ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية في عددها الصادر اليوم الأربعاء أن قادة حركة طالبان المسلحة رسموا، لأول مرة منذ استعادة السلطة في أفغانستان، الشكل الذي يمكن أن تبدو عليه سيطرتهم على البلاد، ووعدوا بالسلام في الداخل وحثوا العالم على نسيان تاريخهم الذي طالما اتسم بالعنف والقمع، مع ذلك، لا يزال المجتمع الدولي يتشكك ويترقب مدى صدقهم في ذلك.
وقال ذبيح الله مجاهد، المتحدث باسم حركة طالبان، في مؤتمر صحفي عقده في العاصمة "كابول": لا نريد أفغانستان أن تصبح ساحة معركة بعد الآن- فمن اليوم فصاعدًا، انتهت الحرب"، مضيفا أن طالبان أعلنت عفواً شاملاً، وتعهدت بعدم الانتقام من الأعداء السابقين، مناشدا موظفي الخدمة المدنية- بمن فيهم النساء- بالرجوع إلى أعمالهم.
وقالت الصحيفة -في سياق تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني- إن كلمات مجاهد، التي جاءت بعد أيام من عدم اليقين في جميع أنحاء العالم بشأن السقوط السريع لأفغانستان في أيدي حركة اشتهرت بوحشيتها، عكست رغبة طالبان في تصوير نفسها على أنها مستعدة للانضمام إلى التيار الدولي السائد، مضيفة أن الكثير من دول العالم تشعر بالقلق من تطميناتهم، لاسيما وأن طالبان فرضت، بعد الاستيلاء على أفغانستان في عام 1996، رؤيتها المتشددة حول تطبيق الشريعة الاسلامية واتباع نظام عقوبات عنيف مثل الجلد وبتر الأطراف والإعدامات الجماعية.
وأشارت الصحيفة إلى أنه في يوم أمس، أكد مسئول في إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن أن أي أصول للبنك المركزي الأفغاني في الولايات المتحدة لن تكون متاحة لطالبان، متابعة أن العديد من الأفغان، أيضًا، ما زالوا غير مقتنعين تمامًا بالوجه الجديد الذي قدمته طالبان، ووعودها بالتعددية السياسية وحماية حقوق المرأة والأقليات.
وأضافت أنه يوم أمس، واصل الأفغان الخائفون الاندفاع نحو مطار كابول الدولي، الذي ظل مسرحًا لليأس والفوضى الجماعية بعد يومين من دخول طالبان العاصمة، موضحة أنه على الرغم من تأكد طالبان أن مقاتليها كانوا يعملون على استعادة النظام، قال بعض الأفغان إنهم كانوا يبثون الخوف في بعض المناطق، حيث حذر الأمين العام للأمم المتحدة من تلقيه "تقارير مروعة عن قيود صارمة على حقوق الإنسان في جميع أنحاء أفغانستان منذ أن بدأت طالبان سيطرتها".
واستطردت الصحيفة الأمريكية تقول إن تعهدات طالبان بالاعتدال ظهرت عبر طريقة غير عادية مساء يوم أمس، عندما عقد مجاهد، الذي أظهر وجهه علنا لأول مرة، مؤتمرا صحفيا في نفس الغرفة التي كانت الحكومة القديمة تعقد إحاطاتها الصحفية قبل أيام فقط، وكان حوله عشرات الصحفيين الأفغان، بمن فيهم النساء اللواتي وُلدن في الغالب خلال 20 عامًا من التطور الغربي في البلاد، وكانوا هدفًا محددًا للعنف من قبل طالبان ومسلحين آخرين، ولكن على الرغم من الخوف المتفشي بشأن نوايا طالبان، تحدى المراسلون بشكل مباشر وعود مجاهد.
وسأله أحدهم: "هل تعتقد أن شعب أفغانستان سوف يغفر لك؟"، مشيراً إلى تاريخهم الطويل من التفجيرات والهجمات التي شنتها طالبان وأودت بحياة عشرات الآلاف من المدنيين، وأشار آخر إلى أن مجاهد جلس في نفس المكان الذي كان يجلس فيه متحدث باسم الحكومة الأفغانية قبل أن يُغتال على يد طالبان.
وأبرزت "نيويورك تايمز" أن طالبان ناشدت الأفغان بعدم مغادرة بلدهم، غير أن آلاف الأشخاص احتشدوا في مطار كابول، على أمل التشبث بإحدى الرحلات الجوية، بعد يومين فقط من فرار الرئيس أشرف غني من البلاد ودخول طالبان للعاصمة، ووسط فوضى المطار، حيث أطلقت القوات الأمريكية النار وقتلت شخصين على الأقل يوم أمس الأول وسقط آخرون في محاولة للتشبث بطائرة نقل عسكرية أمريكية عند إقلاعها، وردت أنباء عن سقوط عدة قتلى أمس، مع استمرار تدفق عشرات الآلاف من الأشخاص على المطار في محاولة للانضمام إلى أي رحلة تخرج خارج البلاد!.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة