"الحب استمرارية ونقاء، والكراهية موت وشقاء".
ربما يندهش البعض لكون (الحب) أحد أهم مكارم الأخلاق، فمعنى الحب قد يكون لدى الكثيرين قاصراً على الحب الرومانسي بين الرجل والمرأة، أو ربما لأنهم لم يتعمقوا كثيراً بالمعني الحقيقي الأوسع والأشمل للحب.
فالحب هو المحسن الطبيعي لسلوك الانسان تجاه الأشياء طواعية دون إجبار أو إلزام، وقد قيل أن الحب يشفي من الأمراض ويطيل العمر ويكسب الشخص مناعة وقوة لا يقو أي شئ آخر علي منحها إياه.
فإن ساد الحب بما يحمله من طيب القول و السلوك بين الناس وبعضها صح المجتمع واستقام وشفي من أمراضه و أدران نفسه.
وعلى الرغم من أن الحب هو أحد مكارم الأخلاق، لكنه ذو سطوة وتأثير شديد علي باقي القيم والفضائل الأخلاقية.
فالحب الصادق له القدرة علي تحويل الأشخاص تماماً و تغيير سلوكياتهم عن طريق إكسابهم بعض الأخلاقيات التي لم تكن موجودة لديهم من قبل كالعطاء و الوفاء و التسامح، أو تفعيله لقيم أخلاقية موجودة بالفعل لدي الشخص قد كانت غير مفعلة و ربما لا يعلم هو نفسه بوجودها داخله.
والحب له من الأشكال والعلاقات ما لا حصر له، إذ أنه لا يقتصر علي علاقات البشر ببعضهم البعض فحسب، وإنما يتسع ليشمل العلاقات بين كافة المخلوقات التي تمشي علي الأرض و تطير بالسماء و تغوص بأعماق البحار ،
والأعمق من ذلك تبادل هذه العلاقة النبيلة بين بني البشر وغيرهم من مخلوقات الله الأخري كالحيوانات و الطيور.
و عن "المحبة" قال الله تعالى:
".. وألقيت عليك محبة مني ولتصنع على عيني" طه: 39
والتي تدل على محبة الله لنبيه موسى عليه السلام،
وقال عز وجل:
"قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم" آل عمران: 31.
وتلك الآية الكريمة من الآيات الكثيرة التي توضح محبة الله عز وجل لمن اتبع رسله وثبت على الإيمان والجهاد في سبيله
كما اقترن اسم الله في الإنجيل بالمحبة ، "الله محبة" ١ يوحنا ٤:٨.
وعن المحبة بالكتاب المقدس:
-"أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، إِنْ كَانَ اللهُ قَدْ أَحَبَّنَا هَكَذَا، يَنْبَغِي لَنَا أَيْضًا أَنْ يُحِبَّ بَعْضُنَا بَعْضًا" - يوحنا 4: 11
-أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، لِنُحِبَّ بَعْضُنَا بَعْضًا، لأَنَّ الْمَحَبَّةَ هِيَ مِنَ اللهِ، وَكُلُّ مَنْ يُحِبُّ فَقَدْ وُلِدَ مِنَ اللهِ وَيَعْرِفُ اللهَ. وَمَنْ لاَ يُحِبُّ لَمْ يَعْرِفِ اللهَ، لأَنَّ اللهَ مَحَبَّةٌ" - يوحنا 4: 7،
ليكون فيهم الحب الذى احببتنى به وأكون أنا فيهم" (يو 26:17).
وقد كشفت دراسة مصرية صادرة عن مركز الأقصر للحوار والتنمية أن مشاعر الحب في مصر القديمة كانت معلنة وظاهرة.
وأوضحت تلك الدراسة أن الآلهة
( إيزيس وحتحور ) ، كانتا من أبرز آلهة الحب والبهجة والسعادة لدى القدماء المصريين، الذين قدروا أيضا المعبودة "أفروديت" آلهة الحب والجمال لدى الرومان واليونانيين، إبان حكمهم لمصر
كما أوضحت دراسة ثالثة صادرة عن مركز إيزيس لبحوث المرأة ، أن الفراعنة اتخذوا من فصل الربيع موسما للحب ، وأن المصري القديم احتفى بمحبوبته وعشيقته وزوجته وكان يعبر عن عواطفه تجاهها في احتفالية يطلق عليها "الوليمة".
فلو تحاب الناس وتعاملوا بالمحبة لاستغنوا بها عن العدل فقد قيل:
العدل خليفة المحبة يستعمل حيث لا توجد المحبة، إذ أنها أفضل من المهابة، لأن المهابة تنفر والمحبة تؤلف، فطاعة المحبة أفضل من طاعة الرهبة،
ولعلنا نتذكر هذا القول:
"كل قوم إذا تحابوا تواصلوا وإذا تواصلوا تعاونوا وإذا تعاونوا عملوا وإذا عملوا عمروا، وإذا عمروا عمروا وبورك لهم"
من كتاب الذريعة إلى مكارم الشريعة للراغب الأصفهاني ،
أي أن المحبة بين الناس هي الضامن الذي لا مساس به للإرتقاء بالبشر و التسارع في الخيرات و التعاون علي كل ما هو طيب
فأيهما أحسن وأفضل، أن تكون علاقة الأب بأبنائه علاقة رهبة أم علاقة حب، وكذلك علاقة المرؤوس برئيسه في العمل، والتلميذ بمدرسه؟
بالطبع علاقة الحب والود أكثر إيحابية وإنجاز وإقبال ومحاولات ارتقاء و تحسن غير منقطعة لكسب الثقة التي يقابلها تشجيع مستمر دون تخويف أو ترهيب قد يفقد الإنسان حماسه و انطلاقه و يسلبه طاقته الإيجابية التي تتغذي بشكل أساسي علي الشعور بالحب .
و خير ختام لمقال اليوم عن فضيلة الحب ، كلمات النبي الكريم صلوات الله و سلامه عليه إذ قال:
"لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أفلا أدلكم على شيء إن فعلتموه تحاببتهم، "أفشوا السلام" ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه" و"خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي". رواه مسلم
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا أحب الله عبدا عسله" فقيل: وما عسله؟ قال "يوفق له عملا صالحا بين يدي أجله حتى يرضى عنه جيرانه" أو قال من حوله، رواه أحمد،
ومعنى الحديث باللغة الدارجة ،
" اللي ربنا يحبه بيحبب فيه خلقه"
و إلي لقاء مع حديث غير منقطع عن الأخلاق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة