هل تخيلت يوما أن يفقد شخص حياته بسبب «موبايل»؟ أن تزهق روح إنسان بسبب هاتف محمول، فيسكن الألم والحزن قلب أم تجاوز عمرها سنوات طويلة، وتتشح شقيقاته بالملابس السوداء، وتبقى الدموع قاسما مشتركا بين الجميع؟
هنا، فى منطقة منشأة ناصر، سالت دموع الطفل عبدالله، الذى لم يتخط عامه السابع عشر، بعدما رفض النطق بشهادة «الزور» فى مشكلة دبت بين صديقيه على هاتف محمول، ليكون مصيره القتل.
داخل منزله لا يتوقف أهله عن البكاء، وسيدات يتحركن بالملابس السوداء، وأصوات القرآن الكريم تصدح بالمكان، تجلس والدة القتيل وشقيقاته، يتحدثن عن «عبدالله» الذى غيبه الموت، لتغيب السعادة عن هذا المنزل.
بصوت ممزوج بالأسى، تحدثت الأم عن فلذة كبدها لـ«اليوم السابع»، قائلة: «آخر حاجة كنت أتوقعها فى حياتى، إنى أعيش لحد ما آخد عزاه، إنى أقول عليه لفظ المرحوم، عبدالله عايش، وهيفضل عايش وسطنا بسيرته الطيبة وذكرياته الحلوة».
تحاول الأم، أن تحبس دموعها، لكنها تنساب منها، فتكمل حديثها عن ابنها، قائلة: «عبد الله كان مختلفا تماما عن باقى أشقائه، هادئ الطباع، متحملا للمسؤولية منذ نعومة أظافره، ينزل للعمل لمساعدتنا، أجد نفسى أجلس معه لساعات طويلة «أفضفض له»، فقد كان قلبى يرتاح له، ولم أدر أن الموت سيخطفه منى سريعا».
وعن يوم الجريمة، تقول الأم: «نزل عبدالله لمقابلة اثنين من أصدقائه، وقد دبت بينهما خلافات بسبب «موبايل» تدخل ابنى لاحتواء الأمر وتقريب وجهات النظر بينهما، فطلبا منه شهادته، وما إن أفصح بها، تضرر أحدهما منها، فقرر التخلص من «عبدالله» بقتله بطعنات الغدر، لينهى حياة ابنى ويقضى على مصدر سعادتنا للأبد».
وحول حياتهم بدون ابنها، تقول الأم: «اليوم ينتهى كما بدأ لا جديد، فلا سعادة ولا فرح، فقد مات مصدر السعادة، نشعر كأننا موتى على الأرض، أنظر لصورته ودموعى لا تتوقف، أبكيه ليل نهار، حتى أذهب إليه».
وعن المجرم الذى حرمها من ابنها، تقول الأم: «حسبى الله ونعم الوكيل، فقد غدر بابنى وحرمنى منه فى ريعان شبابه، ولن يهدأ قلبى حتى أعيش وأراه على حبل المشنقة، وقتها ستبرد نيران قلبى إلى حد ما».
التقطت «فرحة»، شقيقة القتيل، أطراف الحديث من والدتها، قائلة: «عبدالله لم يكن أخى فحسب، بل كان ابنى وصغيرى، الذى تربى على يدى، قدمت له فى المدرسة، ولن أنسى فرحته أول يوم وطأت فيه قدماه الفصل، ولن أنسى ضحكته وحديثة وابتسامته وذكرياته، واحتواءه لمن حوله، وحبه للجميع، بما فيهم أصدقاؤه، وهذا الشخص الذى غدر به وحرمنا منه».
تلتقط شقيقة القتيل أنفاسها، وتقول: «منذ أيام ظهرت نتيجة المدرسة، ونجح «عبدالله» لكنه بات غير موجود بيننا، حتى يفرح معنا ونسعد به، فقد ذهب لمن هو أحن عليه منا جميعا».
إلى جوار شقيقة القتيل، تجلس خالته، التى لا تتوقف دموعها، تروى فصلا آخر من حياة ابن شقيقتها الذى غيبه الموت، فتقول: « بأى ذنب قتل عبدالله؟ بأى ذنب استحلوا دمه الطاهر؟ فقد حرمنا من هذا الطفل الصغير البرىء المحب للجميع، وتركنا جميعا نتقاسم الأحزان».
وتواصل الخالة: «القاتل حرمنا من نور أعيننا، وقتل الفرحة من بيننا، بسبب تهوره وعدم شعوره بالمسؤولية، واستسلامه لشيطانه الأشر، الذى سول له قتل صديقه فاستباح دمه بدم بارد وقلب لا يعرف الرحمة والإنسانية».
القتيل
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة