يشكل مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة أحد أبرز المؤتمرات التى عقدت خلال السنوات الماضية لتوحيد الجهود الإقليمية والدولية لإرساء السلام والاستقرار فى هذه المنطقة التى تموج بالصراعات، مما ينعكس سلبا على أمنها، وذلك فى إطار الجهود الدبلوماسية العراقية الحثيثة للوصول إلى أرضية من المشتركات مع المحيطين الإقليمى والدولى فى سبيل تعزيز الشراكات السياسية والاقتصادية والأمنية.
ويعد مؤتمر بغداد أحد أبرز المؤتمرات التى رسخت مبدأ تبنى الحوار البنّاء وترسيخ التفاهمات على أساس المصالح المشتركة، وهو ما يؤكد اعتماد العراق سياسة التوازن والتعاون الإيجابى فى علاقاته الخارجية، وذلك بالتزامن مع عمل البلاد على تعزيز مؤسسات الدولة وفقا للآليات الدستورية
لا شك أن الدولة العراقية تسعى للمضى قدما فى لعب دور الوسيط لتخفيف حدة الخلافات بين الأطراف الإقليمية والدولية والعمل بشكل مباشر على التواصل مع الدول التى تسببت حالة الاستقطاب خلال العقود الماضية ما انعكس سلبا على أمن واستقرار المنطقة بشكل كامل، وهو ما يتطلب وجود فرصة للحوار والتشاور بين الدول المعنية والمتضررة لإيجاد مساحة مشتركة للتفاهم.
ويعد مؤتمر بغداد بداية للتعاون والتشاور بين الدول وانتهاج نهج الحوار فى الملفات التى تشهد خلافا واسعا بين الأطراف وهو ما يمهد الطريق لبغداد للعب دور إقليمى مهم خلال الفترة المقبلة شريطة أن تحظى هذه التحركات بدعم إقليمى ودولى قوى خلال الفترة المقبلة، فضلا عن أهمية الدعم الداخل العراقى سواء على المستوى الشعبى أو الحزبى لهذه التحركات.
بدوره أكد مسؤول الشؤون العربية و الافريقية فى تيار الحكمة الوطنى العراقى الدكتور محمد أبو كلل أن الدولة العراقية تقوم بمحاولات منذ تشكيل النظام السياسى الجديد فى البلاد لجمع الاضداد "المختلفين" على طاولة الحوار العراقية، مشيرا إلى أن البدايات كانت بانطلاق الحوار الإيرانى الأمريكى بعد دعوة رئيس المجلس الاعلى الاسلامى فى العراق عبد العزيز الحكيم وما أطلقه عمار الحكيم قبل خمسة أعوام من طاولة خماسية تجمع السعودية وإيران ومصر وتركيا والعراق، وذلك فى إشارة واضحة لرغبة عراقية بالتخلص من مسببات حالة عدم الاستقرار التى عصفت بالبلاد وغالبيتها مسببات خارجية.
وأكد "أبو كلل" فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" أن بغداد تريد وقادرة على النجاح فى ذلك المسعى لو أيقنت الأطراف المتصارعة أن قوة واستقرار العراق هى قوة واستقرار لهم، مشيرا إلى أن جمع العراق للمختلفين يهدف لمصلحة المنطقة وليس من أجل تنفيذ أجندات خاصة به، لافتا إلى أن العراق يمر بمرحلة متميزة من العلاقات الدولية القادرة على إزالة الكثير من الأفكار الخاطئة التى أدت إلى اشتعال المنطقة خلال العامين الماضين، مؤكدا أن العراق يحتاج لدعم لإنجاح هذه المساعي.
وعن الخطوات التالية للمؤتمر البناء على المؤتمر، لفت إلى أن أهم خطوة هى متابعة مخرجات المؤتمر والعمل على تنفيذها وترجمتها لواقع، لافتا إلى المتابعة هى الركن الأساسى فى انجاح أى فعالية دولية، مؤكدا أن النجاح فى تنظيم المؤتمر يحتاج لنجاح فى التطبيق وتفعيل المقاربات التى خرجنا بها من هذا المؤتمر ولابد من أن يكون هناك دعوة للمزيد من الأطراف ذات العلاقة بالانضمام لهذه المناقشات والحوارات الصريحة، موضحا أنه غابت أطراف هامة فى هذه المرحلة، مضيفا "نتمنى أن تكون موجودة وحاضرة فى المرحلة القادمة لأنها جزء مهم من الحل."
وتوقع أن تتمكن مصر والعراق والأردن فى النجاح بإرساء وتطبيق مخرجات القمة الأخيرة فى بغداد والمضى قدما بهدوء فى تفكيك نقاط الاشتباك التى أدت إلى الصراعات التى تعانى منها المنطقة، مؤكدا أن كل الملفات المعقدة المتشابكة فى المنطقة تدار من نفس اللاعبين اقليميا و دوليا، مضيفا "نمتلك أساسيات التحرك عبر علاقات الثلاثى العربى بهذه الأطراف وهذا سيأتى بعد تثبيت وتقوية هذا الاطار الثلاثى بين مصر والعراق والأردن عبر أوجه التعاون المتفق عليها".