تعانى فنزويلا من سنوات من العديد من الأزمات التى أصبحت تتزايد عاما بعد عام، والتى كان آخرها فيضانات بسبب الامطار الغزيرة التى أودت بحياة 20 شخصا، ولا أكثر من 54 ألف شخص متضرر، و17 شخصا فى عداد المفقودين، كما أنها تعانى من سلسلة من الانهيارات الاقتصادية الحادة على مدار السنوات الماضية، متمثلة فى تدهور قيمة العملة المحلية، والتضخم المفرط، فضلًا عن الصراع الداخلى بين الحكومة والمعارضة، والعقوبات الأمريكية المفروضة على قطاع النفط.
وأعلنت حالة طوارئ فى تسع ولايات فى وقت تضرر أكثر من 54 ألف شخص من جراء الأمطار، وفق وزير الداخلية ريميخيو سيبايوس الذى حذر مؤخرا من أن هطول الأمطار سيستمر "10 أيام أخرى"، وتقع أكثر المناطق تضررا فى ولاية ميريدا، حيث فاض نهر موكوتيس ليغمر إحدى القرى قاطعا خطوط الكهرباء والاتصالات ليرتفع عدد الضحايا إلى عشرين بعدما كان 15 حسب مسؤول محلى.
ودمرت الأمطار أكثر من 8000 منزل فى 11 ولاية، حسبما أعلن الرئيس نيكولاس مادورو الذى نسب ظواهر الطقس القصوى للتغير المناخى، وفقا لقناة "تيلى سور" الفنزويلية .
الفقر الشديد لكبار السن
ومن ناحية أخرى، قالت صحيفة "الإسبانيول" فى تقرير لها نشرته على موقعها الإلكترونى إن فنزويلا تعانى من الفقر الشديد، خاصة بالنسبة لكبار السن، الذين أصبحوا الآن يبحثون عن الطعام فى الشوارع.
وقالت الصحيفة إن كبار السن الفقراء، الذى أصبحت نسبتهم 86.9% فى البلاد، وفقا لمنظمة كونفايت، يتجهون يومى الثلاثاء والخميس غلى مركز كاسا فيرندا، بكاراكاس، وهو مركز دينى ثقافى، ويقوم بمبادرة إطعام كبار السن فى البلاد بعد حالة الفقر التى وصولوا إليها.
وقالت امرأة تبلغ من العمر 48 عاما، لصحيفة "نوتثيرو ديجيتال" إنها ذهبت إلى هذا المكان للحصول على الطعام، حيث إنها تعيش فى الشارع كما أنها مريضة.
مغادرة الأطباء وتدهور المستشفيات
ومن ناحية أخرى، قالت صحيفة "الناثيونال" الأرجنتينية إن 40 ألف طبيب غادروا البلاد بسبب عواقب الأزمة الاقتصادية وتدهور المستشفيات، وندد دوجلاس ليون ناتيرا رئيس الاتحاد الطبى الفنزويلى بمغادرة هذا العدد الكبير فى الوقت الذى تحتاج فيه البلاد إلى العاملين الصحيين.
وقال، خلال قانون بمناسبة الذكرى الـ 76 لتأسيس المؤسسة، إن أكثر من 300 مستشفى فى حالة هجر، وأضاف أن هناك 7000 عيادة خارجية، حالتها متدهورة للغاية.
وأشار ليون ناتيرا إلى أن عدد الأطباء الذين ماتوا بسبب مضاعفات مرتبطة بكورونا فى فنزويلا وصل عددهم إلى 530 طبيب، ليصل إجمالى حالات الوفاة بين العاملين الصحيين إلى 760 حالة، وذلك بسبب نقص الحماية الآمنة.
واتهم ناتيرا الحكومة بتحمل مسئولية ذلك وقال "إن الحكومة تصرفت بإهمال وغير قادرة على ضمان إجراءات الأمن البيولوجى للعاملين فى مجال المساعدة الطبية الذين يفتقرون إلى الماء والصابون ومواد التنظيف والأدوية واللقاحات".
كما طالب رئيس الاتحاد الفنزويلية بتنفيذ خطة تطعيم حقيقية ضد كوفيد -19. كما حثهم على عدم الكذب مع الأرقام التى تبلغ عن الوباء، والتى، وفقًا لحساباته، يجب مضاعفة هذا الرقم 10مرات.
نقص الوقود
وليس هذا كل شىء، فإن فنزويلا أيضا تعانى من نقص الوقود، وذلك بعد تراجع الإنتاج فى المصافى المملوكة للدولة، ما أدى إلى خلق طوابير طويلة لسائقى السيارات انتظارا لتعبئة سياراتهم.
وتعمل العاصمة الفنزويلية تعمل مرة أخرى على تقنين البنزين بعد أن عاد النقص إلى كاراكاس، مما دفع السائقين إلى التجول فى الشوارع بحثًا عن محطات تعبئة مفتوحة. وبسبب الأعطال فى محطات تصنيع الوقود Petroleos de Venezuela SA، انخفض إنتاج البنزين بأكثر من 40٪ منذ نهاية يونيو، وفقًا لمصدرين مطلعين على الوضع.
وقالت صحيفة "انفوباى" الأرجنتينية إنه رغم أن ندرة الوقود كانت منذ فترة طويلة عنصرًا أساسيًا فى الريف، سعى نظام الرئيس نيكولاس مادورو جاهدًا لحماية العاصمة كاراكاس من هذا النقص. لكن عودة ظهور الطوابير الطويلة التى اختفت منذ شهور تشير إلى أن الحكومة المحاصرة تفشل فى الوفاء بتعهدها بزيادة الإنتاج وإنهاء المشكلة بشكل دائم.
وكان وزير النفط طارق العيسمى قد تعهد بأن زيادة الإنتاج ستلبى 100٪ من الطلب المحلى على الوقود بنهاية يونيو، وأن طوابير انتظار الحصول على البنزين "ستختفي".
ومع ذلك، فى مواجهة تأثير العقوبات الأمريكية والاستثمارات الأجنبية الضئيلة، تعرضت Petroleos de Venezuela SA للإخفاقات فى العديد من أكبر مصانعها. اثنان فقط من بين ست مصافى تعمل حاليًا، وفقًا لثلاثة أشخاص لديهم معرفة مباشرة طلبوا عدم الكشف عن هويتهم لأنهم غير مصرح لهم بالتحدث علنًا عن الوضع.
وانخفض الإنتاج فى مصفاة كاردون، إحدى جواهر التاج لشركة Petroleos de Venezuela SA، إلى 40.000 برميل يوميًا من 80.000 قبل أسابيع فقط. ويرجع ذلك جزئيًا إلى حدوث صدع فى أحد صهاريج التخزين أدى إلى توقف تشغيل وحدة رئيسية، وفقًا لما ذكره الأشخاص
تمتلك فنزويلا أكبر احتياطى نفطى فى العالم يُقدر بأكثر من 303 مليارات برميل، بما يمثل نحو 18% من حجم الاحتياطى العالمى، إضافة إلى امتلاكها موارد طبيعية ثمينة، كالغاز الطبيعى وخام الحديد والذهب والألماس ومعادن أخرى، ولهذا اعتمدت الدولة على القطاع فى العديد من الأنشطة الاقتصادية، حيث يمثل النفط نحو 95% من عائدات صادرتها.
اقتصاد متدهور
وتعانى فنزويلا من انكماش الاقتصاد الفنزويلى بنحو 35% عام 2019 وبنحو 30% خلال عام 2020.
ويعانى الشعب الفنزويلى من التضخم المفرط، حيث ارتفع الرقم القياسى لأسعار المستهلكين من 17.38 مليار نقطة خلال يناير 2020 إلى 1.19 تريليون نقطة بحلول مايو 2021.
فى العام الماضى خسرت عملة البوليفار الفنزويلى 95.7% من قيمتها، ثم تدهورت مجددًا مطلع 2021 لتفقد 38.14%، ومقابل هذا التدهور المتواصل فى العملة والتضخم المفرط، يلجأ الشعب إلى استخدام الدولار، مما يزيد الطلب على العملة الأجنبية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة