أكد اللواء محمد ابراهيم الدويري، نائب المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن القيادة السياسية نجحت فى أن تضع مصر على المسار الصحيح فى كافة المجالات السياسية والعسكرية والاجتماعية، بالرغم من المشكلات التي تعاني منها الدولة المصرية فى ظل الظروف الدولية المؤثرة على الجميع.
وكتب اللواء الدويري، في مقالته اليوم الأحد، التي نشرت على موقع المركز تحت عنوان " الدولة المصرية بين الواقع الحالي والمستقبل"، أنه لا يمكن لأى إنسان وطنى أن يتجاهل الوضع الحالى الذى يشهد مدى تطور الدولة المصرية فى كافة المجالات، وكيف انتقلت مصر بنجاح منقطع النظير من مرحلة الدولة الهشة التى كانت السمة السائدة ابتداء من أحداث يناير 2011 إلى مرحلة الدولة القوية المستقرة التى بدأت معالمها واضحة منذ عام 2014 ولازالت جهود بناء الدولة الحديثة وترسيخ أعمدتها مستمرة على قدم الوساق حتى الآن.
وأضاف أنه لا شك أن تقييم طبيعة الوضع الحالى يفرض علينا أن نتحدث أولاً عن موقف القيادة السياسية وكيف تحركت خلال المرحلة السابقة والطموحات التى تهدف إلى تحقيقها.
وأشار في هذا المجال إلى المحددات الرئيسية، المحدد الأول : أن الشعب المصرى هو الذى اختار قيادته السياسية بإرادة حرة كاملة منذ عام 2014 قناعة منه أن هذه هى القيادة المؤهلة للحفاظ على أمن وسلامة واستقرار البلاد خاصة فى ضوء حالة السيولة التى اتسمت بها أوضاع الدولة والعمليات الإرهابية التى اجتاحت ربوع مصر فى هذه المرحلة وكادت تسقط الدولة، الأمر الذى دفع الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى التجاوب مع هذا المطلب الشعبى بشجاعة ودون أى تردد.
وتابع المحدد الثاني: أن القيادة السياسية قررت منذ اليوم الأول لتوليها السلطة فى أن يكون عنوان المرحلة القادمة هو العمل والجهد المضنى من أجل أن تنتقل مصر إلى مصاف الدول الكبرى ولكن بشرط، أن يكون الجميع على استعداد لتقديم التضحيات المطلوبة فى إطار ما يسمى بالمسئولية الجماعية، والمحدد الثالث : أن القيادة المصرية راهنت على العنصر الرئيسى والأهم الذى سوف يساعدها على تحمل المسئولية وتحقيق الأهداف المرجوة لمستقبل أفضل لمصر وأقصد بهذا العنصر الشعب المصرى الذى سوف يظل بمثابة السند الأساسى ليس فقط للرئيس ولكن أيضاً لاستقرار الدولة كلها .
وأكمل المحدد الرابع: أن القيادة السياسية تحركت فى مسارات متوازية من أجل تحقيق التنمية المطلوبة حيث اشتملت هذه المسارات على المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية والأمنية كلها فى آنٍ واحد، حيث إن حالة الدولة فى هذا التوقيت كانت تتطلب هذا النهج، أما اتباع أى سياسة أخرى لم يكن يجدى أو يساعد الدولة على أن تقف على قدميها مرة أخرى .
ولفت اللواء الدويري إلى أن الدولة المصرية خرجت من أحداث 2011 و2013 وهى متخمة بالعديد من المشكلات الإقتصادية التى لا حصر لها ويكفى هنا أن نضرب مثالاً واحداً وهو أن خسائر العمليات الإرهابية فى مصر خلال هذه الفترة وصلت إلى حوالى477 مليار دولار، وهو الوضع الذى كان لابد معه أن تتخذ الدولة قرارات اقتصادية صعبة وتلجأ إلى صندوق النقد الدولى وتضع خطة إصلاح اقتصادى متكاملة بهدف أن تخرج من عنق الزجاجة .
وأكد أنه وفى الجانب المقابل لم تقف الدولة المصرية موقف المتفرج من هذه المشكلات الاقتصادية التى اجتاحت العالم وتأثرت بها البلاد، حيث اتجهت الدولة إلى معالجتها من خلال اتخاذ العديد من القرارات الاقتصادية وبرامج الحماية الاجتماعية والصحية، وهو الأمر الذى كان عاملاً إيجابياً فى تقليل حجم التأثيرات السلبية الناجمة عن هذه المشكلات وبما ساعد على الاستمرار فى تنفيذ المشروعات القومية على مستوى الدولة كلها مثل ( العاصمة الإدارية – بناء المدن الجديدة – تحديث البنية التحتية – القضاء على العشوائيات – إنشاء عشرات الجامعات الجديدة – إستصلاح الأراضى وزراعة القمح – مشروعات توطين الصناعة – الرقمنة - مشروع حياة كريمة ) بالإضافة إلى ما شهدته الدولة من رفع معدلات النمو الإقتصادى بشهادة أهم المؤسسات الدولية رغم كافة هذه الظروف المعاكسة.
وشدد على ضرورة الاشارة أيضاً إلى أن الدولة المصرية أصبح لها تأثير واضح فى العديد من القضايا الإقليمية والدولية وتعمل مع المجتمع الدولى من أجل التوصل إلى حلول سياسية لهذه القضايا، انطلاقاً من قناعة القيادة السياسية بأن استقرار المنطقة سوف يساعد بشكل مباشر فى عمليات التنمية الشاملة التى تقوم بها الدولة، ومن ثم فإن التوجه المصرى لدعم العلاقات مع جميع الدول سوف يكون عاملاً هاماً فى تحسين الاقتصاد المصرى خلال المرحلة القادمة، ولا شك أن مؤتمر المناخ COP 27 المقرر عقده فى مدينة شرم الشيخ خلال الفترة من 7 حتى 18 من نوفمبر المقبل بحضور حوالى 197 دولة يعد أحد الدلائل على الوضعية المميزة التى وصلت إليها الدولة المصرية حالياً .
ورأى أن الفترة القادمة تمثل أهمية خاصة للدولة المصرية، وأنه من الضروري أن يتم الأخذ فى الاعتبار العوامل الرئيسية التالية، أولا: القناعة التامة بأن الدولة المصرية أقوى وأعظم من أى مهاترات داخلية أو خارجية أياً كانت طبيعتها أو مصدرها، حيث إن الدولة التى نجحت فى القضاء على الإرهاب وانطلقت بكل قوة إلى عصر الجمهورية الجديدة قادرة بإذن الله على استكمال مسيرتها الناجحة دون أن تلتفت إلى أى معاول للهدم .
وأضاف، العامل الثاني : بالرغم من أن هناك تقديراً واستحساناً واضحاً على المستوى الاقتصادى للإجراءات التى تم إتخاذها مؤخراً وخاصة بالنسبة لتحرير سعر الصرف إلا أن هناك مسئولية كبيرة تقع على الدولة فى ضرورة تشديد الرقابة لضبط الأسعار التى ترتفع بدون مبرر سوى جشع البعض، ومن ثم لابد أن تكون قبضة الدولة قوية للغاية فى مواجهة المتلاعبين بالأسعار الذين لا تقل خطورتهم عن خطورة كل من يسعى إلى تخريب الدولة والتحريض عليها، والعامل الثالث : أهمية أن يكون هناك مزيداً من اليقظة الأمنية خلال الفترة المقبلة مقارنة بأى فترة سابقة حيث أن النجاحات التى تحققها الدولة يمكن أن تدفع بعض الأطراف إلى محاولة الإساءة إلى صورة وإستقرار مصر، وفى هذا الشأن يجب أن أسجل كل التقدير والتحية والإمتنان للقوات المسلحة والشرطة على كل الجهد المبذول للحفاظ على أمن الوطن والمواطن .
وتابع العامل الرابع: لا زالت هناك حاجة ملحة للغاية أن يقوم الإعلام المصرى بمخاطبة المواطن المصرى البسيط وليس فقط المفكرين والمثقفين والفنانين ورجال الأعمال ، حيث إن هذا المواطن البسيط لا يهمه سوى أن يجد السلع الأساسية التى يحتاجها بأسعار مناسبة دون أن يبحث عن المعنى العلمى للتعويم أو مفهوم سلة العملات، ومن المؤكد أن تفهم المواطنين البسطاء للقرارات التى تتخذها الدولة وتأثيرات المتغيرات الدولية على البلاد سوف يكون له الأثر الإيجابى فى أن يكونوا خير دعم للدولة واستقرارها .
وأكمل العامل الخامس : أهمية استمرار برامج الحماية الاجتماعية مع تطويرها كل فترة من أجل أن تتمشى مع تطور حالة الأسواق وأسعار السلع الأساسية، وهنا أود أن أسجل أيضاً كل تقديرى لحزمة القرارات الأخيرة التى أعلن عنها رئيس الوزراء يوم 26 أكتوبر بتكليف من الرئيس السيسى والتى تقرر أن يتم تطبيقها على الفور وهى فى مجملها سوف تكلف الدولة 67 مليار جنيه .
واختتم اللواء محمد ابراهيم مقالته قائلًا:" إنه مع تسليمنا بأن هناك مشكلات لا زالت تعانى منها الدولة المصرية وهو أمر طبيعى فى ظل الظروف الدولية المؤثرة على الجميع، إلا أنه من المؤكد أن لدينا قيادة سياسية نجحت فى أن تضع مصر على المسار الصحيح فى كافة المجالات السياسية والعسكرية والإجتماعية، أما فى المجال الاقتصادى وهو العامل الأهم خلال الفترة الراهنة فلا شك أن الجهد الذى بذلته الدولة مؤخراً وظهرت بعض نتائجه الإيجابية فى المؤتمر الإقتصادى الذى عقد يوم 23 أكتوبر ثم الملتقى الدولى الأول للصناعة الذى عقد يوم 29 أكتوبر والتسهيلات التى تم تقديمها للمستثمرين مع السعى الجاد لإنجاح توطين الصناعة فى مصر خير مثال على أن المستقبل القريب سوف يكون بإذن الله مبشراً للشعب المصرى العظيم، وسوف تعود الدولة المصرية لتحتل مكانتها الطبيعية فى عالم الأقوياء، وأن كل ما نحتاجه حالياً مزيداً من العمل الجاد والتضافر الشعبى من أجل دعم الدولة والحفاظ على استقرار البلاد" .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة