"إدى العيش لخبازة.. حتى لو أكله كله" هذا المثل الدارج فى صعيد مصر ينطبق بشكل كبير على صناع الرحايا من الحجر وتطويع الحجر الصلد فى النهاية، ليصبح واحدة من أهم مصدر لطحن الغلال من مئات السنين حتى هذه اللحظة، فلا يكاد يخلو منزل من منازل الصعيد من تلك الآلة العجيبة التى تتكون من قطعتين قطعة علوية وقطعة سفلية كلاهما من الحجر، مثبت بالقطعة العلوية قطعة خشب، تستخدم فى لف ودورانها من أجل إتمام عملية الطحن للحبوب.
ومن الحبوب القمح والفور والفريك الذرة بكافة أنواعها، بل أن بعض السيدات يستخدمن الرحايا فى أعمال طحن البهارات من أجل الحفاظ على القيمية الغذائية لتلك البهارات لاستخدامها فى الطعام بشكل صحى.
"اليوم السابع" انتقل إلى قرية العيساوية شرق بمركز أخميم شرقى محافظة سوهاج، والتقى بعم شعبان الذى تجاوز عمرة الــ 70 سنة أرتسمت على يديه علامات الزمن، بسبب التعامل مع الصخور وتحويله من كتل عديمة الفائدة إلى آلة نافعه تصلح لكل شيء بالمنزل.
فى البداية يقول عم شعبان، عمرى تجاوز الــ 70 سنة، وأعمل بمهنة الحجر منذ أن كان عمرة 8 سنوات تقريبا عملت بالمحاجر وقطعت الكثير من الأحجار من الجبال المجاورة، كانت أجرتى فى ذلك الوقت ملاليم ومع كبر السن وتقدمه غيرت نشاطى ومارست مهنه تحتاج الصبر، وهذا الصبر لا يأتى إلا مع تقدم العمر، وعملت فى مهنة صناعة الرحايا وقد أكون أخر الموجودين فى تلك الصنعة وهى صناعة الرحايا.
وأضاف عم شعبان الرحايا لمن لا يعرفه هى طاحونة الغلابة، وهى موجود من قديم الزمان توارثناها من الأجداد والآباء، وكانت السيدات فى المنازل يستخدمن الرحايا فى أعمال طحن الغلال، من أجل صناعة الخبز وخاصة العيش الشمسى والعيش البتاو، وتظل السيدة طوال الليل تطحن الغلال حسب الكمية التى تحتاجها، حتى طلوع الشمس وبعدها تقوم بعملية العجين والخبيز على عكس ما يحدث الأن فى ظل وجود الطواحين الكهربائية التى تنجز هذا العمل فى دقائق وهذه الآلات افسدت طعم الأطعمة على عكس ما كان فى الماضى.
وأشار عم شعبان إلى أننا نحضر الأحجار التى تستخدم فى صناعة الرحايا من الجبل الشرقى وبعدها يتم تقطيعها فى شكل دائرى داخل مصنع بالكوثر، ونحصل عليها نحن لنبدأ العمل فى تجهيزها وتحويلها من كتله حجرية بدون فائدة إلى طاحونة للغلال وتتكون الرحايا من حجرين على شكل دائرى بينهما فراغ وقطعة خشبية صغيرة لمنع احتكاك الحجرين ويد من الخشب تستخدم فى لف الرحايا، ويتم وضع الحبوب من أعلى ومع اللف تتحول الغلال إلى دقيق وصناعة الرحايا الواحدة يستغرق من 2 إلى 4 ساعات متواصلة والرحايا 3 أنواع رحايا صغيره ورحايا متوسطة ورحايا كبيرة ويتراوح سعرها ما بين 100 إلى 150 و200 جنيه تقريبا.
وأكد عم شعبان حب المهنة جعلنى لا أتركها بل متمسك بها حتى أخر لحظة فى حياتى ولكنى لن أقوم بتعليم أبنائى هذه المهنة نظرا لصعوبتها ودخلها القليل فالعائد منها فى هذه الأيام لا يكفى لفتح بيت لوجود الات الصحن الحديثة مع العلم أن هناك العديد من الأهالى بالقرى والمدن يطلبون تلك الرحايات لاستخدامها فى المنزل لإعداد بعض الأطعمة الخاصة بهم وخاصة طحن الفريك الخاص بحشو الحمام.
أما مساعد عم شعبان أنا من 7 سنوات وأنا أعمل مساعد لعم شعبان وأقوم باستخدام أدوات بدائية فى عملية تصنيع الرحايا دبوره وشحوطه وقطاعه وكلها أدوات مجودة من عصر الفراعنة حتى الآن وأعمل باليومية وأحصل على كل رحايا أقوم بتنفيذها 60 جنيها وأقوم بعمل 2 فى اليوم الواحد والحجر المستخدم فى عملية التصنيع هو حجر الرخام لأنه حجر يتحمل عملية التقطيع ويتحمل التشكيل.
مصطفى أحد شباب قرية العيساوية شرق أن الرحايا هى من التراث وهى العلامة المميزة لقرية العيساوية شرق وأن الرحايا تستطيع أن تصنع ما لايستطيع أن تصنعه الات الطحن الكبيرة الكهربائية وهى موجودة فى كل منزل داخل القرية ولا تستطيع سيدة أن تستغنى عنها فى حياتها اليومية والخبز من خلال الرحايا له مذاق خاص لا يعرفه إلا من تذوقه من أعمال الطحونة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة