القائمون على تنظيم منتدى شباب العالم فى شرم الشيخ، استطاعوا تحويل وترسيخ المنتدى لمنصة حوار دولية واقعية، تضم كل الأطياف الثقافية والسياسية والدينية، بطلها الشباب، ومطعمة بخبراء فى جميع التخصصات، تذوب فى قاعاته الثقافات، وتتلقح الأفكار وتمتد جسور التواصل، بين الشباب من عاصمة السلام والأمن والأمان، وقبلة السياحة، شرم الشيخ، إلى مختلف دول العالم.
الحرص الشديد من الشباب، سواء المصرى والعربى، أو الأجنبى، للمشاركة فى منتدى شرم الشيخ، رغم جائحة كورونا، يعكس بوضوح قيمة المنتدى، وأنه صار حدثا مهما وفريدا يتجمع فيه الشباب بأغلبية، وخبراء من كل الأطياف الثقافية والعلمية، والمكونات السياسية، يتحاورون فى موضوعات جوهرية، فى الندوات وورش العمل المختلفة، ثم يتناقشون فى موضوعات مفتوحة على هامش فعاليات المنتدى، سواء فى الاستراحات ما بين الندوات، أو فى أماكن الإقامة والمطاعم، فى تقريب وتعارف حقيقى بين الشباب من مختلف الجنسيات.
انطلاقًا من قيمة وأهمية المنتدى، والذى يعد فكرة مبتكرة واستثناءً، لا مستنسخا، سواء فى أعداد الحضور، وتنوع جنسياتهم ولغاتهم وثقافاتهم وخبراتهم وتخصصاتهم العملية، أو فى القضايا المطروحة للمناقشة، فإننى أتمنى من القائمين على تنظيم المنتدى، تسجيله فى موسوعة جينيس للأرقام القياسية، باعتباره أكبر منتدى حوارى دولى يضم أطيافًا متعددة من مختلف الجنسيات واللغات، ومستمر إقامته، للعام الرابع، مع تطويره عاما بعد الآخر، ليضع مصر دائمًا فى صدارة التفرد بقيمتها وقيمها.
ومن المعلوم بالضرورة أن تاريخ مصر حافل، بإرساء قيم التواصل والسلام، ومن أراضيها انطلقت كل رسائل التنوير، والمعانى السامية للإنسانية، فكل دول العالم تقيم للاجئين خيامًا ومعسكرات خاصة وبعيدة على الحدود، إلا مصر، لم تقم خيمة واحدة للاجئ وإنما تحتضنهم مثلهم مثل شعبها!
ومن غير مصر التى دشنت منذ فجر التاريخ رسائل السلام؟، وتحديدًا منذ عام 1260 قبل الميلاد، أى أكثر من 3278 عامًا، عندما وقع الملك رمسيس الثانى من الأسرة الفرعونية التاسعة عشرة، معاهدة سلام مع الحيثيين، والمسجلة على أكثر من نسخة مختلفة من ألواح الفضة والطين وورق البردى..!!
حينها، أى منذ 3278 سنة، لم تكن هناك دول متطورة ومزدهرة حضاريًا، سوى مصر، ولم تكن هناك دول من التى تتربع على عرش الدول الكبرى حاليًا، موجودة، ومعظم دول الصدارة تبحث عن فرض هوية منزوعة من كل دسم وعبق التاريخ، ولا تعرف للإنسانية والتعايش السلمى سبيلًا، ولا يجيدون سوى لغة المصالح، ولديهم استعداد لإزاحة دول من فوق الخرائط الجغرافية، من أجل تحقيق هذه المصالح!
ولن نكون مزايدين إذا اعتبرنا معاهدة قادش التى وقعها ملك مصر، رمسيس الثانى، مع نظيره ملك الحيثيين، هى الأساس لجميع المعاهدات التى توالت بعد ذلك، لا سيما أنها جمعت بين تطبيق القوانين والتشريعات وضمان حق الشعوب فى العيش بأمن وسلام، والتأكيد على أهمية إقامة علاقات جيدة بين الدولتين، والسعى إلى إحلال سلام أساسه احترام سيادة أراضى الدولتين، والتعهد بعدم تحضير الجيوش لمهاجمة الطرف الآخر، وإقامة تحالف وقوة دفاعية مشتركة، واحترام الرسل والمبعوثين بين الدولتين لأهمية دورهم فى تفعيل السياسة الخارجية.
منتدى شباب العالم الذى سينطلق رسميًا، الاثنين 10 يناير، حدث ضخم، يبعث برسائل جوهرية، مفادها أن مصر التاريخ، تفتح ذراعيها للشباب من مختلف دول العالم، ليتحاوروا ويناقشوا ويبحثوا كل القضايا الجوهرية، بإرادة حرة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة