أكرم القصاص - علا الشافعي

أحمد إبراهيم الشريف

فيلم blonde.. مارلين مونرو تبحث عن أب والعالم يبحث عن فريسة

الإثنين، 03 أكتوبر 2022 10:05 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
غاية الفن، منذ قديم، تحريك المشاعر، فالفنون فى مجملها تجعلك سعيدًا أو غاضبًا، حانقًا أو راضيًا، خائفًا أو مطمئنًا، هكذا الفن لا بد أن يترك أثرًا، وبالمجمل فإن الأفلام وعلاقتها بالبشر أرزاق، فمنها ما يمر مرور الكرام، ومنها ما يترك أثره فى قلبك وروحك، وأنا على يقين بأن كل من شاهد فيلم blonde أو شقراء، الذى يقدم سيرة لأحزان وآلام ومآسى وأوجاع الراحلة مارلين مونرو لن ينسى هذا الفيلم أبدًا.
 
قلنا إن هذا الفيلم مؤلم، والوجع الذى انتشر فى كل مشاهد الفيلم مقصود، فقد اعتمد صناع الفيلم ومن قبلهم الكاتبة الأمريكية جويس كارول أوتس صاحبة رواية "شقراء" المأخوذ عنها الفيلم أن يقدموا كل مؤذٍ فى حياة مارلين مونرو، فبالطبع لم تكن حياتها كلها بهذا الشكل المتوالى من المآسى، وحتما كانت هناك لحظات شعرت فيها بالبهجة والرضا، ولكن الفيلم له قصد ولديه غرض بأن يفرغ الفرح من حياتها وأن يقدم لنا لوحات خالصة من الوجع.
 
يريد الفيلم أن يقول لنا، مهما تكن أحلامك صغيرة ومهما تكن روحك هشة ضعيفة، فإن العالم المحيط بك لن يرحم هذه الأحلام ولن يرق لهذه الهشاشة، بل سيحول حياتك إلى كوابيس إن كانت هذه الكوابيس تسعده وترضيه.
 
 
ما الذى كانت تريده مارلين مونرو من العالم؟ كانت تريد أبًا، والدًا، يسأل عنها، يتواجد فى حياتها، ينقذ أمها من المرض العقلي، وينقذ طفولتها من الخوف، وشبابها من استغلال الآخرين لها، لذا ظلت تنادى كل من اقترب منها بأنه "أبوها" لم ترد شيئًا صعبًا، كانت تريد أن ينظر إليها الناس بوصفها إنسانا، تملك أحلامًا، كانت تريد أن تظل "نورما جين" اسمها الأصلى الذى ولدت بها، كانت تريد طفلًا يشعرها بجدوى الحياة، ويشعرها بالحب، بالمجمل كانت تريد من يحبها وتحبه.
 
ما الذى كان يريده العالم من مارلين مونرو؟ كان يريد فريسة تشعره بنهمه، فالعالم الخارج لتوه من حرب عالمية جرب فيها الموت المجانى، خرج منها جشعًا للحياة على حساب المشاعر، لا وقت للمشاعر، كان شعاره "أمامنا وجبة فلنأكلها، وأمامنا فتاة تريد الحياة، لا يهم، هى جسد ولا شيء آخر، فلنلتهمها".
 
ولأن الفيلم لديه غرض محدد، لذا لم يعط مسافة كبيرة للحب فى حياة مارلين، فلم يلق ضوءا كافيا على علاقتها بزوجها الكاتب الكبير آرثر ميلر، لكن الإشارات البسيطة دلت أنه كان متفهما لها متعاطفًا معها راغبا فى مساعدتها، لكن لأن ذلك ليس فى مصلحة الفيلم لذا همشوا دوره وجعلوه مجرد مراقب لتعاستها، وعلى ملامحه علامات التأثر.
 
مأساة مارلين مونرو أنها تنبهت مبكرا أن لا أحد يحبها، أن الجميع يعرف أنها ضعيفة، وأنها ستصمت أمام الإهانات المتتالية، وبالفعل لم يحبها أحد، ربما "كاس تشارلى شابلن" أحبها بعض الوقت، حتى أنه اختلق شخصية "والدها" وظل يرسل إليها الخطابات التى يختتمها بجملة "والدك الملتاع"، وهى تعلقت بتلك الخطابات، لكن فى النهاية مات "كاس"، وبعد موته أخبرها عن طريق رسالة بأنه "لا وجود للأب الملتاع" إنه هو "كاس" كان يريد أن يهون عليها الحياة، وهذا الموت المزدوج لـ"كاس" ولشخصية الأب الوهمية كان سببا أساسيا فى موت مارلين.
 
مأساة مارلين مونرو أنها تنبهت إلى نظرة العالم إليها مبكرا، عرفت أنه لا يراها سوى فريسة يريد أن يلتهمها، لكن ما المانع أن يتلهى بها قبل أكلها، فهى ضعيفة وهو قاسى القلب بما فيه الكفاية.
 
 
 








الموضوعات المتعلقة

طه حسين العظيم بشهادة نوبل

الأحد، 02 أكتوبر 2022 10:38 ص

الإنسان حيوان ناطق.. خطأ شائع

الأحد، 25 سبتمبر 2022 11:21 ص

شامبليون.. ارفع قدمك عن الفرعون

السبت، 24 سبتمبر 2022 01:23 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة