صراع قائم مرشح للاحتدام تشهده الأراضي الأفغانية ومحيطها بين حركة طالبان التي استولت علي أفغانستان في آخر مراحل الانسحاب الأمريكي بعد تواجد أستمر لما يزيد علي 20 عاماً كاملة، وتنظيم داعش الإرهابي وهو الصراع الذي سيؤدي إلى فشل متوقع لحركة طالبان في سيطرتها علي عموم أفغانستان.
وتشترك الولايات المتحدة مع طالبان في المخاوف من عودة تنظيم داعش الإرهابي بقوة إلى الأراضي الأفغانية ومنها إلي العديد من دول الجوار الأفغاني، وهو ما عكسته تصريحات رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي، في مؤتمر صحفي مساء الأربعاء، حيث قال إن واشنطن "قد تنسق مع طالبان" العمليات المستقبلية لمكافحة الإرهاب ضد تنظيم داعش في أفغانستان.
وأضاف ميلي خلال المؤتمر: "نحن لا نعرف ما هو مستقبل طالبان، لكن يمكنني أن أخبركم من تجربة شخصية أن هذه مجموعة لا ترحم.. وفي ما يتعلق بتعاملاتنا معهم في مطار كابل أو في العام الماضي أو في الحرب، فإننا نفعل ما يجب علينا فعله لتقليل المخاطر وليس ما نريد القيام به بالضرورة".
وحول وجود أي احتمال للتنسيق مع "طالبان" ضد تنظيم "داعش" الإرهابي، قال: "هذا ممكن".
في سياق متصل، توقع تقرير نشرته دورية فورين بوليسي فشل حركة طالبان في السيطرة على كامل الأراضي الأفغانية بعد تمكنها من السلطة إثر خروج قوات التحالف الأمريكية والبريطانية من أفغانستان بعد حملة عسكرية استمرت 20 عاما.
ويتفق التقرير مع العديد من التقديرات الدولية التى تتوقع تكرر عملية تفجير مطار حامد كرزاى بالعاصمة الأفغانية كابول التى خلفت حوالى 170 قتيل أفغانى و13 قتيل فى صفوف قوات الجيش الأمريكى الخميس الماضى.
وسلط التقرير الضوء على تنامى الصراع الدائر بين طالبان ومنافسها الممثل في تنظيم داعش خرسان الذى ينتمى إلى تنظيم داعش، فالأخير يرى أن طالبان لم تقم بتحرير أفغانستان عبر العمليات العسكرية والانتحارية، بل عبر التأمر مع الولايات المتحدة الأمريكية.
يرغب تنظيم داعش فى خلق دولة مماثلة لتلك التى أنشأها بين جنبات سوريا والعراق في الفترة بين 2014 حتى العام 2019. ويقول التقرير أن تنظيم داعش يتهم طالبان بالعمالة لصالح الولايات المتحدة الأمريكية، حتى لو بدا بمظهر الساعى إلى تطبيق الشرائع الإسلامية بكل شدة.
وأشارت الفورين بوليسى إلى تقرير الأمم المتحدة الصادر في يونيو الماضى والذى أفاد أن عدد العمليات الإرهابية التى ارتكبها تنظيم داعش خرسان داخل أفغانستان بلغت 77 عملية خلال العام الجاري، في مقابل 21 عملية العام الماضى، وهذا يعد مؤشر واضح على تعاظم دور تنظيم داعش خرسان فى أفغانستان.
ويرى التقرير أن طالبان لا يتملكها طموح فى الانتشار فى الساحة الدولية وإنما تريد توطيد سلطتها فى الداخل الأفغانى وتطبيق صورة متشددة من الشريعة الإسلامية، عكس داعش التي ترغب في قيادة كافة التنظيمات المتشددة بما فيهم طالبان والقاعدة وتصدير نظريتها وتصورها عن الإسلام إلى كل دول العالم.
وكان تنظيم داعش قد أعلن الحرب فى عام 2013 على تنظيم القاعدة بعد أن رفض الأخير أن يحل نفسه ويتبع داعش فى سوريا والعراق، وانتقل التنظيم إلى أفغانستان إلا أنه عانى من عثرات عسكرية أمام تنظيم طالبان الذى تعاون بشكل غير مباشر في أكثر من مرة مع الولايات المتحدة لتصفية أعوان التنظيم داخل أفغانستان في الفترة بين 2015 حتى 2019.
ورغم تعرضه للعديد من الهزائم والاغتيالات بين صفوف قادته، يمتلك تنظيم داعش خرسان بين 1500 إلى 2200 مقاتل وفقا لتقارير الأمم المتحدة، ويقود التنظيم حاليا قائد ذو كاريزما يدعى "شهاب المهاجر" يبذل الكثير من الجهود لتجنيد مزيد من المقاتلين، مستقطبا عدد كبير من المقاتلين الساخطين من سياسات طالبان.
ويقول تقرير الفورين بوليسى أن تنظيم داعش خرسان رغم عدم امتلاكه الألة العسكرية التى تمكنه من هزيمة طالبان، إلا أنه سوف يمثل عبئا أيديولوجيا على عاتق طالبان الذى سيسعى جاهدا لمنع المتشددين من مقاتليه من الانضمام إلى داعش خرسان.
ويرى التقرير أن تنظيم طالبان رغم عدم سيطرته الكاملة على أفغانستان التى تحتضن أكثر من 40 مليون مواطن، ودخول العديد من المقاتلين المتشددين الأجانب إلى أفغانستان خلال الشهور الأخيرة، لكن التنظيم لن يكرر أخطاء الماضى التى كلفته الكثير.
يرغب تنظيم طالبان فى نيل الاعتراف به من قبل الأنظمة الدولية ليحكم طالبان دون أى منغصات، نظرا لأن التنظيم كان قد خسر السلطة عام 2001 جراء عملية الحادى عشر من سبتمبر التى تبناها تنظيم القاعدة أنذاك.
واستبعد تقرير فورين بوليسى أن يحول طالبان البلاد إلى حاضنة للتنظيمات الإرهابية المتشددة لأكثر من سبب، أولا نظرا لصعوبة استهداف الدول الغربية التى طورت من دفاعاتها ضد الهجمات الإرهابية، وحتى لا يخسر السلطة فى مغامرة أخرى غير محمودة العواقب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة