة دون صراعات حدودية، وموجة نزوح أفغانية كبرى قد تحدث خلال الأيام المقبلة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة