أغرقت الحرب فى أوكرانيا وما ترتب عليها من تضخم ملايين الأسر فى أمريكا اللاتينية فى براثن الفقر الشديد فى بعض الأحيان، كما أعلن البنك الدولى ومنظمات دولية مختلفة، وذلك بعد أن سجلت القارة تضخما وصل لمستويات قياسية فى 2022 لـ12.1%، وذلك بسبب ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائية.
ويقدر المحللون من صندوق النقد الدولى أن الأسعار ستستمر فى الارتفاع فى أمريكا اللاتينية، ويتوقعون أن ينتهى عام 2022 بتضخم إقليمى يبلغ 12.1 و8.7 % فى عام 2023، وهو أعلى المعدلات فى ربع القرن الماضى، كما يؤكدون.
وأحسنت اللجنة الاقتصادية لأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبى (ECLAC) أمس الأربعاء توقعاتها للنمو لأمريكا اللاتينية لهذا العام، من 2.7٪ المقدرة فى أغسطس إلى 3.5٪، لكنها تتوقع أن يتزايد التباطؤ فى الاقتصاد فى عام 2023، مشيرة إلى أن دول المنطقة ستواجه مرة أخرى سياقا دوليا غير موات، حيث من المتوقع تباطؤ فى كل من النمو والتجارة العالمية مع ارتفاع أسعار الفائدة وانخفاض السيولة العالمية.
وأضافت الهيئة الفنية للأمم المتحدة ومقرها سانتياجو فى تشيلى أن الحرب أثرت سلبا على النمو العالمى "ومعها الطلب الخارجي" على المنتجات الإقليمية.
وستواجه دول أمريكا اللاتينية مرة أخرى "بيئة معقدة للسياسة المالية والنقدية" بعد ارتفاع أسعار الفائدة فى العالم لاحتواء التضخم الذى سيكون له تأثير سلبى على الاستهلاك والاستثمار الخاصين.
ستظهر جميع مناطق أمريكا اللاتينية الفرعية نموًا أقل فى العام المقبل: ستنمو أمريكا الجنوبية بنسبة 1.2٪ مقارنة بـ 3.4٪ فى عام 2022، بينما ستنمو أمريكا الوسطى والمكسيك بنسبة 1.7٪ مقابل 2.5٪. فى غضون ذلك، ستنمو منطقة البحر الكاريبى 3.1٪، باستثناء غيانا، مقارنة بـ 4.3٪ هذا العام.
وستكون تشيلى، التى انخفض ناتجها المحلى الإجمالى بنسبة 0.9٪، الدولة الأكثر تضررًا فى المنطقة العام المقبل.
وأوضحت اللجنة الاقتصادية لأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبى أن معظم دول المنطقة "تتأثر بشكل خاص بالديناميكية المنخفضة للصين، التى تعد سوقًا مهمًا لصادراتها من السلع".
كما سلطت الوكالة الضوء على تأثير "انخفاض أسعار المنتجات الأساسية والقيود على الحيز الذى يجب أن تدعمه السياسة العامة للنشاط الاقتصادي".
فى اقتصادات أمريكا الوسطى والمكسيك، "ستؤثر الديناميكية المنخفضة للولايات المتحدة، الشريك التجارى الرئيسى والمصدر الرئيسى للتحويلات المالية لبلدانها، على كل من القطاع الخارجى والاستهلاك الخاص".
وقال كريستوف وونش، مدير قسم أمريكا اللاتينية فى منظمة المعونة الألمانية "Brot für die Welt" (خبز للعالم): "نشهد الآن أعلى معدلات الفقر فى السنوات الـ30 الماضية
وصل الفقر فى أمريكا اللاتينية إلى مستويات لم نشهدها منذ ما يقرب من 30 عامًا: ستكون تشيلى الدولة "الأقل فقرًا"، حيث أن قيمة سلة الأغذية الأساسية فى تشيلى تستمر بزيادة قياسية تتجاوز 60 الف دولار.
من ناحية أخرى، فإن الحرب فى أوكرانيا وما ترتب عليها من تضخم وتغيرات فى قطاعات الإنتاج الأولية مثل النفط والغاز والألمنيوم والحبوب وغيرها من الفروع الصناعية التى تنتج المدخلات اللازمة فى الزراعة، مثل الأسمدة.
وأشار إلى أن "أوقات معدلات النمو المرتفعة المقترنة بالحد من الفقر المعتدل إلى القوى قد انتهت بالفعل فى أمريكا اللاتينية قبل الأزمة".
كما ستعانى القارة اللاتينية من تباطؤ فى البحث العلمى والابتكار التكنولوجى الذى حققته بعض دول أمريكا اللاتينية بسبب عملية التضخم العالمية، وما يترتب على ذلك من ارتفاع فى الأسعار الذى تعانى منه المنطقة بالفعل عندما لم تنته بعد من التعافى من ويلات فيروس كورونا.
احتلت الأرجنتين والبرازيل والمكسيك المراكز الأولى بين دول مجموعة العشرين التى سجلت أعلى معدل تضخم فى أغسطس. المصدر: فولها دى ساو باولو
يعتبر التباين فى سعر الصرف مصدر إزعاج للعلماء البرازيليين. على سبيل المثال، يكفى أن نرى أنه فى 7 أكتوبر، كان سعر الدولار الواحد 5.21 ريال والريال الواحد 0.19 سنت على الدولار. هذا العام، كان أدنى سعر للدولار فى البرازيل فى بداية أبريل، عندما كان عند 4.60 ريال.
وبالنسبة للارجنتين، فقد قال تقرير بورصة الحبوب فى "بوينس آيرس" الأسبوعي، أن إنتاج الأرجنتين من القمح لموسم 2022/2023 يقدر بنحو 15.2 مليون طن، انخفاضًا من التوقعات السابقة البالغة 16.5 مليون طن، وذلك بسبب الأضرار الناجمة عن الصقيع وسط الجفاف المستمر منذ شهور.
وكشفت بورصة الحبوب فى روزاريو، أن زراعة الذرة فى الأرجنتين تتقدم بأبطأ وتيرة منذ 6سنوات، بسبب الجفاف، حيث تم زراعة الذرة بنسبة 16.4% فى أواخر الأسبوع الماضي، مقارنة بـ 23.6% العام الماضي، ومع ذلك، يمثل تقدمًا بنسبة 2.4% فقط عن الأسبوع السابق.