قال المتحدث الرسمي باسم الأمين العام لجامعة الدول العربية، المستشار جمال رشدى، إن الهدف الرئيسي لاجتماعات مجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين الدائمين هو الوصول إلى أكبر قدر من التوافق بين الدول العربية حول القرارات التي من المنتظر صدورها خلال القمة، قبل وصولها إلى المستوى الوزارى، حيث يتم مناقشة القرارات بهدف تحقيق المزيد من التوافق قبل انطلاق أعمال القمة.
وكشف رشدى، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن هناك بعض القرارات مازالت لم تحسم بعد وسوف يتم تأجيلها للاجتماع الوزارى المقرر انعقاده يوم السبت، موضحا أن مسؤولية تحقيق التوافق وبلورته، غالبا ما تقع في جزء كبير منها على عاتق رئاسة القمة العربية، معربا عن أمله أن تنجح دولة الجزائر باعتبارها رئيس الدورة الجديدة لمجلس الجامعة العربية على مستوى القمة في القيام بهذا الدور بالشكل المطلوب.
وأوضح المتحدث باسم الأمين العام للجامعة العربية أن القمة العربية تبدو مختلفة عما سبقها من قمم أخرى عبر مسارين، أولهما أنها جاءت بعد توقف لأكثر من 3 سنوات، وهو ما يمثل تعطيل لأحد أهم آليات العمل العربي المشترك، وبالتالي ينتظر منها العرب من المحيط إلى الخليج الكثير.
بينما يبقى المسار الأخر، بحسب المستشار جمال رشدي، هو تزامن القمة مع العديد من الأزمات المتلاحقة على المستوى الدولي، سواء الطاقة أو الغذاء أو المناخ، وهي الأزمات التي تحمل تداعيات كبيرة ومباشرة على المنطقة العربية، وبالتالي فهي تعقد في ظل ظروف استثنائية سواء على المستوى السياسي الدولى أو حتى على الجانب الاقتصادي، وهو ما يضع مسؤولية إضافية على عاتق القمة بحيث تكون قراراتها عاكسة لتلك الحالة الاستثنائية.
وحول أزمة الأمن الغذائي، باعتبارها أحد أولويات القمة، يرى المتحدث باسم الأمين العام أن الفجوة الغذائية تبقى الخطر الداهم على المنطقة العربية في المرحلة الراهنة بسبب اعتماد معظم الدول العربية على الحصول على الغذاء من الخارج، وهو ما ترك تداعيات كبيرة خلال أزمة كورونا أولا ثم تفاقم الأمر بعد ذلك خلال الحرب على أوكرانيا مع توقف إمدادات الحبوب القادمة من هناك، موضحا أن الأزمات الاخيرة كشفت خطورة عدم القدرة على الحصول على الغذاء رغم توفر السيولة المالية، وبالتالي اصبح الهدف الذى تسعى إليه الدول العربية هو تحقيق أمن غذائي حقيقي في وقت الأزمة.
ويرى رشدى أن الرؤية العربية تقوم على تحقيق الامن الغذائي بشكل تكاملي من خلال حشد الإمكانيات المتوفرة للدول العربية، سواء عبر الاستثمارات، من الدول العربية، أو الموارد البشرية من دول أخرى، أو الأراضي الزراعية والموارد المائية في عدد أخر من الدول لزيادة انتاج الغذاء.
واستطرد أن قضية الأمن الغذائي تبقى، من وجهة النظر العربية، مرتبطة بقضايا أخرى، وعلى رأسها قضية المناخ، ونمط الاستهلاك وإشراك القطاع الخاص، وهو ما يعكس نظرة تكاملية تعكس شمولية القضية.
وأشار رشدي إلى قمة المناخ في شرم الشيخ، موضحا أن مصر تقدمت بمشروع قرار خلال اجتماع المندوبين الدائمين من شأنه دعم مصر خلال استضافتها للقمة المناخية في شرم الشيخ، ومن المقرر أن يعرض على اجتماع وزراء الخارجية العرب، حيث حظى باجماع من المشاركين، خاصة مع أهمية الحدث والقضية التي تبقى المنطقة العربية هي الأكثر تأثرا بها، سواء في صورة الجفاف أو الشح المائي أو غيرها من الازمات المرتبطة بالظاهرة.
وبعيدا عن الأزمات، يبقى سوق الطاقة مرتبطا بالقضية المناخية، وهو ما يتلامس مع الدول العربية المصدرة للوقود الأحفورى، والتي يبقى الاستثمار به مرهونا بما يمكن التوصل إليه من اتفاقات في الشأن المناخي، معتبرا أن قمة شرم الشيخ لن تتسم بالطبيعة التقليدية للقمم المماثلة التي عقدت في السنوات الماضية، عبر الاقتصار على قضية المناخ، وإنما ستكون بمثابة الاتفاق على خطة الاقتصاد الدولي وقواعده في المرحلة المقبلة.
واعتبر رشدى أن قمة المناخ تمثل فرصة جيدة جدا للتوافق حول موقف عربي موحد تجاه القضية المناخية، خاصة مع ارتباطها الوثيق بالدول العربية، سواء المتأثرة بالأزمة أو المنتجة للطاقة وبالتالي سيكون من المهم صياغة موقف عربي موحد تجاه القضية، مع توجه العالم نحو سياسة التكتلات.
وعن التحديات التي تواجه مناطق الصراع، في المنطقة العربية، يرى رشدى أن المعضلة الرئيسية تبقى التأكيد على ضرورة الحل السياسي، خاصة في اليمن وليبيا وسوريا، بينما لا يوجد مجال للحسم العسكري، وهي الرؤية التي تحظى باجماع عربي.
وأوضح أن خطورة هذه الازمات تحمل جوانب متعددة، منها أنها لا تقتصر على دولها وإنما تصل لدول الجوار في صورة لاجئين أو تهديدات أمنية، بينما تمثل في جانب اخر ذريعة للتدخلات الإقليمية، عبر أدوار لها تاثيرات سلبية على مصالح الدول العربية وأمنها، على غرار زرع الميليشيات المسلحة، وبالتالي يبقى السبيل الأنجع لتجاوز هذه التدخلات هو الوصول لحلول جذرية للأزمات العربية.
وعن القضية الفلسطينية، اعتبر رشدي أن الموقف الدولي يعتمد فقط على التصريحات الكلامية المؤيدة لحل الدولتين دون مواقف حقيقية وانخراط حقيقي من الدول المعنية بإطلاق عملية سلمية، على اعتبار أن الوضع الراهن يمكن ان يستمر للأبد، وهو ما يجافي الحقيقة، مشيرا إلى أن التوتر القائم على الاراضي الفلسطينية دليل دامغ على استحالة استمرار الوضع الراهن، معتبرا أن القمة العربية تعد فرصة جيدة لتعزيز صمود الفلسطينيين في ظل العديد من الظروف الصعبة التي يمرون بها في المرحلة الراهنة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة