كان الإنسان قديما يراقب العالم حوله، وكانت الأشجار مما استرعى انتباهه بشدة، فكيف نظرت الحضارات الشرقية إلى هذه الأشجار، هل تجاهلتها؟ هل قدستها.
نعتمد في ذلك على كتاب " يقول كتاب ميثولوجيا أساطير الشعوب القديمة لـ حسن نعمة":
للشجرة صلة كبيرة بالملك والراعي، حيث وجدت منحوتات وتصورات حول الشجرة والماء تعود إلى الألف الرابع ق. م، أي إلى العصر الذى لم يعرف الكتابة بعد، وهذا دليل على اهتمام الإنسان بالشجرة والماء، فالخطوط المتوهجة تدل على وجود الماء، فهناك مناظر تمثل الحيوان مع ماء، أو الحيوان مع شجرة، فوجود الماء والشجرة ليس من قبيل الزينة إنما يتضمنان معاني رمزية عميقة تمس وجود الإنسان وأسباب عيشه.
فالعلاقة بين الشجرة والماء هي نفس العلاقة التي تربط الراعي بالماشية، والراعي لا يختلف عن الحاكم المسئول عن شعبه وتأمين أسس حياته فكلاهما راع وكلاهما مسئول عن رعيته، فالحياة الرعوية تتجسد كلها في شجرة الحياة ولا يوجد اختلاف كبير بين الملك وشجرة الحياة فكلاهما مفيد للإنسان.
اختارت الآلهة الملك ليرعى شعبه في المراعي الخصبة مثل قطعان الماشية ويسقيه، وعليه أن يتحمل عبء الرعية كما يفعل الراعي مع الماشية، ومن هنا تشبيهه بشجرة الحياة، حيث وصف الملوك بشجرة النخيل أو بنبتة الحياة الأبدية أو مجرى الماء الكبير إلخ ... وفى معظم الأحياة يصور الملك حاملا بيده غصن شجرة، كما أن الإنسان صور الكون بشجرة عملاقة، فللشجرة قدرة على التجدد الدائم وهي ليست رمزا للكون فقط، بل هي تعبير عن الحياة وتججدد الشباب والخلود ، كما تمثل الشجرة القدرة الكونية وتحمل بعدا روحيا وتمتلك قوى مقدسة فهي تنمو عامودية وتجدد أوراقها كل سنة أي انها تلعب لعبة القيامة، تموت ثم تعود إلى الحياة وهي بذلك رمز للكون.
كان الكنعانيون يقدمون قرابينهم فوق الأكمات وتحت الأشجار الخضراء ، وفى بابل كانت الشجرة مقر إله الخصب ومقر راحة الأم (الإلهة) إلهة التكاثر للماشية وللزراعة. إضافة إلى أن الهنود قديما مثلوا الشجرة ذات الجذور المقلوبة نحو السماء بالكون وكان يعنى إزالة إنسان من الكون إزالة شجرة من جذورها. أما لدى المصريين فقط كانت الشجرة حاملة الأذرع الإلهية والمسؤولة عن العطاء والخصب ففي بعض القبائل الإفريقية رمزت الشجرة إلى الإلهة الأم فقدستها النساء.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة