احتشد أكثر من 130 ألفا داخل الاستاد، عدا 50 ألفا آخرين ضاق بهم، وظلوا يتابعون المباراة من خارج أسواره يوم 9 يناير، مثل هذا اليوم، 1970، حسبما تذكر «الأهرام»، 10 يناير 1970.
كانت المباراة فى نهائى بطولة كأس أندية أفريقيا لأبطال الدورى فى نسختها الخامسة بين الإسماعيلى بطل الدورى المصرى، و الانجلبير بطل الكونغو، الفائز بها فى العامين السابقين، وفاز الإسماعيلى بثلاثة أهداف لهدف واحد، ليحقق أول نصر مصرى فى تاريخ هذه البطولة، وفقا لـ«لأهرام» التى احتفت بهذا الحدث الكبير بأن اتخذته مانشيتها الثانى، وأفردت صفحتين داخليتين، بالإضافة إلى الأخيرة، وقالت فى صفحتها الأولى: «الرئيس جمال عبدالناصر سوف يستقبل قبل ظهر اليوم (10 يناير 1970)، أعضاء الفريق الذى يحمل اسم مدينة عريقة فى الكفاح الوطنى، واستطاع - برغم أنه يزاول تدريباته خارج ناديه الأصيل - تحقيق أول نصر مصرى فى هذه البطولة الأفريقية، معطيا نموذجا حقيقيا للرجولة والاستبسال».
كان الإسماعيلى يتدرب خارج أرضه بسبب ما خلفته نكسة 5 يونيو 1967، بتوقف مسابقة الدورى العام، وتهجير سكان محافظات مدن القناة إلى بقية المحافظات، ويمكن القول إن هذه الظروف كانت من أسباب هذا الاحتشاد الشعبى وراء الإسماعيلى، فى حدث يعد استثنائيا فى تاريخ كرة القدم المصرية، وكانت الدولة حاضرة بأجهزتها وبالعديد من كبار المسؤولين منهم، سعد زايد محافظ القاهرة، ورئيس اتحاد الكرة، والدكتور صفى الدين أبوالعز، وزير الشباب، والدكتور محمد بكر وزير استصلاح الأراضى، وعضو اتحاد الكرة، واللواء عبدالعزيز مصطفى، وكيل الاتحاد الدولى، والفريق سعد الدين متولى، كبير الياوران، نائبا عن الرئيس، والذى أعلن عن لقاء الرئيس جمال عبدالناصر بأعضاء الفريق فى اليوم التالى، بالإضافة إلى المهندس عثمان أحمد عثمان، رئيس شركة «المقاولون العرب» ورئيس نادى الإسماعيلى.
يصف الناقد الرياضى الكبير نجيب المستكاوى، مشاهد الحدث بنكهته الخاصة فى الكتابة، التى تضع الرياضة خاصة كرة القدم فى محيطها الاجتماعى والسياسى، وتجمع بين الأدب والفكر والنقد الرياضى الرصين واللاذع، وكان قد أطلق على الإسماعيلى لقب «طرزان الكرة المصرية»، واعتبر الحدث «نصرا رياضيا كبيرا لمصر»، وقال إنه جاء «وسط مشاهد تاريخية لم يسبق لها مثيل، ويندر أن تتكرر، حفلَ بها ستاد القاهرة، الذى كاد يتيه فخرا برواده، الذين أربى عددهم على 130 ألف متفرج، انتشروا فى رحابه وجنباته فوسعهم كتفا فوق كتف، دون أن يضيق أحد بهذا الموقف، الذى نشأ كنتيجة حتمية لإقبال منقطع النظير».
يضيف «المستكاوى»: «إقبال جمهور عظيم ما أروعه فى جنباته وفى دلالته، فاليوم لم يكن عنده يوم الإسماعيلى، بل يوم مصر، وكان الحديث عنه - لهذا السبب - بصيغة الجميع، من قال: أكرمنا يارب، إلى قائل: يا رب نكسب، قبل المباراة وأثناءها، كان الشعور شعور مصر، وبعدها كانت الفرحة فرحة مصر، فرحة الجميع، وبفضل هذه الروح القومية الرائعة كان الله معنا، وتحقق النصر الرياضى الكبير، بشرى بإذن الله للنصر الأعظم، ولهذا أيضا فإنه عندما اكتملت لاستاد القاهرة مقدرته الاستيعابية 100 ألف مشاهد، لم يشأ رجال الأمن أن يغلقوا الأبواب لأن وراءها 70 ألفا يريدون المشاركة بقلوبهم فى هذا المهرجان الرياضى القومى، وصبروا إلى أن دخل 120 ألفا وتكدسوا، وكاد النظام يختل، فلم يكن بد من غلق الأبواب، بعد أن أصبح الاستاد «غابة بشرية» لا موضع فيها لقدم، أو على وجه الدقة لأصبع قدم، وبفضل هذه الروح القومية المباركة أكرمنا الله فعلا، وحقق الإسماعيلى النصر».
كان على أبوجريشة، الملقب بفاكهة الكرة المصرية، نجما للمباراة، وسجل هدفا، وصنع اثنين لزميله سيد عبدالرازق «بازوكا»، وطبقا لنهج المستكاوى المتفرد فى منح درجات للاعبين فى المباريات، فإنه أعطى 9 لحارس المرمى حسن مختار، والسنارى 8، ميمى درويش 7، حودة 6، أمين إبراهيم 8، نصر السيد 6، سيد حامد 6، سيد عبدالرازق «بازوكا» 8، على أبوجريشة 9، أنوس 6، ريعو 6.
تكشف «الأهرام» أن إيراد المباراة بلغ 190 ألف جنيه، رغم قيمة التذاكر المخفضة، وتؤكد أنه أكبر إيراد لمباريات الكرة فى مصر، وكان أعلاها مباراة ريال مدريد منذ سنوات، وبلغ 134 ألف جنيه، وقالت، إن صفى الدين أبوالعز منح ألف جنيه للإسماعيلى بمناسبة الفوز، وهو مبلغ رصدته اللجنة الأولمبية العربية «المصرية» للنادى فى حالة الفوز، بخلاف الألف جنيه التى سلمتها اللجنة للنادى فى الأسبوع الماضى.
فى اليوم التالى للفوز، توجه الفريق الكروى، يتقدمه المهندس عثمان أحمد عثمان، إلى القصر الجمهورى، وفقا لـ«الأهرام»، مؤكدة، أنهم قدموا الكأس هدية للرئيس جمال عبدالناصر، تحقيقا للوعد الذى أخذه الفريق على نفسه بتقديمه هدية إليه لو تحقق الفوز.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة