هل غريبا أن نكتب عن شقة السيدة آمال فهمي الإعلامية والإذاعية المصرية الأشهر في تاريخ الإذاعة في مصر، صاحبة أشهر برنامج إذاعي مصري وعربي "على الناصية"، وبعد وفاتها بحوالي 4 سنوات تقريبا.
الشقة التي تقع في شارع محمد مظهر بالزمالك، عاشت فيها الراحلة آمال فهمي أكثر من 60 عاما، ولم يمنحها الله تعالى نعمة الأولاد، فقد تزوجت لمرة واحدة فقط من المخرج الإذاعي الكبير ومعلمها الفنان محمد علوان واستمر الزواج حوالى 18 عاما، ثم وقع الانفصال بين مخرج الروائع الإذاعية وملكة الكلام بالإذاعة المصرية في هدوء.
وكما هو الحال وقع الخلاف بين الورثة أبناء أشقائها على الشقة والتراث الإذاعي والممتلكات والمقتنيات الشخصية، التي تعتبر ثروة تاريخية حقيقية لإمبراطورة الإذاعة، منذ التحاقها بالإذاعة وحتى وفاتها، بما فيها صورها ومذكراتها وشهادات تكريمها ودروعها، وهي كنز قومي يجب على الدولة الاحتفاظ به ولو في متحف الإذاعة المصرية.
لكن صاحبة العقار الذي تقع فيه الشقة بالزمالك، كانت قد أقامت دعوى قضائية عقب وفاة السيدة آمال فهمي في 8 ابريل 2018، وحصلت مؤخرا على حكم نهائي باستلام الشقة.
المسألة هنا لا تتعلق بخلاف بين الورثة أو حصول مالكة العقار بحكم قضائي على الشقة، وإنما تتعلق بمكان عاشت فيه أشهر إعلامية واذاعية مصرية ويضم تراثها الشخصي الذي أصبح الآن حق عام للأجيال الحالية، مثل تراث كبار الزعماء والسياسيين والأدباء والمفكرين والإعلاميين.
ووزارة الثقافة مشكورة- ممثلة في هيئة التنسيق الحضاري برئاسة المهندس محمد أبو سعدة- أطلقت منذ عام 2018 مع مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، مشروع "عاش هنا"، يضم شخصيات من رموز الوطن فى شتى المجالات لإتاحة الفرصة للأجيال الحالية والقادمة للتعرف على إنجازات هؤلاء الرواد ليكونوا قدوة، وجوهر المشروع هو الوعي والتنوير الذي تتبناه الجمهورية الجديدة التي يبنيها الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحسب آخر البيانات، فقد تم توثيق حوالى 700 شخصية من كتاب وفنانين ومبدعين.
لكن يبقى السؤال هل المشروع يتعلق فقط بالتذكير بالمكان وبالمعلومات عن الشخصية أم ان الأمر ينبغي أن يتعداه إلى الحفاظ على المقتنيات والدروع والتكريمات والصور والمذكرات وغيرها للشخصية العامة، فالمشروع رائع في جوهره، لكن يتطلب تطويره وسوف نكتشف أن الشقق والأماكن التي عاش فيها الفنانون والمبدعون والسياسيون غالبيتها لم تعد حتى ملكا للورثة، بل تم بيعها سواء لمكاتب تجارية أو سكن أو هدم المكان ذاته وتحويله إلى برج سكني.
الكثير من دول العالم حافظت على أماكن مبدعيها وكبار رموزها الفنية والأدبية والسياسية وحولتها إلى متاحف تستقطب الزائرين من الداخل والخارج للتعريف بهم وبأعمالهم وإنجازاتهم في إطار الحفاظ على وعي وذاكرة الدولة.
وهنا نناشد الجهات المعنية سواء وزارة الثقافة صاحبة المشروع أو الهيئة الوطنية للإعلام التي يتبعها الإذاعة والتليفزيون إنقاذ شقة آمال فهمي والحفاظ على مقتنياتها، والبحث عن صيغ قانونية للإبقاء على الشقة وتحويلها إلى متحف وتسوية الأوضاع القانونية بين الورثة ومالكة العقار. وهو ما يمكن أن يحدث أيضا مع شقة نجيب محفوظ ورشدي أباظة ومنزل أنور السادات وغيرهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة