شهدت الجلسات العامة الأخيرة لمجلس النواب، برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، الموافقة النهائية علي مشروع قانون مقدم من الحكومة بإصدار قانون التخطيط العام للدولة، تمهيدا لاصدارة من قبل رئيس الجمهورية.
وفى هذا الصدد نرصد فلسفة مشروع القانون وأهدافه العامة على الجانب الاقتصادى، لاسيما بعدما شهدت البيئة الاقتصادية المصرية في العقود الأخيرة تطورات كبيرة أظهرت حاجة ماسة لإصدار قانون جديد للتخطيط، وذلك لأسباب عديدة لعل أهمها الآتي:
1- القانون الحالي (70 لسـنة 1974) يعطى أدوارا في العملية التخطيطية لكيانات في الدولة لم تعد قائمة في الوقت الحالي، نظرا للتطورات السياسية التي شهدتها مصر خلال العقود الأربعة الماضية. - إن القانون الحالي تمت صياغته في وقت كانت فيه مصـر تتبنى الفكر الاشتراكي القائم على سيطرة الدولة على وسائل الإنتاج المختلفة وقيامها بالتوظيف الكامل والتسعير الكامل والتوزيع الكامل للخدمات في الوقت الذي كان فيه دور القطاع الخاص هامشيا إلى أقصى الحدود، وقد تغير هذا الواقع تماما من خلال اتباع الدولة منذ ما يقارب ثلاثة عقود سياسات تقوم على اقتصاد السوق التنافسي، مع الحرص على تدخل الدولة لإحداث التوازن الاجتماعي المطلوب وتوسعات البنية التحتية وتقديم الخدمات الأسـاسـية للمواطنين، وقد أثر ذلك بشكل مباشـر على نطاق التخطيط القومي والأساليب المتبعة لإعداد ومتابعة تنفيذ خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
2- تضمن دستور 2014 المعدل مواد صريحة تتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين ومسئولية الحكومة عن إعداد الخطة، وكذلك نصه على التحول نحو اللامركزية ونقل السلطات والمسئوليات إلى المستويات المحلية المختلفة، والأدوار التي أعطاها لمؤسسات المجتمع المدني، أوجد ضرورة بالغة لتوافق القانون المعنى بشئون التخطيط مع مواد الدستور الحالي وإمكانية تنفيذ ما تضمنه من أحكام على أرض الواقع.
3- أفرز الواقع العملي مجموعة من المشكلات الموضوعية أدت إلى عدم التحقيق الكامل لكل أهداف خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ومنها التضـارب في بعض الأحيان بين الخطط القطاعية والخطط المكانية على مستوى الأقاليم الاقتصادية والمحافظات.
4- شهد علم التخطيط خلال العقود الأربعة الماضية العديد من التطورات بشأن أساليب إعداد الخطط الاقتصادية والاجتماعية، وكذلك المبادئ التي تقوم عليها العملية التخطيطية، وبالتالي بات لزاما في إطار تحديث الدولة المصرية والأطر التشريعية المعمول بها، الأخذ بكل ما يفيد الواقع المصـرى من التطورات العلمية والتطبيقية في مجال التخطيط بغية زيادة كفاءة وفاعلية الخطط الاقتصادية والاجتماعية على المستويين: المركزي والمحلي.
5- أدى تبنى الدولة المصرية لإستراتيجية التنمية المستدامة (مصـر 2030) التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السـيسـي - رئيس الجمهورية، في فبراير 2016 إلى إيجاد واقعا جديدا للتخطيط في مصر يتطلب التنسيق الكامل بين الوزارات القطاعية والمحافظات ووزارة "التخطيط والتنمية الاقتصادية"، باعتبارها الوزارة المسئولة عن متابعة تنفيذ الإستراتيجية بأهدافها المختلفة، والتحقق من التناسـق بين السـياسـات المختلفة لتعظيم أداء المؤشـرات الاقتصـادية والاجتماعية، وهو ما تعمل عليه وزارة "التخطيط والتنمية الاقتصـادية" بالتعاون مع شـركاء التنمية المحليين والدوليين، لوضـع مـسـتهدفات كمية لكل مؤشـر من مؤشـرات أهداف التنمية المستدامة على المستوى القومي وعلى مستوى المحافظات، ويهدف ذلك لتعظيم الاستفادة من المزايا النسبية للمحافظات والأقاليم المصرية، وتوجيه الاستثمارات في إطار الخطة العامة للدولة بشكل أكثر كفاءة وفاعلية، مع التركيز على المحافظات التي لديها فجوات تنموية أكبر وفقا لفكرة الاستهداف التي ترتكز عليها جهود الدولة في تنفيذ المشروعات التنموية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة