على الرغم من سيطرة حركة "طالبان" على العاصمة الأفغانية "كابول" وهروب الرئيس الأفغاني السابق أشرف غني، إلا أن الحركة لازالت تواصل زحفها نحو أخر معاقل المقاومة الأفغانية وتحديداً ولاية "بنجشير".
وأفادت وسائل إعلام محلية بأن حركة "طالبان" قطعت الاتصالات عن ولاية بنجشير التي لا تزال بؤرة المقاومة الأخيرة في أفغانستان، حيث أكدت مصادر محلية قطع الإنترنت وخدمات الاتصالات بالكامل تقريبا عن "بنجشير" التي تسيطر عليها قوات "التحالف الشمالي" بقيادة أحمد مسعود، نجل القيادي الميداني الراحل أحمد شاه مسعود.
ونقلت قناة "طلوع نيوز" أمس السبت عن عضو لجنة الثقافة التابعة لـ"طالبان"، إنعام الله سمنجاني، إعلانه أن قوات الحركة دخلت بنجشير من اتجاهات مختلفة دون مواجهة أي مقاومة، مشددا على أن الباب لا يزال مفتوحا للتفاوض وأن وفدا من "التحالف الشمالي" أجرى محادثات في كابل، غير أن رئيس وفد التحالف التفاوضي، محمد الماس زاهد، نفى صحة هذه الادعاءات، قائلا: "لا قتال في بنجشير ولم يدخل أحد الولاية".
ويأتي ذلك على خلفية ورود أنباء في الأيام الأخيرة عن محادثات بين "طالبان" و"التحالف الشمالي" بالتزامن مع استعدادات الطرفين لمواجهة عسكرية محتملة.
على جانب آخر، قالت صحيفة واشنطن بوست، إن الرئيس الأمريكي جو بايدن يخطط لسحب السفير الأمريكي وكل العاملين الدبلوماسيين من أفغانستان بحلول الثلاثاء المقبل، وليس واضحا متى أو ما إذا كانوا سيعودون إلى البلاد، بحسب ما قال مسئولان أمريكيان.
وذكرت الصحيفة، أنه على الرغم من أن حركة طالبان أعربت عن اهتمامها بأن تُبقى الولايات المتحدة بعثة دبلوماسية فى كابول، فإن إدارة بايدن لم تتخذ قرارا نهائيا بشأن شكل الوجود المستقبلى.
ويوم الجمعة، قال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس إن إدارة بايدن تناقش بشكل فعال طلب طالبان مع حلفاء وشركاء الولايات المتحدة فى المنطقة. إلا أن واشنطن لم تنخرط بعد بشكل مباشر مع طالبان لمناقشة الشكل الذى ستكون عليه البعثة الدبلوماسية، بحسب ما قال مسئول أمريكى رفض الكشف عن هويته لمناقشته مداولات سياسية حساسة.
وذهبت الصحيفة، إلى القول بأن غياب خطة تضمن أن الوجود الدبلوماسي الأمريكي فى كابول يغيب لأسابيع أو أشهر أو حتى فترة أطول، ربما يعقد قدرة جهود بايدن على الاستفادة من الضمانات الأخيرة، بأنه على الرغم من أن الجيش الأمريكي سيغادر البلاد بحلول الثلاثاء، فإن الولايات المتحدة ستواصل مساعدة الأمريكيين والأفغان الذين يريدون المغادرة بعدما الرحيل.
وسيتعين على إدارة بايدن أن تقرر أيضا ما إذا كانت ستعترف رسميا بحكومة طالبان، وهو القرار الذى ربما يستغرق قدرا من الوقت وربما يكون عاملا فى أى عودة.
وقال مسئول بوزارة الخارجية الأمريكية، ردا على سؤال حول الكيفية التي ستستطيع بها الولايات المتحدة مساعدة الباقين، قال إنهم يطورون خطط مفصلة للكيفية التي سيواصلون بها تقديم الدعم القنصلى وتسهيل المغادرة لمن يريدون الرحيل بعد 31 أغسطس. وأضاف أن الإدارة تنظر فى مجموعة من الخيارات مع الأخذ فى الاعتبار التواصل الدبلوماسي.
كما ، عادت آخر مجموعة من القوات البريطانية القادمة من أفغانستان اليوم الأحد إلى قاعدة "بريز نورتون" الجوية قادمة من كابول على متن رحلة عسكرية، لتنهي بذلك التواجد البريطاني في أفغانستان والذي استمر 20 عاما.
ونقلت شبكة "سكاي نيوز" البريطانية الناطقة بالإنجليزية اليوم الأحد لقطات حية للطائرة فور وصولها إلى القاعدة، مشيرة إلى أن القوات البريطانية المتبقية قد غادرت مطار كابول قبل الموعد النهائي الذي حدده الرئيس الأمريكي جو بايدن لسحب القوات الأمريكية من أفغانستان في 31 أغسطس الجاري .
وأضافت الشبكة البريطانية أن مغادرة القوات البريطانية تأتي في ختام عملية شهدت إجلاء أكثر من 15 شخصا خلال إسبوعين منذ سيطرة حركة "طالبان" على السلطة لتسدل بذلك الستار على التواجد العسكري البريطاني في أفغانستان والمستمر منذ نحو 20 عاما.
وفى سياق آخر ، قالت صحيفة نيويورك تايمز إن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن قد أوشكت بالفعل على إكمال سياسة تحكم ضربات الدرونز لمكافحة الإرهاب وغارات الكوماندوز خارج مناطق الحرب التقليدية، إلا أن الانهيار المفاجئ للحكومة الأفغانية وسلسلة الهجمات الأخيرة فى الصومال قد أثارت مشكلات جديدة، بحسب ما قال مسئولون سابقون وحاليون.
وبحسب الصحيفة، كانت الإدارة تأمل فى إنهاء قواعدها بحلول الذكرى العشرين لهجمات سبتمبر الإرهابية. وتم وضع تصور على أنه جزء من عملية إعادة معايرة مع سعى الرئيس بايدن لإنهاء الحرب الأبدية على الإرهاب، وإعادة توجيه سياسة الأمن القومى للكيفية التي تغير بها العالم منذ عام 2001.
إلا أن قدرة فريق بايدن على الوفاء بالموعد النهائي المحدد أصبحت الآن محل شكوك فى ظل التغير السريع للأحداث، وحالة الغموض المحيطة بالمستقبل. فالعديد من نفس المسئولين الذين طورا ووافقوا على خطة الدرونز المحدثة لأفغانستان يركزون على عمليات الإجلاء الطارئة من العاصمة الأفغانية كابول، وفقا للمسئولين.
ففي يناير الماضى، استعد بايدن لتأسيس سياسته الواسعة بشأن هجمات الطائرة المسيرة التي تستهدف التهديدات الإرهابية فى عدد من الدول التي لا تملك فيها الولايات المتحدة قوات على الأرض. ونظرت إدارته الوليدة حينئذ بشك إلى الكيفية التي وسعت بها إدارة ترامب فى عام 2017 نسخة سابقة من هذه القواعد التي فرضها الرئيس أوباما عام 2013.