أصدرت الدائرة "1" - بمحكمة استئناف القاهرة "طعون نقض الجنح"، حكماَ أرست فيه لمبدأ قضائي في غاية الأهمية بشأن كلمة "بإجماع الأراء" في الأحكام، قالت فيه: "صدور حكم من محكمة الجنح المستأنفة مؤيدا للحكم الصادر بالإدانة بعد استئناف النيابة العامة دون النص على أنه صدر بإجماع الآراء (باطل)".
الملخص:
المتهم حصل على براءة غيابي، فقامت النيابة العامة بالاستئناف على تلك البراءة - وهو لم يحضر - فصدر الحكم بتعديل البراءة "بإجماع الآراء" بحبس المتهم سنة، ثم عارض المتهم، فصدر الحكم بتأييد الحبس، لكن لم تكتب كلمة "بإجماع الآراء" فأبطل الأخير، وتأيد الحكم الصادر بالبراءة غيابي.
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 2665 لسنة 10 قضائية، لصالح المحامى بالنقض أحمد قناوى، برئاسة المستشار محمد عبد العزيز عثمان، وعضوية المستشارين سامى يحيى عبد العزيز، والسيد حامد أحمد، وبحضور وكيل النيابة محمود عادل عنبه، وأمانة سر أبو هاشم عبد القادر.
الوقائع.. مراحل محاكمة طبيب بسبب خطأ طبى
أسندت النيابة العامة للطاعن أنه بتاريخ 3 يناير 2015 بدائرة قسم شرطة الساحل محافظة القاهرة، تسبب خطأ في إصابة المجني عليها "منى. ع"، وكان ذلك ناشئا عن اهماله وعدم اتباعه الأصول الطبية والمهنية المعمول بها في مباشرته إحدى العمليات للمجني عليها، مما نتج عنه حدوث إصابتها الموصوفة بتقرير الطب الشرعي.
وبجلسة 17 مايو 2018 قضت المحكمة في الجنحة رقم 1019 لسنة 2018 جنح الساحل – ببراءة الطاعن – غيابياَ – فقامت النيابة العامة باستئناف الحكم، وبجلسة 19 سبتمبر 2018 قضت المحكمة الاستئنافية – غيابياَ – وبإجماع الأراء – بقبول الاستئناف شكلاَ وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداَ بحبس المتهم سنة مع الشغل وكفالة 30 ألف جنيه، فعارض المتهم استئنافياَ وبجلسة 31 أكتوبر 2018 قضت المحكمة الاستئنافية في المعارضة بقبول المعارضة الاستئنافية شكلاَ وفى موضوعها بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهم 6 أشهر مع الشغل.
الطبيب يطعن على حكم تخفيف حبسه من سنة لـ 6 أشهر لإلغاء الحكم
وفى تلك الأثناء – قرر المتهم الطعن على الحكم لإلغائه أمام محكمة النقض في 30 ديسمبر 2018، وأودع مذكرة بأسباب الطعن بذات التاريخ، وإذ تداول الطعن بالجلسات أمام هذه المحكمة وفيها مثل الطاعن بشخصه ومعه وكيله، والمحكمة قررت حجز الطعن للحكم.
المحكمة في حيثيات الحكم قالت – أنه لما كان البين من المفردات المضمومة أن الحكم المطعون فيه قد صدر بتأييد الحكم الغيابي الاستئنافي المعارض فيه من الطاعن والقاضى بإلغاء الحكم الصادر بالبراءة من محكمة أول درجة دون أن يذكر أنه صدر بإجماع آراء القضاة خلافا لما تقضى به المادة 417 من قانون الإجراءات الجنائية من أنه: "إذا كان الاستئناف مرفوعاَ من النيابة العامة فلا يجوز تشديد العقوبة المحكوم بها ولا إلغاء الحكم الصادر بالبراءة إلا بإجماع آراء قضاة المحكمة.
متى يبطل حكم الإدانة الصادر بإلغاء حكم براءة أول درجة؟
وبحسب "المحكمة" – لما كان ذلك، وكان منطوق الحكم المطعون فيه قد جاء خالياَ مما يفيد صدوره بالإجماع، كما خلا رول الجلسة الموقع عليه من رئيس الهيئة، وكذلك محضرها من إثبات صدور الحكم بالأجماع طبقا للثابت من المفردات، وكان الشارع إذ استوجب انعقاد الإجماع معاصراَ لصدور الحكم في الاستئناف بتشديد العقوبة المحكوم بها أو إلغاء الحكم الصادر بالبراءة، ، ما دل على اتجاه مراده إلى أن يكون الإجماع معاصراَ لصدور الحكم وليس تالياَ له لأن ذلك هو ما تتحقق به حكمة تشريعه، ومن ثم فإن النص على إجماع الآراء قرين النطق بالحكم بإلغاء الحكم الصادر بالبراءة شرط لازم لصحة صدور الحكم بالإلغاء والقضاء بالإدانة.
ووفقا لـ"المحكمة" – وإذ كانت العبرة فيما تقضى به الأحكام هي بما ينطق به القاضي بالجلسة العلنية عقب سماع الدعوى، فإنه لا يكفى أن تتضمن أسباب الحكم ما يفيد انعقاد الإجماع ما دام لم يثبت بورقة الحكم أن تلك الأسباب قد تليت علنا بجلسة النطق به مع المنطوق وهو ما خلا الحكم من الدلالة عليه، ولا يكفى في ذلك أن يكون الحكم الغيابي الاستئنافي القاضي بإلغاء حكم البراءة قد نص على صدوره بإجماع آراء القضاة، لأن المعارضة في الحكم من شأنها أن تعيد القضية لحالتها الأولى بالنسبة إلى المعارض بحيث إذا رأت المحكمة أن تقضى في المعارضة بتأييد الحكم الغيابي الصادر بإلغاء حكم البراءة فإنه يكون من المتعين عليها أن تذكر في حكمها أنه صدر بإجماع آراء القضاة، ولأن الحكم في المعارضة وإن صدر بتأييد الحكم الغيابي الاستئنافي إلا أنه في حقيقته قضاء منها بإلغاء الحكم الصادر بالبراءة من محكمة أول درجة.
بطلان الحكم مشروط بعدم كتابة كلمة "بإجماع الآراء" في حيثيات الحكم
لما كان ذلك – وكان لهذه المحكمة طبقا لنص الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين أنه مبنى على مخالفة للقانون أو على خطأ في تطبيقه، ما تقضى معه المحكمة بإلغاء الحكم الاستئنافي الغيابي وتأييد الحكم المستأنف الصادر ببراءة الطاعن، ولا يغير من الأمر في شيء كون الحكم قد صدر في المعارضة بتعديل الحكم الاستئنافي الغيابي والنزول بعقوبة الحبس إلى 6 أشهر ذلك أنه في واقعه هو تأييداَ للقضاء الصادر بإلغاء حكم البراءة، مما كان يستوجب صدوره بإجماع أراء قضاة المحكمة.
المحامى بالنقض أحمد قناوى - صاحب الدعوى