توفى منذ قليل الكاتب الكبير بهاء طاهر، الذى يعد أحد أشهر الكتاب الكبار فى مصر، وينتمى إلى جيل الستينيات، حيث ولد فى 13 يناير من سنة 1935.
كان بهاء طاهر حالة ثقافية تستحق التوقف أمامها كثيرا، فبعيدا عن أعماله الأدبية نعرف له أعمالا مسرحية أخرجها ونعرف له ترجمات، وربما ترجمته الشهير لـ رواية باولو كويللو "الخميائى" واحدة من الأعمال المهمة التى صنعت بعدا مهما فى تجربة بهاء طاهر.
وينتابنى إحساس دائم بصوفية بهاء طاهر، كما أن التشكيل الجسمانى له يرتبط فى أذهاننا بهؤلاء المتصوفة الذين يمنحون القدرة الإلهية مساحة كبيرة فى تصريف حياتهم يساعدنا على قبول هذه الفكرة الصوفية.
أعمال بهاء طاهر الروائية
شرق النخيل
أولى روايات الأديب الراحل بهاء طاهر، صدرت عام 1985، ومن أجواء الرواية: "أولاد الحاج صادق يريدون أن يكسرونا كما أرادوا دائما أن يكسرونا، وعمك يعطيهم الفرصة، جربوا ذلك مع جدك من قبل، جربوا أكثر من طريقة، أجروا من يحرق زرعه، لكن من دفعوا له خاف من جدك".
"التفت سمير إلى وقال: وحتى لو فشل هذا الاعتصام فسيكون غيره غدا أو بعد غد إلى أن يصبح الاعتصام مصر كلها فتزحف للقناة وتعبر. سيحدث هذا صدقنى، وسيحدث أكثر، ثم اتجهنا نحو المجموعة الرئيسية التى تحيط بقاعدة التمثال. كانوا يكررون هتافا واحدا منغما "اصحى يا مصر.. اصحى يا مصر".
قالت ضحى
ثانى روايات الأديب بهاء طاهر، صدرت عام 1985، وتناقش الرواية رؤية المجتمع لثورة يوليو وتوضح أسباب وأهداف الثورة التى قامت من أجلها ولم تتحقق، فبطل الرواية سيد قناوى يحاول بكل ما أوتى من قوة أن يحصل على شهادة جامعية للتعلم يحقق من خلالها طموحاته الاجتماعية والثقافية، لكن ظروفه الاجتماعية تحول دون ذلك، بينما الباشا سلطان بيه يتملق وينافق ويحصل بأقل تعب على ما يريده من جاه وسلطة، ويعتبر معادل لما كانوا فى عهد الملكية من البكوات والبشوات.
خالتى صفية والدير
ثالث أعمل الأديب الكبير بهاء طاهر الأدبية، تدور فى صعيد مصر من خلال قصة حب مثيرة وانتقام مدمر، فصفية الفتاة الجميلة تعشق حربى الشاب القوى والوسيم، ولكن حربى لا يشعر بحبها بل يتوسط فى زواجها من الباشا، فلا تغفر صفية له ذلك وتقرر الانتقام. صدرت هذه الرواية عام 1991، وحققت نجاحا نقديا وجماهيريًا كبيرًا فطبعت عدة مرات وترجمت وتحولت إلى مسلسل تليفزيونى ومسرحية.
الحب فى المنفى
رواية صدرت عام 1995، للأديب بهاء طاهر، تدور أحداث الحب فى المنفى فى بداية الثمانينيات، قبل وبعد الاحتلال الإسرائيلى لبيروت، تحكى بلسان صحفى مصرى ناصرى فى الخمسين من عمره، صدم فى ما آلت إليه بلاده بعد رحيل عبد الناصر نفسه، وانتقال البلاد من زعيم إلى قائد. مر بعدة اضطرابات فى حياته الزوجية انتهت إلى الطلاق من زوجته منار، سافر بعدها إلى سويسرا حيث عمل مراسلا لصحيفة لم تعد تنشر له أى شيء، لأنه لا يزال مواليا لعبد الناصر!
تستمر أحداث الرواية فيتعرف إلى المرشدة السياحية النمساوية بريجيت ويحبها. ثم يظهر فى حياته أمير خليجى ثرى يحاول إقناعه بتحرير جريدة ينوى إنشائها، إلا أنه السارد يكتشف أن هناك نوايا مشبوهة فيبتعد.
نقطة النور
رواية صدرت عام 1999، يفتح فيها بهاء طاهر نوافذ الفكر مشرعة على الاستقراءات الاجتماعية وحتى التاريخية ويدنى القارئ أكثر وأكثر للاشتفافات الروحية، تنطلق عباراته شفافة فى مدى الجانب الصوفى، وتأتى معانيه مترعة بالشوق واللهفة إلى بلوغ مراتب السموّ على دروب معالج السالكين. تتآلف هذه كله دونما نفور عند انعطافه للحديث عن الجسد وعن الإنسان بحالاته البشرية. وتتخذ هذه كلها لتشكل نقطة نور تضيء النفس بروعة الخيال الروائى المحتفل بعرس الحياة. هكذا يتحف بهاء طاهر القارئ بروايته "نقطة النور" المستمدة من واقع الحياة، ونقطة النور إنما هى رمز فلسفى يجسد فكرة تصالح الإنسان مع ذاته.
واحة الغروب
تدور أحداث الرواية فى نهايات القرن التاسع عشر مع بداية الاحتلال البريطانى لمصر، بطل الرواية هو ضابط البوليس المصرى محمود عبد الظاهر الذى يتم إرساله إلى واحة سيوة كعقاب له بعد شك السلطات فى تعاطفه مع الأفكار الثورية لجمال الدين الأفغانى والزعيم أحمد عرابي. ويصطحب الضابط معه زوجته الأيرلندية كاثرين الشغوفة بالآثار التى تبحث عن مقبرة الإسكندر الأكبر، لينغمسا فى عالم جديد شديد الثراء يمزج بين الماضى والحاضر، ويقدم تجربة للعلاقة بين الشرق والغرب على المستويين الإنسانى والحضارى، فازت رواية واحة الغروب بالجائزة العالمية للرواية العربية فى دورتها الأولى فى عام 2008م.
ناقد ومحرج مسرحى
ربما الذى لا يعرف الكثيرون أن الأديب الكبير بهاء طاهر، والذى رحل عن عالمنا اليوم عن عمر ناهز 87 عاما، وصاحب أول جائزة للرواية العربية "البوكر" عن روايته "واحة الغروب" عام 2008، وصاحب الإنتاج الأدبى الكبير فى الرواية والقصة القصيرة، كانت له تجربته الخاصة فى المسرح.
وكان صاحب "خالتى صفية والدير" يمارس النقد المسرحى بانتظام فى مجلة "المجلة" فى فترة الستينيات، فعلى الرغم من أن لبهاء طاهر نفسه كتابًا أسبق بعنوان "عشر مسرحيات مصرية عرض ونقد" صدر فى مارس 1985 فهو أيضًا انتقاء لعدد من المقالات النقدية التى نشرها فى مجلة الكاتب فى الفترة ما بين 1965 – 1969، إلا أن هذا الكتاب الأخير يعد إضافة إلى الكتاب الأول ويجعل من كل منهما استكمالًا للآخر.
وبحسب مقدمة كتاب "رواية بهاء طاهر والنقد المصرى" والصادر مع مجلة الثقافة الجديدة عام 2008، لمجموعة من النقاد والباحثين، فإن علاقة بهاء طاهر القديمة بالمسرح، ناقدا متميزا؛ وبالفن المسرحى، مخرجا للمسرحيات "العالمية" فى إذاعة البرنامج الثانى قديما؛ وبالأدب المسرحى، مترجما قديرا.
وأخرج بهاء طاهر للإذاعة أيضا مسلسل "قصر الشوق"، كما عمل مترجماً فى الهيئة العامة للاستعلامات بين عامى 1956 و1957، وعمل مخرجاً للدراما، ومذيعاً فى البرنامج الثانى (الثقافي) الذى كان من مؤسسيه حتى عام 1975 حيث منع من الكتابة، بعد منعه من الكتابة ترك مصر وسافر كثيراً فى أفريقيا وآسيا بحثاً عن العمل كمترجم، منذ عام 1981 وحتى 1995 عاش فى جنيف حيث عمل هناك كمترجم للأمم المتحدة، بعدها رجع إلى مصر ولا يزال هناك، ولعل من من أشهر ترجماته الأدبية ترجمته لرواية "الخيميائى" للأديب البرازيلى الشهير باولو كويلو، والتى صدرت عن دار الهلال تحت عنوان "السيميائى" عام 1996.
أعمال تحولت لـ الدراما
خالتى صفية والدير
فى عام 1994، تحولت رواية "خالتى صفية والدير" لبهاء طاهر إلى عمل درامى من بطولة سناء جميل وبوسى وممدوح عبد العليم ونشوى مصطفى وحمدى غيث وموسيقى ياسر عبد الرحمن وإخراج إسماعيل عبد الحافظ.
تدور أحداث رواية "خالتى صفية والدير" فى قرية بأقصى صعيد مصر، تابعة لمدينة الأقصر الأثرية، على أطرافها دير كبير يعتكف فيه رهبان كثيرون، تربطهم بأهل البلدة علاقات جيدة، خصوصا المقدس بشاى، خادم الدير والوجه المألوف الذى يعرفه كل أهل القرية، لكثرة اختلاطه بهم.
بيت الجمالية
مسلسل "بيت الجمالية" أنتج عام 1996، من تأليف الكاتب بهاء طاهر، سيناريو وحوار مصطفى إبراهيم، إخراج توفيق حمزة، المسلسل بطولة سيد زيان، وائل نور، حنان شوقى، فايزة كمال، بسام رجب، عبير الشرقاوى، وغيرهم.
واحة الغروب
حصلت رواية "واحة الغروب" على الجائزة العالمية للرواية العربية "البوكر" فى دورتها الأولى فى عام 2008، وتعد واحدة من أشهر الروايات التى صدرت فى السنوات الأخيرة وقد طُبع منها أكثر من 13 طبعة.
تتنقل أحداث الرواية بين عصور تاريخية مختلفة لكنها تركز على نهايات القرن التاسع عشر، وبالتحديد منذ بداية الاحتلال البريطانى لمصر، إذ تتبع حياة ضابط مصرى يدعى "محمود عبد الظاهر"، كان من بين المتعاطفين مع الثورة العرابية، ودفع ثمن ذلك عن طريق تجميد ترقياته لفترة طويلة وإسناد مهمات بسيطة له مثل حراسة المنشآت ومرافقة الوفود، حتى ينتهى به الحال مأمورا لواحة سيوة.
وفى عام 2017، تحولت الرواية لمسلسل يحمل نفس اسمها، من بطولة خالد النبوى ومنة شلبى، وكتب السيناريو والحوار مريم نعوم وهالة الزغندى، ومن إخراج كاملة أبو ذكري.
الحب فى المنفى
بهاء طاهر
خالتى صفية والدير
خالتى صفية والدير
واحة الغروب (2)
واحة الغروب
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة