اتهم المسئولون الروس أوكرانيا بالتخطيط لاستخدام قنبلة قذرة على أراضيها، وقالت وكالة رايا نوفوستى الروسية، أن الهدف من الاستفزاز المخطط له هو اتهام روسيا باستخدام أسلحة الدمار الشامل فى مسرح العمليات الأوكرانية، ومن ثم شن حملة قوية معادية لروسيا فى العالم بهدف تقويض الثقة فى موسكو.
ووفقا لمركز الوقاية من الأمراض والسيطرة الأمريكي، فإن القنبلة القذرة هى مزيج من المتفجرات والمواد المشعة مثل البودرة أو الحبيبات، ويقول المركز على موقعه الإلكترونى إنه عندما يتم تفجير الديناميت أو المتفجرات الأخرى، يحمل الانفجار مواد مشعة فى المنطقة المحيطة.
ويوضح المركز أن الخطر الأساسى الذى تمثله القنبلة القذرة يأتى من انفجارها، مشيرا إلى أن المواد المشعة لن تنتج على الأرجح ما يكفى من التعرض الإشعاعى ليسبب أمراض خطيرة على الفور، باستثناء هؤلاء القريبين للغاية من موقف الانفجار.
ويقول كريستوفر فيلويس، أستاذ العلوم السياسية فى جامعة تولان لمجلة نيوزويك، إنه لم يتم استخدام أى قنبلة قذرة من قبل فى أى صراع. وهى فكرة نظرية أكثر من كونها حقيقية، مضيفا أن فكرة استخدام الأوكرانيين قنبلة قذرة على أراضيهم مجنونة.
وتابع فيتويس قائلا إنه يبدو له أن هذا أمر من نسج خيال بوتين، وأنه يبدو أنه قد ألقاه ووضعه على موقع "روسيا اليوم". وأشار إلى أنه من غير المنطقى أن يفعل الأوكرانيين هذا الأمر، حتى محاولة تحويل الرأى العام ضد الأوكرانيين لأنه لماذا سيصدق أحد الروس.
ويعتقد أستاذ العلوم السياسية أن الجمهور المستهدف بهذه المزاعم ليس المجتمع الدولى ولكن الشعب الروسى، متابعا أن مشكلة بوتين الكبرى الآن ليست الجيش الاوكرانى وإنما الرأي العام الروسى، وربما تستخدم روسيا هذا التصريح لحشد الشعب ضد أوكرانيا.
قال وزراء خارجية الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا في بيان مشترك، إن بلدانهم ترفض "مزاعم روسيا الكاذبة" بشكل واضح، بأن أوكرانيا تستعد لاستخدام "قنبلة قذرة" على أراضيها.
وأشار الوزراء إلى أن وزير الدفاع الروسي، وبطلب منه، أجرى اتصالات مع نظرائه في هذه الدول بشأن "هذه المزاعم التي تستخدمها روسيا ذريعة للتصعيد المرفوض من قبل هذه الدول".
ياتى هذا فى الوقت الذى حذر فيه تقرير أمريكى جديد من أن العالم على أعتاب حقبة جديدة من المرجح أن تلعب فيها الأسلحة النووية دورا أكبر.
وذكر التقرير الذى كتبه ريتشارد هاس، رئيس مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، أن الأسلحة النووية كانت أحد ملامح العلاقات الدولية منذ أغسطس 1945 عندما ألقت الولايات المتحدة قنبلتين ذريتين على اليابان للإسراع بإنهاء الحرب العالمية الثانية. ولم يتم استخدامها بعد ذلك، وساعدت فى إبقاء الحرب الباردة باردة بفرض درجة من الحذر على كلا جانبي المواجهة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى.
فضلا عن ذلك، فإن مفاوضات الحد من التسلح نجحت فى الحد فى الترسانات النووية فى كلا البلدين، وأوقفت أو أبطأت الانتشار النووي. واليوم، فإن سبعة دول فقط تمتلك أسلحة نووية.
والسؤال الآن ما إذا كنا على أعتاب حقبة جديدة لتوسيع الترسانات النووية، ودورا أبرز لها فى السياسات الدولية، والجهود من قبل بعض الدول للحصول عليها. وما يزيد من هذا الخطر هو الإحساس بان المحظورات النووية ضد امتلاك أو استخدام الأسلحة النووية تتلاشى، بسبب مرور الوقت وظهور جيل جديد مما يسمى الأسلحة التكتيكية النووية التي تسبب نتائج أقل كارثية ومن ثم ربما تصبح استخدامها أكثر.
وقد جعلت الحرب الروسية ضد أوكرانيا وصول تلك الحقبة الجديدة أكثر احتمالا بطرق مختلفة. فبعد تفكك الاتحاد السوفيتى عام 1991، سلمت أوكرانيا الأسلحة النووية التي ظلت على أراضيها مقابل ضمانات أمنية. ومنذ هذا الوقت، غزتها روسيا مرتين، وهى النتيجة التي ربما تقنع البعض بأن التخلي عن الأسلحة النووية يحد من أمن البلاد.
وفى أعقاب الغزو الثانى هذا العام، استبعدت الولايات المتحدة التدخل العسكرى المباشر نيابة عن أوكرانيا بسبب مخاوف من أن غرسال القوات أو فرض حظر طيران يمكن أن يؤدى إلى حرب عالمية ثالثة. ويمكن أن ترى بعض الدول هذا دليلا على ان امتلاك ترسانة نووية جوهرية يمكن أن يردع الولايات المتحدة او على الأقل يدفعها للتحرم بضبط نفس أكبر. ومؤخرا، هدد الرئيس الروسى باستخدام الأسلحة النووية فى أو القرب من أوكرانيا فى محاولة لتخويف الاوكرانيين وإجبار الحكومات الأوروبية والولايات المتحدة على إعادة التفكير فى دعمهم للبلاد.
كما ان كوريا الشمالية لا تزال آمنى مع مواصلتها التوسع فى ترسانتها النووية، وقد تعلم العالم أن يتعايش مع ترسانات نووية فى الهند وباكستان وإسرائيل.
والخطر هو أن وجود مزيد من الأسلحة النووية فى مزيد من الأيدى يزيد من فرص استخدام واحدا او أكثر من هذه الأسلحة المدمرة بشكل لا يمكن تخيله. كما ان امتلاك أسلحة نووية لمكن أن يقدم مستوى من الدرع الذى قد يجعل العدوان غير النووي اكثر شيوعا. أو حتى الاعتقاد بان دولة ما تتحرك لتطوير أسلحة نووية يمكن أن يسفر عن عمل عسكرى من قبل الجيران القلقين، وربما يؤدى إلى صراع أكبر.
وفى ظل هذه المخاطر، فإن المهمة الأكثر إلحاح هي ضمان ألا يتم مكافأة تهديد بوتين باستخدام الأسلحة النووية، لأنها ستكون سابقة خطيرة. وهذا يتطلب إبقاء الدعم الغربى العسكرى والاقتصادي لأوكرانيا، وأيضا التذكير المنتظم لروسيا من قبل الولايات المتحدة وحلفائها بأن تداعيات استخدام أي سلاح نووي، سواء بالنسبة للقوات العسكرية الروسية فى أوكرانيا أو لأى قوة مشاركة فى القرار، سيتجاوز بشكل هائل أى منافع متصورة.
وخلص هاس فى النهاية إلى القول بأن العديد من العلماء وصناع القرار عملوا لفترة طويلة تحت وهم أن المشكلة النووية كانت من مخلفات الحرب الباردة. لكن فى الحقيقة، يقترب العالم من حقبة يمكن أن يتم تعريفها بشكل أكثر حدة بالأسلحة النووية، وتغيير هذا المسار أمر حتمى، لكن الوقت ينفذ.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة