أصدرت الدائرة الجنائية "أ" – بمحكمة النقض – حكماَ في منتهى الأهمية، رسخت فيه لـ 5 مبادئ قضائية حول "شرعية التفتيش المستمدة من مظنة التهريب"، قالت فيه:
1-لمأمور الجمرك الاستعانة في التفتيش بمن يرى مساعدته ولو لم يكونوا من رجال الضبط القضائي، ما داموا يعملون تحت إشرافه".
2-عدم جدية التحريات لكون مصدرها مجهول، وإذ اقتنعت المحكمة بجدية التحريات فلا معقب عليها.
3- وأن التناقض فى أقوال الشهود - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم مادامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصًا سائغًا لا تناقض فيه.
4-جريمة إحراز جوهر مخدر بغير قصد من القصود المسماة أخف فى عقوبتها من جريمة جلب الجوهر المخدر، ومن ثم لا مصلحة للطاعنة فى تعييب الحكم بسبب استبعاد قصد الجلب عن الجريمة المسندة إليها.
5-من يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه إلا أن ذلك لا يكون إلا عند قيام البطلان وثبوته
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 10708 لسنة 86 القضائية، برئاسة المستشار فتحى عبد المقصود، وعضوية المستشارين محمد سعيد، ومحمد عامر، وعمر سالم، ومحمود صديق، وبحضور كل من رئيس النيابة لدى محكمة النقض تامر عاطف، وأمانة سر محمد على.
الوقائع.. العثور على مخدرات لسيدة أسفل "مشد كورسيه" بعد تفتيشها
الوقائع – على ما يبين من المستندات والأوراق - بأن الشاهد الأول قد وردته معلومات تأكد منها بأن المتهمة القادمة على طائرة من "...." تحوز كمية من المواد المخدرة، فأخبر السلطات الجمركية بتلك المعلومة لاتخاذ الإجراءات الجمركية حيالها، وعقب وصول المتهمة على الطائرة ونفيها لحيازة ثمة أشياء تستحق عنها رسوم جمركية أو ممنوعات، وحال تفتيش حقائبها بمعرفة رئيس القسم المختص بتفتيش أطقم الطائرات تحت إشراف الشاهد الثاني لاحظ ارتباكها، ووجود انتفاخ في ملابسها ينم عن شيء تخفيه أسفلها.
في تلك الأثناء - تم استدعاء الشاهدة – باحثة شرطية - حيث اصطحبت المتهمة إلى إحدى الغرف المغلقة، وقامت بتفتيشها ذاتيًا فعثرت على أربعة عشر لفافة تحوي المخدر تخفيها أسفل " مشد كورسيه " ترتديه أسفل ملابسها وداخل شراب كولون ترتديه أسفل بنطالها، وتم إحالتها للنيابة العامة التي أحالتها للمحاكمة بتهمتى جلب مخدر "الحشيش"، والإحراز بغير قصدى الاتجار أو التعاطى أو الاستعمال الشخصى، وقضت المحكمة بالسجن المشدد 15 سنة، وتغريمها 100 جنيه عما أسند إليها، ومصادرة المخدر المضبوط، وذلك بعد استبعاد الاتهام الأول، ثم طعنت على الحكم أمام محكمة النقض.
مدى صلاحية موظفي الجمارك في تفتيش الركاب
المحكمة في حيثيات الحكم قالت أن لموظفي الجمارك أثناء تأدية وظائفهم تفتيش الأماكن والأشخاص والبضائع ووسائل النقل داخل وفي نطاق الدائرة الجمركية دون التقيد بقيود القبض والتفتيش بقانون الإجراءات الجنائية، شرط وأثر وأساس ذلك، إثارة الدفع ببطلان التفتيش لأول مرة أمام محكمة النقض - غير مقبول - لأن لمأمور الجمرك الاستعانة في التفتيش بمن يرى مساعدته ولو لم يكونوا من رجال الضبط القضائي، ما داموا يعملون تحت إشرافه.
وبحسب "المحكمة": لما كان الحكم إذ عرض للدفع ببطلان الضبط والتفتيش واطرحه بما هو مقرر في المواد من 26 إلى 30 من القانون رقم 66 لسنة 1936 بإصدار قانون الجمارك أن الشارع منح موظفي الجمارك حق تفتيش الأماكن والأشخاص والبضائع ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية وفي نطاق الرقابة الجمركية إذا قامت لديهم دواعي للشك أو مظنة للتهريب فيمن يوجدون داخل تلك المناطق، ولم يتطلب الشارع بالنظر إلى طبيعة التهريب الجمركي وصلته المباشرة بصالح الخزانة العامة ومواردها، والاحترام الواجب للقيود المنظمة للاستيراد والتصدير، بالنسبة للأشخاص توافر قيود القبض والتفتيش الواردة في قانون الإجراءات الجنائية أو اشتراط وجود المراد تفتيشه في إحدى الحالات المبررة له في نطاق الفهم القانوني للمبادئ المقررة في القانون المذكور.
14 لفافة حشيش أسفل "مشد كورسيه" الراكبة
ووفقا لـ"المحكمة": بل يكفي أن يقوم لدى الموظف المنوط به المراقبة والتفتيش حالة تنم عن شبهة توافر التهريب الجمركي فيها في الحدود المعروف بها في القانون ، فيثبت له حق الكشف عنها ، فإذا عثر على دليل يكشف عن جريمة غير جمركية يعاقب عليها القانون العام، فإنه يصح الاستدلال بهذا الدليل أمام المحاكم في تلك الجريمة؛ لأنه ظهر أثناء إجراء مشروع في ذاته، ولم يرتكب في سبيل الحصول عليه أية مخالفة، إذ الشبهة في توافر التهريب الجمركي حالة ذهنية تقوم بنفس المنوط بهم تنفيذ القوانين الجمركية، ويصح معها في العقل القول بقيام مظنة التهريب من شخص موجود في دائرة المراقبة الجمركية.
لما كان ذلك - وكان مفاد ما أورده الحكم أن تفتيش الطاعنة ذاتيًا الذي أسفر عن ضبط المخدر معها قد حدث داخل الدائرة الجمركية بمعرفة شاهدة الإثبات الثالثة وهي شرطية تحت إشراف مدير عام الجمرك وهو شاهد الإثبات الثاني، وأن ذلك تم بناءً على ما تخوله القوانين لرجال الجمارك، وأن شرعية ذلك التفتيش مستمدة من مظنة التهريب بعد أن شاهدها الشاهد الثاني في حالة ارتباك وقلق ووجود انتفاخ بملابسها ينم عن شيء تخفيه أسفل ملابسها، هذا إلى أن القانون منح موظفي الجمارك أثناء تأدية وظائفهم حق تفتيش الأماكن الأشخاص والبضائع ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية وفي نطاقها إذا توافرت دواعي الشك فيمن يوجدون بداخل تلك المناطق، ولم يتطلب توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون إجراءات الجنائية.
شرعية التفتيش المستمدة من مظنة التهريب
واكتفى بأن تقوم لدى الموظف المراقب لتلك المناطق حالة تنم عن شبهة في توافر التهريب الجمركي حتى يثبت له حق الكشف عنها، فإذا عثر على دليل يكشف عن جريمة غير جمركية معاقب عليها في القانون العام، فإنه يصح الاستدلال بهذا الدليل أمام المحاكم؛ لأنه وليد إجراء مشروع ولم ترتكب في سبيل الحصول عليه أية مخالفة، وإذ أقرت محكمة الموضوع أولئك الأشخاص فيما قام لديهم من اعتبارات أدت إلى الاشتباه في شخص - في حدود الدائرة الجمركية - لمظنة التهريب فلا معقب عليها.
ولما كان البين أن تفتيش الطاعنة أسفر عن ضبط المخدرات أسفل ملابسها وهي داخل الدائرة الجمركية بمعرفة الشرطية الشاهدة الثالثة تحت إشراف مدير عام الجمرك بعد أن قامت لديه اعتبارات تؤدي إلى اشتباه في توافر فعل التهريب في حق الطاعنة لما دلت عليه إخبارية البحث الجنائي من أنها تحرز جواهر مخدرة، فإن الحكم يكون قد أصاب صحيح القانون في رفضه للدفع، هذا فضلًا عن أن الطاعنة لم تثر أمام محكمة الموضوع شيئاً عن ما تدعيه من بطلان التفتيش من الشرطية شاهدة الإثبات الثالثة، ولا يقبل منها إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض، كما أن الطاعنة لا تماري في أن الشرطية المذكورة قد فعلت ذلك بعد أن كلفها شاهد الإثبات الثاني بذلك، ولا يؤثر في ذلك أن يكون قد تم في غرفة مغلقة بالدائرة الجمركية، لما هو مقرر من أن لمأمور الجمرك أن يستعين في إجراء التفتيش بمن يرى مساعدته ولو لم يكونوا من رجال الضبط القضائي، ما داموا يعملون تحت إشرافه، وأنه يصح الاستناد إلى الدليل الناتج عن ذلك التفتيش على اعتبار أنه نتيجة إجراء مشروع قانونًا .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة