تعمل الدول الحديثة بهمة عالية فى بناء الإنسان، لأنها تعرف أن ذلك هو ما يخرج بها من الظلمات إلى النور، ويعمل على ارتقائها ويمنحها القدرة على الوجود فى الصفوف الأولى دائما، وهذا ما يمكن ملاحظته فى التجربة المصرية الأخيرة منذ إعلان الجمهورية الجديدة.
ويمكن لنا أن نعد عام 2021 عاما فارقا فى الثقافة المصرية، فقد واجهنا عددا من التحديات وقدمنا قدرا ملحوظا من الإنجازات، وأثيرت العديد من القضايا، خاصة أن الدولة متمثلة فى الرئيس عبدالفتاح السيسى، قد تبنت منذ البداية الحديث عن الوعى ودوره.
لقد وجدت الدولة المصرية نفسها، مثل الكثير من دول العالم، فى مواجهة جائحة كورونا التى أثرت بشكل كبير على كل شىء، وتسببت فى توقف العديد من الأنشطة فى العالم كله، ولكن الدولة كانت مهتمة بألا يؤثر ذلك على أنشطتها الثقافية، وظهر ذلك مثلا فى حرصها على أحد أهم فعالياتها المتمثلة فى «معرض القاهرة الدولى للكتاب» مما جعلها لا تقدم على فكرة إلغاء الدورة التى تحمل رقم 52، بل قامت بتأجيل الفعاليات التى كان مقررا لها يناير 2021، فقدمته وزارة الثقافة فى 30 يونيو 2021، وفى الوقت نفسه لجأت إلى العديد من التقنيات والأفكار الجديدة، ومن ذلك تقديم الفعاليات جميعها إلكترونيا، مما تسبب فى تقليل الزحام، وتقدم شكلا حضاريا للمعرض.
مرة أخرى تحرص الدولة الحديثة على بناء الإنسان، فقدمت الدولة واحدا من أهم المشارع تمثلت فى «حياة كريمة»، وذلك للنهوض بقرى مصر، وقد كان للثقافة دور مهم يتمثل فى عدد من الأنشطة منها «كشك كتابك» وذلك بتوفير كشك مختص ببيع الكتب المخفضة فى هذه القرى، وذلك ما يجعل القراءة والثقافة جزءا أساسيا من تكوين الإنسان الذى يتغير حاله فى هذه القرى، هذه الخدمة يمكن ملاحظتها أيضا فيما يتعلق بمشروع القضاء على العشوائيات، حيث نجد مراكز ثقافية فى المدن التى تم تطويرها مثل «الأسمرات».
ومن المشاريع الثقافية التى قدمتها وزارة الثقافة بشكل جيد «المسرح المتنقل»، حيث امتلكت الوزارة ست سيارات تتحرك فى محافظات مصر، هذه السيارات تتوقف فى الميادين العامة ويتم تركيب المسرح، وتقدم عليه العروض ويشارك أبناء القرى فى هذه الفعاليات، مما يعمل على اكتشاف مواهبهم وتنميتها أيضا.
ويحسب للدولة متمثلة فى وزارة الثقافة الخروج بعيدا عن مدينة القاهرة، حيث احتفت هذا العام بمدينة بورسعيد عاصمة للثقافة، وأقامت هناك العديد من الفعاليات، كذلك فيما يتعلق بالمبادرات المتنوعة المنتشرة فى محافظات مصر، مما يؤكد وصول الخدمة للمناطق النائية والتى كانت من قبل منسية أو لا تحظى بما يليق بها من خدمات ثقافية.
ويمكن أن نشير أيضا إلى المؤسسات الثقافية التى أضيفت، ويكفى أن نتحدث عما يحدث فى العاصمة الإدارية الجديدة بما فيها من مدينة الفنون، كذلك افتتاح قصور ثقافة وتطوير أخرى فى كل المحافظات.
ولا أستطيع حصر ما تم على المستوى الثقافى فى عام 2021، وكل ما سبق مجرد إشارات وأمثلة تعكس تطورا فى طرق التفكير واختلافا فى زاوية تقديم الثقافة للمواطن، وتؤكد أن «الوعى» قضية أساسية تعمل عليها الدولة وتهتم بها، وذلك إيمانا بأن الإنسان الواعى وحده القادرة على فهم الدولة الحديثة وأن يكون فاعلا فيها.
وبالطبع لا يمكن إغفال الحديث عن «تجديد الخطاب الدينى» وهى واحدة من القضايا الأساسية التى تشغلنا، وذلك لأن لها انعكاسا مباشرا على حياتنا المعيشية اليومية، وإثارة هذا الموضوع من قبل الدولة كله فوائد، أولها يتعلق بطرح الموضوع نفسه، فقد أعطى اهتمام الدولة ثقلا كبيرا للقضية، كما أن الداعين لمثل هذه القضايا صاروا لا يشعرون أنهم وحيدون فى مواجهة الثبات والتزمت.
وأخيرا، أرى أننا نتحرك فى دنيا الثقافة بثقة دالة على قوة شخصية الدولة وقوة مؤسساتها الراغبة بالفعل فى إنسان واع مثقف قادر على تمييز الخبيث من الطيب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة