قدمت "لجنة اللغة العربية في التعليم" بـ مجمع اللغة العربية، ومقررها الدكتور محمد حسن المرسى، عددًا من التوصيات المهمة تتعلق بمناهج التعليم، حيث تعمل اللجنة على إمداد الوزارات المعنية بالتعليم في مصر بتوصياتها، وتضم اللجنة في عضويتها الدكتور محمد فتوح أحمد، والدكتور محمود الربيعي، والدكتور محمود كامل الناقة، والدكتور عبدالحكيم راضي، والدكتور مأمون وجيه، والدكتور عبدالحميد شيحة، والدكتور أحمد السعيد شلبي (خبيرًا).
وأصدرت اللجنة بيانا احتوى على توصيات مهمة، جاء فيه:
تنطلق توصيات اللجنة من ثوابت راسخة، منها أن إهمال أي مجتمع للغته يعني التنازل عن ثقافته، وتوسيع الفجوة بين أبنائه وثقافتهم وتراثهم وقيمهم وثوابتهم، وسيادة أوطانهم واستقلالها، فاللغة هي الحبل السُّريُّ الذي يربط أجيال العصر بثقافة الأسلاف وحضارتهم، وتراثهم العلمي والحضاري والفلسفي، ومنظومة القيم والأخلاق؛ لذا نجد الأمم والشعوب تناضل نضالًا مشهودًا للحفاظ على لغاتها الوطنية، وهُوياتها القومية، واستقلالها الذي لا يتم إلا بلغتها التي يرتبط بها أبناؤها ارتباطًا وثيقًا؛ فاللغة ليست مجرد وسيلة أو أداة أو وعاء، إنها الرحم الذي يصنع الفكر والولاء والانتماء والثقافة والهوية والشخصية؛ فاللغة وطن، فهي التي تنسج شبكة الوفاق بين أفراد المجتمع؛ فلا وفاق بدون لغة، ولا مجتمع بدون وفاق.
كما تؤكد اللجنة أن المخاطر التي تهدد اللغة العربية تأتي من بعض أهلها الذين يلحقون الضرر بها من نواحٍ عديدة، منها مُناصبتهم العداء لها؛ لتأثرهم باللغات الأجنبية إلى درجة الاندماج والتماهي والانسلاخ عن الهوية الثقافية واللغوية، ومنها إيثار العاميات والترويج لها، ونشرها، وجعلها بديلًا عن اللغة العربية الفصحى. ومن جهة ثانية يوسع الفجوة بين العرب بخاصة، وبين الناطقين بها في أنحاء العالم بعامة.
أهم إنجازات اللجنة وتوصياتها ومقترحاتها:
1- متابعة مشروع قانون حماية اللغة العربية، والسعي لإدراجه ضمن جدول أعمال البرلمان في دورته الحالية.
2- فحص كتب اللغة العربية في التعليم العام من الصف الرابع الابتدائي حتى الصف الثالث الثانوي ومراجعتها، وإجراء تعديلات جوهرية فيها مع تغيير بعض النصوص الأدبية، وموضوعات القراءة في كتاب الصف الثالث الثانوي خاصة.
3- فحص كتب المرحلة الأولى من التعليم الابتدائي في المنظومة الجديدة ومراجعتها، وإعداد تقرير وافٍ عن بعض الكتب لهذه المرحلة، وشمل دليل المعلم أيضًا، وانتهى التقرير إلى ضرورة تعديل هذه الكتب؛ لأنها لا يتوافر فيها كثير من شروط تعليم اللغة العربية لهذه المرحلة التي يتم فيها التكوين العقلي واللغوي لأبنائنا؛ فبعض الموضوعات غير ملائمة لبيئة التلاميذ، وبعيدة عن واقع البيئة المصرية، كما أن القصص المقررة (المشتركة والموجهة والمصورة) معظمها يفتقر للأسلوب القصصي الفني الشائق، أو الحكايات المناسبة، وكذلك الشعر المقدم للأطفال هو لمؤلفين مبتدئين، لا يرتقي بوعي الأطفال وتوسيع مداركهم.. وغير ذلك كثير من الملاحظات الفنية والتربوية واللغوية وهي في تقرير مستقل.
4- ناقشت اللجنة "التعليم عن بعد"، وانتهى الرأي بالإجماع أن يكون في حالة الضرورات كما هو الحال في جائحة كورونا، ولكنه ليس بديلًا عن الحضور والتعليم المباشر؛ لأن غياب التفاعل بين المعلم وطلابه سيكون له آثار خطيرة، بجانب فقر الإمكانات المادية لقطاعات كثيرة من الأسر المصرية. كما أن التعليم عن بعد يتطلب تدريبات للمعلمين عليه؛ فمعظمهم لا يجيد التعامل معه.. واللجنة تؤكد دائمًا أن تعليم اللغة يقوم على الإسماع والاستماع، والتواصل اللغوي الذي يقوم على الشفاهية والمواجهة، فالكفاية الاتصالية أهم من الكفاية اللغوية بقواعدها؛ لأننا نريد أن نخرِّج طالبًا لديه القدرة على الاستعمال الصحيح للغة العربية، فيجب أن يكون النشاط اللغوي ممتدًا على مدى اليوم الدراسي؛ فالمعوَّل عليه في تعليم اللغة الاستعمال والتواصل داخل الفصول، بل داخل المدرسة والبيت، وفي مناحي الحياة كلها.
5- ترى اللجنة أن المسؤولين عن التعليم عليهم الالتفات إلى مهارة التحدث، وذلك بأن يكون الجانب الشفهي قسيم الجانب المكتوب، فمهارة التحدث من منظور تعليمي هي أن يُعبِّر المتعلم عن مشاعره ومحصوله بما يقع موقع الاستحسان من السامع، وهذا مهم جدًّا؛ لأن اللغة معظمها شفهي، فإن غابت اللغة المنطوقة عن تعليم اللغة فنحن لا نُعلِّم اللغة تعليمًا كاملًا، وفي التعليم عن بعد نخشى أن يفقد أبناؤنا مهارة التحدث، ومهارة الكتابة الصحيحة في التعبير والإملاء والخط، أو قل على القلم السلام.
6- ناقشت اللجنة طريقة الاختبارات في اللغة العربية بنظام الأسئلة الموضوعية وبالتحديد الاختيار من متعدد، وانتهت إلى أنه لا يصلح في بعض فروع اللغة العربية؛ لأنه يضيع الابتكار والإبداع في إنتاج الطالب بأسلوب إجابات تعبر عن نفسه ورأيه، كما يضيع الكتابة بالقلم والخط العربي.
7- ترى اللجنة أن إلغاء مستوى التذكر من المستويات المعرفية عند تقييم طلاب الثانوية العامة، يؤدي إلى إهمال الطلاب جانب الحفظ للنصوص الأدبية الرفيعة التي تُكوِّن العقلية اللغوية والجمالية لأبنائنا، وتربي فيهم الذائقة الأدبية.. ونؤكد أن الحفظ غير التلقين المرفوض.
8- توصي اللجنة بوضع منهجٍ للمستوى الرفيع في اللغة العربية للمرحلة الثانوية، وتضاف درجته للمجموع الكلي للطالب الذي يختاره.
9- توصي اللجنة بأن يكون التعليم الوطني باللغة العربية؛ فإجادة أي لغة يجب أن تكون بعد إجادة اللغة العربية، فالحِسُّ اللغوي نكتسبه من اللغة القومية أولًا، ولا ننتظر أن ينشأ عن التعليم معرفة إذا كان بغير اللغة القومية. فدول الاتحاد الأوربي وحَّدت كل شيء إلا اللغة، فكل دولة تتمسك بلغتها، وإن كانت لغة البحث هي اللغة الإنجليزية.
10- إنشاء بنك للنصوص الأدبية "الذخيرة الأدبية"، وإنشاء قناة على اليوتيوب لأداء النصوص أداءً سليمًا معبرًا بأصوات جميلة، مثلما نجد عليه من تسجيلات قُرَّاء القرآن.
11- يجب الخروج من المحلية إلى العالمية بحوسبة اللغة، ووضعها على الشبكات العالمية، فهي لغة أصلية، ولها حضارة، ولا بد من الحوسبة والرقمنة.
12- المدارس الدولية بمصر نوعان:
- أولهما لأبناء غير المصريين المقيمين في مصر، وهؤلاء يدرسون مناهج دولهم.
- الآخر لأبناء مصر، ويدرسون اللغة العربية، والدراسات الاجتماعية، والتربية الدينية، والتربية الوطنية، وهي مواد رسمية إجبارية؛ فاللغة العربية – مثلًا – مع أنها إجبارية إلا أن الطالب يخير بين دراستها بشرط النجاح فيها بالحصول على نصف الدرجة (50٪)، وبين أن تضاف للمجموع الكلي لدرجاته، وقليل من الطلاب يختارونها ضمن المواد التي تضاف للمجموع. ولكن المشكلة في أن غالبية الطلاب يعزفون عن اللغة العربية، ويكرهون دراستها للاندماج والتماهي في اللغة الأجنبية، وهنا نؤكد وجوب إضافة درجة مادة اللغة العربية للمجموع الكلي لجميع الطلاب المصريين بالمدارس الدولية.
13- توصي اللجنة بإعادة النظر في مناهج تدريس اللغة العربية، وتطبيق الطرائق الحديثة في تأليف الكتب وتدريسها، وعلى جميع مؤسساتنا أن تنهض بواجباتها لتمكين اللغة العربية، والاهتمام بها في جميع مراحل التعليم العام والفني، فمعلوم أن 35٪ من طلاب التعليم الأساسي هم الذين يدخلون الثانوي العام، وهم الصفوة غالبًا؛ ومع ذلك نجد ضَعف مستوى اللغة العربية عند نسبة كبيرة منهم، فالكارثة أن غالبية طلاب التعليم الفني يعانون من ضعف في اللغة العربية نطقًا وكتابةً، وهذا يؤكد ضرورة الاهتمام باللغة العربية من مرحلة رياض الأطفال حتى نهاية المرحلة الإعدادية...إلخ.
14- توصي اللجنة بضرورة نشر الوعي اللغوي بوسائل الإعلام المختلفة، وإبراز منزلة اللغة العربية وموقعها بين لغات العالم، وبيان أثرها في وحدة العرب.
15- توصي اللجنة أن تكون إجادة اللغة العربية شرطًا أساسيًّا للراغبين في العمل بالدولة المصرية مع من هي لسانهم.
16- توصي اللجنة بضرورة عقد المؤتمرات القومية للوقوف على مسيرة تدريس اللغة العربية، وتقديم المقترحات والرؤى التي تحقق ازدهارها لتواكب العصر، وتستوعب المستجدات، وتفي بأغراضها القومية والحضارية.
17- تتطلع اللجنة أن تتبنى مصر مع الدول العربية الشقيقة إنشاء "منظمة دولية للغة العربية" تضع الخطط الكفيلة بالحفاظ على اللغة العربية وتنميتها، ونشرها في العالم، وأن يكون لها سلطان ونفوذ لتحقيق أهدافها.
18- إنشاء لجنة للغة العربية للمصريين بالخارج تضم خبيرًا من وزارة الهجرة وشؤون المصريين بالخارج منسِّقًا وموحِّدًا لجهود كل من الوزارة والمجمع في هذا الشأن.
19- ترشح وزارة الهجرة أحد الأساتذة المصريين بالخارج من المهتمين بالشأن اللغوي والأدبي؛ ليكون عضوًا بالمجمع من الخارج.
20- ابتكار منصة إلكترونية خاصة بالمجمع يتخاطب عبرها مع المصريين بالخارج، تلبية لحاجاتهم اللغوية والأدبية.
21- تُخصص جائزة سنوية بالمجمع لمسابقةٍ يشترك فيها المصريون بالخارج، توزع في مناسبة اليوم العالمي للغة العربية، وذلك في فروع لغوية، وأدبية، ونقدية، وفي مستويات سِنِّية وتعليمية.
22- تصميم برامج موجهة لعلاج صعوبات اللغة تحت إشراف المجمع.
23- إعداد كتيبات مبسطة إلكترونية لتعليم اللغة في مستويات متعددة وفقًا للمعيار الأوربي لتعليم اللغات.
24- إعداد مجموعة من الأفلام التعليمية، ومقاطع الفيديو وبثها عبر المنصة الإلكترونية الخاصة المزمع إنشاؤها، أو عبر برنامج يوتيوب.
25- التنسيق مع وزارة الإعلام لتكوين منصة إعلامية يسهم فيها وزارة الهجرة ومجمع اللغة العربية لعرض برامج تعليمية مشوقة، موجهة للمصريين بالخارج عبر القنوات الفضائية، وخاصةً (القناة الثقافية).