كيف نشأت المذاهب والنحل والفرق فى الحياة الإنسانية، هناك طرق متعددة وسبل مختلفة، ومن أقدم هذه النحل هى "الأورفية" وهى دين يونانى قديم، له رؤية وتفسير للعالم نتعرف عليها من خلال كتاب "في عالم الفلسفة" لـ الدكتور أحمد فؤاد الأهوانى":
نستخلص ما ذكرته فرقة الأورفية خاصا بأصل العالم وخلق الكون وحقيقة الإنسان:
فى المبدأ كان الزمن، وهو المبدأ الأول ويروي إيديموس أن الليل هو المبدأ الأول، ويذهب هيرونيموس وهلانيكوس إلى أن المبدأ الأول هو الماء، تكون منه التراب أو الطين، وهو الذى تجمد فيما بعد فأصبح الأرض، ومن الطين خرج الزمان.
وكان الزمان وحشا مخيفا في صورة ثعبان له رؤوس ثلاثة: رأس ثور، رأس أسد، وجه إله بينهما.
وكان يسمى أيضا هيرقل، ونشأت مع الزمان الضرورة، وهي قانون القضاء والقدر الذي يسيطر على الكون بأسره ويضم أطرافه، ثم أنجب الزمان: الهواء، والعماء والظلام أو كما تحدثنا الأسطورة الهواء ثم خليج هائل من الماء يحيط بهما الظلام.
ثم يشكل الزمان بيضة فى الهواء، وتنفتح البيضة فيخرج منها فانس أو النور، وفى رواية أخرى أن البيضة انفلقت نصفين فصار أحدهما السماء والآخر الأرض، وفى رواية ثالثة أن القشرة ذهبت فأصبحت قبة السماء.
إذن فانس أو النور هو أول ما أنجبت الآلهة، والنور هو خالق هذا الكون وجميع ما يحويه، وهو يحمل أجنحة ذهبية فوق كتفيه، وهو كائن يتركب من الجنسين، وله جسمان.
أما رواية هيرونيموس وهلانيكوس فتجعل له رؤوس ثور فى جنبيه وفوق رأسه ثعبان يتصور ويتحول إلى جميع أنواع الحيوان، ومن هنا كانت له القدرة على خلق جميع الحيوانات ذكورا وإناثا، ومن أسمائه أو صفاته زيوس وديونسيوس وإيروس وبان، وميتيس وإيرياكيبايوس.
ثم أنجب النور ابنة هى الليل نقيضه وشريكه ثم اتحد هذان المبدآن مرة ثانية فكونا جايا وأورانوس (الأرض والسماء) واتحدت الأرض والسماء فأنجبا ثلاث بنات وستة بنين منهم الرعد والبرق.
وعلمت السماء أن بنيها سوف يقضون عليها فألقت بهم فى نهر تارتاروس، وغضبت الأرض فأنجبت التيتان وكرونوس وريا وأوسيانوس وتيث.
وتغلب كرونوس فصرع أورانوس أباه، وتزوج أخته ريا، فلما أنجبا، ابتلع أبناءهما حتى لا يخلفاه فى القوة.
غير أن زيوس نجا بفضل مساعدة ريا وأرسلته إلى كريت وألقمت أوروانوس حجرا بدل الطفل المولود، وكفل زيوس أهل كريت حتى إذا بلغ أشده ابتلع فانس (النور) فأخذ عنه القوة وأصبح البدء والوسط والنهاية فى كل شيء.
ثم شرع زيوس يرتب العالم أو الكون، ولم يكن ذلك بغير معارضة، تزوج أولا ريا التى أصبحت ديمتر فأنجبت ابنة هى بريسفوني، واغتصب زيوس ابنته، فحملت منه ديونيسوس، واستطاع التيتان (مردة وشياطين) أن ينزعوا الطفل من حراسة أهل كريت بأن اجتذبوا أبصاره باللعب، ثم مزقوه إربا إربا وأكلوا لحمه، ولما علم زيوس بهذه الجريمة أنزل عقابه على التيتان فأبادهم إذ سلط عليهم الرعد والبرق، ثم أعاد دينوسيوس الطفل إلى الحياة، وأًصبح إله الأورفية، فهو ولد ثلاث مرات فقد كان موجودا فى شخص فانس، ثم ابن بريسفونى، ثم الإله الذي عاد إلى الحياة.
وجمع زيوس رماد التيتان وخلق منه الإنسان، فكان بذلك صاحب طبيعيتن، طبيعة الإثم ورثها عن التيتان، وطبيعة إلهية أخذها عن ديونسيوس الذي أكل التيتان لحمه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة