يسعدني الحظ بين جمعة و أخرى ويحضرنا فى المسجد الذى أصلي به صلاة الجمعة، الشيخ أحمد كريمة العالم الأزهري المفوه و المالك لمفردات اللغة العربيةً، والذى يسن سنن لا أجدها فى أئمة غيره كثيرا، وهي سنة الالتزام بالضوابط مهما علا شأنك، فالرجل لديه قدرة عجيبة فى السيطرة على شهوة الخطابة، التى تمتلك بعض الخطباء فى المساجد وخاصة صغار السن أو المشاهير، ويلتزم بما يمليه عليه ضميره ويتوافق مع الضوابط العامة لخطباء مصر كافة.
الشيخ أحمد كريمة يقوم في خطبته ما نتمني أن نراه فى كافة مؤسسات الدولة تقريبا وهو راحة النفس فى تنفيذ الضوابط، دون كلل أو ملل أو تأفف مصطنع، وأول شيء يفعله فى خطبته أنه يبين للمصلين عنوان الخطبة بشكل مباشر وواضح ويحيل الاسم لوزارة الأوقاف، حتى يعلم الناس أن الخطبة وما فيها تم مراجعتها عبر شيوخ أفاضل وليس رأيا للخطيب بمفرده حتي لو كان أحمد كريمة نفسه بكل ما أوتي من علم، ثم يذهب الشيخ كريمة لنقطة أخرى مفصلية وهي الالتزام بوقت الخطبة المحدد من وزارة الأوقاف، ولو زاد فيه قال بكل وضوح أنه تجاوز الوقت المطلوب ولا غضاضة عليه فالمصلين متمتعين بخطبته حتي لو طالت لساعة أو أكثر.
لم يرتكن الشيخ كريمة إلى الشكل فقط فى العنوان والوقت، بل حافظ على شخصيته الجاذبة فى الخطابة، وذلك ساعد على استقبال المصلين للخطبة بتفاعل كبير، وهو ما قد ناقشناه فى مقال سابق حول مضامين لغة الخطباء فى المساجد، وكيف أن عليهم دورا كبيرا فى صناعة التفاعل مع المصلين حتي يزيدوا فيما يقولوا أو يذهبوا للصلاة فى أقصر وقت، ثم أن الالتزام لا حرج فيه طالما هي ضوابط عامة على مساجد مصر ككل.
فكرة الالتزام والوضوح و التفاعل مع المستقبلين ، هي جوهر عمل ونجاح أي مؤسسة ممكنة وليس فردا يخطب فى الناس خطبة جمعة لا يتعدى وقتها عشرين دقيقة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة