يعد فصل الشتاء من الأوقات المفضلة لأهل سيناء شمالا وجنوبا، ففيه يسقط المطر ومعه الخير الذى يخرج من الارض، ويطلق أهل سيناء على المطر اسم " الغيث "، وينتظرون سقوطه بشغف، ويتسابقون فى تناقل أخباره، ويلخص بدو سيناء شغفهم بحب الشتاء بقولهم "الشتاء فرج وإن كان ضيق " أى أنه خير يهل عليهم رغم صعوبة أجوائه وتقلبها.
الاعشاب-الخضراء-تتحدى-برد-الشتاء
وقال سليمان صالح مسلم، 66 سنة، من منطقة الشيخ زويد، إنهم توارثوا حب الشتاء لارتباطه بالمطر، لافتا إلى أنه فى الماضى كان أهل سيناء ينتظرون سقوطه لزراعة القمح والشعير والعدس، وزراعة البطيخ صيفا، وعندما يكون المطر غزيرا تكون وفرة الإنتاج فى هذه المحاصيل ليعم الخير على الجميع.
التجهيز-لطهى-اللبه
وأضاف أن من مشاهد الماضى عند بدو سيناء وعلاقتهم بالمطر، أنهم كانوا يستعدون له مبكرا ببناء بيوت الشعر التى يعدونها بفكر وفن لتقى من المطر وتبعث الدفء لساكنة، بغرف مقسمة جزء منها للسيدات وآخر لاستقبال الضيوف، وبناء العشش المحكمة بغطاء بلاستيك يمنع تماما سقوط المطر وهى لاتزال قائمة حتى اليوم ويتم بنائها بجوار البيوت الأسمنتية والجلوس فيها ، حيث اشعال النار ليلا للتدفئة حولها.
وقالت السيدة أم سليمان، عمرها 70 سنة، إنها لا تزال تحرص على وجبات الشتاء التى تعدها بنفسها، كما كل السيدات من جيلها، وأهمها "العدس" الذي يعد وجبة رئيسية مفتوتا فى الخبز المعد على الصاج وتحته موقد الحطب وهى ماتسمى الفراشيح ، وأيضا " اللبة " وهي الخبز المطهى على الجمر وتحت حرارة الرمال الساخنة، حيث يقلب فيها على شكل قرص حتى ينضج تماما .
وتابعت: نعتمد على أعشاب الطبيعة البكر التى تنمو فى الشتاء ومنها "الخبيزة " ، و"الحمصيص" والتى تطبخ على طريقة طبخ الملوخية المعروفة ، وتغمس بالعيش من الرغيف المعد على الصاج أو قرص اللبة ، وفى أحيان يتم فتها وتناولها.
وتابع الحديث الباحث حسن سلامة من أبناء سيناء بقوله، أن هناك تقاليدا وطقوسا ينفرد بها أهل سيناء فى مواجهة برد الشتاء وأهمها، إشعال النار والجلوس حولها فى الديوان ليلا، مع الحرص على إعداد الشاى والقهوة على جمرها، وفى المعتاد يفضل كبار السن حرارة الجمر لتدليك مفاصلهم بجوارها، وفى النهار يكون الانطلاق للأعمال المختلفة، ومن يقومون بالزراعة والرعي فى أماكن مفتوحة يستغلون شمس الضحى للجلوس تحت حرارتها الدافئة ويسمونها "مشراقة "، مع إعداد الشاى الدافئ ومشروب الاعشاب الطبيعية التى تنمو فى المكان ومنها "المرمرية والحبق" أما مجهزة كما هى أو مخلوطة بالشاى، ويختارون للمشراقة أماكن "الذرى" أي التى تقيهم من الهواء البارد وهذا يكون إما فى مكان منخفض أو وراء حاجز ويتم بناؤه على شكل ساتر خفيف من الحطب تسمى "صيره" بجوار بيت أو فى أماكن مفتوحة .
وأشار الباحث حسن سلامة، إلى أن للشتاء خصوصية عند أهل سيناء، ويتسابقون فى نقل أخبار المطر ويقولون لبعضهم البعض " إن أمطرت بلاد بشر بلاد " أى أن سقوط المطر على منطقة بداية خير لسقوطه على المنطقة التى تليها، ويتم قياس نسبة سقوط المطر بما يسمى "الحفير" وهى الحفر فى الرمال حتى الوصول للرمال غير المبلولة ، ويبشرون بعضهم البعض بما وصلت اليه الأمطار كلا فى منطقته من عمق وإذا كانت كمية النزول لمياه المطر تقدر بذراع يتبادلون التهاني بقولهم "مبروك مطركوا".
ايقاد-النار-بين-الوديان
وأشار جازى سعيد الترابين الباحث المهتم بجمع تراث بدو سيناء، إلى أن من ملامح مواجهة البرد عند بدو سيناء لمواجهة الشتاء ارتداء "الجاعد " وهو جلد الأغنام الذى يجهز ليقى من يرتديه برودة الأجواء .
وأوضح أن الجاعد، يتم مسبقا تجهيزه عند ذبح وسلخ الخروف حيث يشق وينظف، ويتم تمليحه بالملح مع قليل من الدقيق، ويدهن الجلد للحماية من التلف، ثم نشره على كوم رمل ويثبت حتى يجف، ويطحن قليل من الحلبة مع زيت زيتون ويدهن ويترك بالشمس ليكون" لين وطري"، والبعض يقوم بخياطة قطعة قماش مشمع على ناحية الجلد ويصنع له معلاق، ليرتدي بسهولة على الظهر أثناء السير فى البرد ، وعند الجلوس على الأرض يستخدم مفرش، وإذا دعت الضرورة أثناء السير فى الصحراء مع الإبل أو الغنم ولا يوجد وعاء لسقياها يقلب على حفرة ويستخدم لملئها بالماء لتشرب .
وطقوس مواجهة الشتاء التى كان أهل سيناء فى الماضى يقومون بها فى الصحراء والأماكن المفتوحة لايزال يتوارثها الكثيرون، كما يقول مصطفى على أحد الشباب من منطقة غرب العريش، موضحا أنهم فى مجالسهم المبنية من الأسمنت يحرصون على إشعال النار والجلوس حولها فى مواقد مجهزة، والبعض بجوار بيته يحرص على بناء " الكيمر" وهى عريشة الشتاء التى تجهز وتبطن بقماش الخيام المحكمة لمنع تسلل حبات المطر، بينما فى الأماكن البعيدة اثناء العمل فى الزراعة يعدون قرص اللبة على جمر الحطب، والشباب يتسابقون على ارتداء ملابس حديثة على نمط تراثى للوقاية من برودة الأجواء وهى العبائة المبطنة بالصوف التى تغطى كل الجسم وتحميه بتشكيلات والوان متعددة وأسعارها تبدأ من 300 حتى 1200 جنيه .
ارتداء-الجاعد-فروة-من-صوف-الاغنام
الزهور-فى-الطبيعىة
اللبه-وهى-الخبز-فى-الرمال
تقطيعها-للقيمات
تكون-الصقيع-فى-قرى-سيناء
جريان-الوديان
دفنها-بالرمل-الساحن-والجمر
زبد-مياه-السيول
سيول-الوديان
من-مشاهد-البرق
من-مشاهد-سقوط-المطر-بوسط-سيناء
موقد-النار-فى-الصحراء
وسط-الجمر-والنار
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة