صفوف متراصة من أعداد لا حصر لها من النمل، تمضى فى نظام وسلاسة إلى مستعمراتها فى باطن الأرض عبر الأنفاق التي شيدتها بنفسها على امتداد عدة أمتار، لكن كيف يحفر النمل تلك الأنفاق بهذه البراعة؟، وفقًا لموقع سكاى نيوز عربية.
وكشفت دراسة حديثة نشرت في دورية "بانس" عن أسرار هذه الهياكل المعمارية الرائعة من خلال التصوير ثلاثي الأبعاد بالأشعة السينية والمحاكاة الحاسوبية، والتى خلصت إلى أن الآلية التى يبني بها النمل مستعمراته يمكن استخدامها لتطوير آلات التعدين الروبوتية.
وأنشأ خوسيه أندريد من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا وزملاؤه مستعمرات مصغرة للنمل فى حاوية تحتوى على تربة و15 من نوع نملة الحصاد الغربية.
وبعد ذلك تم التقاط موضع كل نملة وكل حبة تربة بواسطة عمليات مسح عالية الدقة بالأشعة السينية كل 10 دقائق لمدة 20 ساعة.
وأعطت نتائج الأشعة السينية للباحثين تفاصيل دقيقة حول شكل كل نفق والحبوب التى سيتم إزالتها لإنشاء النفق.
ثم أنشأ الفريق نموذجا حاسوبيا باستخدام عمليات المسح تلك لفهم القوى المؤثرة على الأنفاق.
وتم إعادة إنشاء حجم وشكل واتجاه كل حبة فى النموذج مع إمكانية حساب اتجاه وحجم القوة على كل حبة، بما في ذلك عوامل الجاذبية والاحتكاك والتماسك الناتج عن الرطوبة، وكان النموذج دقيقا بدقة 0.07 ملليمتر للماسح الضوئي.
وتشير النتائج إلى أنه أثناء قيام النمل بالحفر داخل التربة يميل إلى الالتفاف حول محور النفق، لتشكيل ما يسميه العلماء "الأقواس" في التربة التي يكون قطرها أكبر من النفق نفسه.
ويقلل وجود هذه الأقواس من الأحمال التي تؤثر على جزيئات التربة داخل الأقواس، حيث يقوم النمل ببناء نفقه، ويستطيع إزالة هذه الجزيئات بسهولة لتمديد النفق دون التسبب في أي انهيارات، إذ تجعل الأقواس النفق أقوى وأكثر متانة.
كما يميل النمل إلى حفر أنفاق مستقيمة نسبيا تنحدر بزاوية الاسترخاء للمادة الحبيبية - وهي أشد زاوية نزول أو تراجع بالنسبة للمستوى الأفقي الذي يمكن أن تتكدس فيه المادة دون تراجع - والذى كان فى هذه التجربة حوالى 40 درجة.
وبحسب الباحثين فإن النمل يتبع خوارزمية سلوكية بسيطة جدا تطورت بمرور الوقت، وهو ما عبّر عنه الباحث المشارك خوسيه أندريد بقوله: "بطريقة رائعة - ربما تكون مصادفة – طور النمل تقنية للحفر تتماشى مع قوانين الفيزياء، لكنها فعالة بشكل لا يصدق".
ويعتقد الفريق أنه إذا كان من الممكن تحليل الخوارزمية السلوكية بشكل أكبر وتكرارها في نهاية المطاف، فقد تجد طريقها إلى التطبيق في روبوتات التعدين الآلى ، إما هنا على الأرض أو على أجسام فضائية أخرى حيث تكون أعمال التعدين خطرة بالفعل وخصوصا على البشر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة