أكسبتهم ثقافتهم الواسعة ومواهبهم المتعددة وحضورهم الجميل شعبية وجماهيرية واسعة جعلت الجماهير تنتظر كل طلة لهم عبر الشاشات أو الإذاعات ومنحتهم قدرة فائقة على العطاء في العديد من المجالات، فلم يقتصر عطائهم وإبداعهم على التمثيل فقط ولكنهم أبدعوا حين خاضوا تجربة المذيع ومنحوها من صفاتهم ومواهبهم فتميزوا وأصبحوا علامة في المجال الإذاعى والفنى.
ومن هؤلاء النجوم الفنان الكبير الموسوعى سمير صبرى، فهو الفنان الشامل متعدد المواهب وحياته حافلة بالإبداع فى كل مجالات الفن وتتسع مواهبه حتى أنك لا تجد توصيفًا يكفيه.
ففضلاً عن كونه فناناً شاملاً موهوبًا يبدع في التمثيل والاستعراض والرقص والغناء، فهو مذيع لامع مثقف موسوعى قدم العديد من البرامج المهمة على مدار تاريخه ولا يزال يقدم برامج مفيدة تحمل الكثير من المعلومات عن ذاكرة الفن المصرى، وكان سمير صبرى رائدًا من رواد برامج التوك شو والبرامج الاستقصائية.
ولد سمير صبرى فى 27 ديسمبر من عام 1936، بالإسكندرية التي كان لها دور كبير في تكوينه كمدينة متعددة الثقافات كان يعيش بها العديد من الجاليات الأجنبية والعربية، وكانت أسرته محبة للفنون تصطحبه معهم ليرى الفرق المختلفة ومنها فرقة الكوميدى فرانسيس أكبر فرقة فى فرنسا، وفرقة شكسبير الإنجليزية، وفرقة الأوبرا الإيطالية، وكان يجلس فى مطاعم الجاليات الأجنبية ويستمع إلى الموسيقى الكلاسيكية لبيتهوفن وموتسارت وشوبان، كما كان عدد من خالاته رؤساء لبعض الجمعيات الخيرية التي كانت تقيم حفلات تحضرها كوكب الشرق أم كلثوم، وتعلم العزف وأتقن عدداً من اللغات المختلفة، وتذوق كل ألوان الفنون وكان لكل ذلك تأثيراً على ثقافته الواسعة.
انتقل سمير صبرى إلى القاهرة مع والده، حيث أقامت الأسرة فى نفس العمارة التى يقيم فيها العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ وعدد من عمالقة الفن ومنهم فريد شوقى وهدى سلطان، ومديحة يسرى ومحمد فوزى، وفاتن حمامة، وهو ما كان له أثر كبير فى مسيرته وحياته.
وفى البداية تعرف الطفل الوافد من الإسكندرية على العندليب بحيلة ذكية حكى عنها في حوار مع اليوم السابع قائلا: «كنت أعشق العندليب وأتمنى أن اتحدث معه وألفت انتباهه، فكنت أنتظره عند الأسانسير لأركب معه، وهدانى تفكيرى أن أتحدث معه باللغة الإنجليزية، وادعيت أن اسمى بيتر وأننى أجنبى حتى ألفت انتباهه، وأكدت له اننى أعشق كل أفلامه وأتمنى أن يمنحننى بعض صوره، ففرح العندليب بأن الافلام العربية تلفت انتباه الأجانب وأعطانى صور كثيرة علقتها فى غرفتى، واستمرت هذه الخدعة لما يقرب من عام كامل حتى تصادف أن شاهدنى العندليب مع والدى، فقال له أبى أننى مغرم به وأعلق صوره فى غرفتى فكشف العندليب الحيلة وضحك"
وأمام الفنانة لبنى عبدالعزيز وقف الطفل سمير صبرى الذى يجيد أكثر من لغة لأول مرة أمام ميكرفون الإذاعة ليصور حلقة من برنامج ركن الطفل الذى تقدمه الفنانة باللغة الإنجليزية، انطلق الطفل ليغنى ويمثل ويجيب عن الأسئلة رغم رهبة الموقف، ينظر من خلف زجاج الاستديو ليرى عدد من عمالقة الفن ينظرون إليه، ومنهم العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ وعملاقة الإذاعة آمال فهمى، ورئيس الإذاعة، وقتها عبدالحميد الحديدى، وبعدما انتهى من التصوير لم يتمالك نفسه فرحا عندما رأى هؤلاء العمالقة يصفقون له ويشيدون بأدائه، و كان هذا اليوم فارقا فى حياة الطفل خاصة بعدما أبلغه رئيس الإذاعة بالتوجه إلى ذاك الرجل الذى يجلس وأمامه صندوق ومجموعة أوراق، فمنحه 50 قرشا كأجر عن تصوير الحلقة.
اقترب سمير صبرى منذ نعومة أظفاره من حياة المبدعين فى كل المجالات، وأصبح صديقاً مقرباً لعمالقة الفن تعلم منهم وتأثر بهم وكان شاهدا وصانعا للعديد من الأحداث فى حياة كبار النجوم من فنانى الزمن الجميل، وتعلم من عمالقة الإعلام والمذيعين ومنهم أمال فهمى و جلال معوض أصول التقديم الإذاعى والتلفزيونى، وفى كل خطوة كان سمير صبرى يتعلم ويستفيد ويعرف أسرارا ويجدد ويطور حتى أصبح موسوعة تحمل الكثير من الأسرار والخبرات والمواهب والعلاقات.
وأصبح سمير صبرى الممثل والمنتج والفنان الاستعراضى والإعلامى والمذيع والمحاور والمؤرخ الفنى وصاحب أقوى الفرق الاستعراضية والبرامج الحوارية التى كانت باكورة لبرامج التوك شو بل للصحافة الاستقصائية، فعلى سبيل المثال كان أول من سافر إلى لندن بعد وفاة سعاد حسنى للبحث والاستقصاء عن ملابسات وفاة السندريلا وقدم برنامجا من أقوى البرامج الاستقصائية بعنوان "رحيل السندريلا" صور فيه من داخل شقتها واستضاف عدد كبير ممن كانوا يتعاملون معها فى الفترة الأخيرة من حياتها.
واقترب سمير صبرى خلال مراحل حياته من كل نجوم السياسة والفن والأدب، ملوك ورؤساء وفنانين ومبدعين فى كل المجالات وحاورهم فى العديد من البرامج التى قدمها وانفرد فيها بما لم يصل إليه غيره، حيث قدم عددا من أقوى البرامج، ومنها :«هذا المساء، كان ياما كان، النادى الدولى» وحاور عمالقة الفن والسياسة الأدب ومنهم السلطان قابوس، وموسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب وعبدالحليم حافظ، وأم كلثوم وفريد شوقى، ومصفى أمين ويوسف إدريس وتوفيق الحكيم، ويوسف السباعى، ومحمد على كلاى، وعرف أسرارهم، كما تمتع بصداقة نجوم الفن من عدة أجيال.
وحقق سمير صبرى المذيع نجاحات مبهرة وكانت له صولات وجولات وانفردات وخبطات، فحاور السلطان قابوس، وقام بمغامرة تنكر فيها فى زى عامل نظافة فى الفندق الذى يقيم فيه الملاكم محمد على كلاى لينفرد بحوار معه، واستضاف كبار نجوم السياسة والفن والأدب والرياضة فى البرامج التى قدمها.
وعن مشواره الإذاعى تحدث الفنان الكبير سمير صبرى بفخر مع اليوم السابع قائلا: «حاورت رجال السياسة والفن والفكر واتعلمت من كل ضيف وفخور بهذه اللقاءات، التى أتمنى أن يراها الإعلاميون فيرون كيف تحاور جاسوسا أو رئيس وزراء»، وأشار إلى أنه كان أول إعلامى ذهب إلى خط بارليف وصور كيف حطمه جيشنا العظيم فى حرب أكتوبر المجيدة التى استشهد فيها شقيقه.
ولا يزال عطاء الفنان الكبير الموسوعى متعدد المواهب سمير صبرى مستمراً حيث يقدم سمير صبرى حالياً برنامجاً إذاعياً وهو برنامج " ذكرياتى" عن ذكريات زمن الفن الجميل، كما صدر له كتاب" حكايات العمر كله" الذى يحكى فيه ذكرياته ومسيرته مع عمالقة الفن.