دينا شرف الدين

جرائم عالم الميتافيرس

الجمعة، 18 نوفمبر 2022 07:23 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ومن جديد تتكرر مآسى هذا العالم الافتراضى الذى لا أعلم القصد من وراء استبدال اسمه بآخر !
 
فقد صاحب هذا الإستبدال توسيع نطاق الخيال ليحاكى الواقع و يجعل هذا المستخدم الشغوف المغامر يعيش تجربته الإفتراضية بمشاعر و ردود أفعال و مؤثرات حقيقية تشعره بلذة و متعة هذه التجربة التى لا أعلم ما تخبئه لنا بأعماق أعماقها .
 
فقد قرأت ذات مرة  عن مستخدمة لعالم الميتافيرس الإفتراضى الواقعى لا أعلم كيف.
 
أنها أثناء ممارستها لإحدى الألعاب التى تدخل بها و تتعايش و كأنه واقع ، قد تعرضت للتحرش و الإغتصاب من بعض المستخدمين الآخرين. 
و بالفعل قد عاشت حالة نفسية مرعبة و تأثرت أعضاء جسدها و تسارعت دقات قلبها خوفاً  و شعرت و كأنها تعرضت لهذا الإغتصاب فعلياً !
 
و كان رد السيد المحترم مطور الفيس بوك للميتافيرس و صاحب التجربة برمتها 
( مارك زوكربيرج ) ، أنه كان عليها استخدام برنامج الحماية من التحرشات و الإغتصاب و غيرها من الشرور التى قد يلاقيها هذا الباحث عن الإثارة ، 
ووعد بأنه  سيزيد من تلك البرامج الخاصة بالحماية للمستخدم .
 
و لم يقتصر الأمر على الأفراد بل تخطاه ليضم كيانات كبيرة ذات حيثية دولية ، مثلما أعلنت مؤخراً وزراة الإقتصاد الإماراتية افتتاح مقرها الجديد داخل عالم ميتافيرس الإفتراضى ،ذلك بعد إعلان حكومة دبى بيوليو الماضى بتحويل الإمارات لعاصمة عالمية لتكنولوجيا ميتافيرس بحلول عام ٢٠٣٠.
 
"لا أعلم من أين أبدأ" ، 
 
هل أبدأ بتحذير نفسى أم تحذيركم من حجم الخطورة التى تختبئ كقنابل موقوتة خلف منصات التواصل الإجتماعى التى باتت بمثابة إحدى حالات الإدمان الحقيقى الذى يستوجب سرعة العلاج .
 
فقد كتبت سابقاً عن خطورة الإتكال على وسائل التواصل الإجتماعى كمصادر موثقة لاستقاء المعلومات ، و ضرورة أن نأخذ منها ما ينفعنا و نترك ما يضرنا و الذى هو الأغلب الأعم .
 
إذ أن هناك عصابات بعينها تعددت أغراضها و تنوعت أهدافها ما بين سياسية و مادية أو حتى انتقامية تحترف سرقة الحسابات الخاصة بالآخرين بطرق متنوعة و مبتكرة ، و عادة ما تختبئ بوجه مزيف و صفة وهمية خلف بروفايل محكم منسق.
 
و لكن غالباً ما تتوجه أنظار هؤلاء القراصنة نحو الشخصيات العامة و المشاهير ، فتوضع الخطط و تنصب الفخاخ التى ربما تستغرق شهور كى يتم إحكام الخطة و الإنقضاض السريع ثم الكشف عن وجه آخر حقيقى للص محترف يساوم و يبتز بعد أن يستولى على صور و محادثات شخصية و ربما فبركة الكثير منها عن طريق انتحاله اسم و صفة الشخصية المنتهكة دون علم لوقت من الزمن ، فتحدث عمليات نصب و احتيال و إساءة لا تصور لمدى حدودها و حجم خطورتها .
 
و هذا ما تعرضت له أنا شخصياً منذ فترة طويلة ، رغم الحذر و الإنتباه ، إلا أننى لم أسلم من خوض التجربة القاسية التى دفعتنى لإعادة الكتابة بهذا الموضوع الخطير مرات و مرات ، فقد قام أحد الأصدقاء المتواجدين بصفحتى التى تعتبر عامة بصفتى كاتبة ، و الذى كان ينتحل صفة طبيب ، و قد كان هذا اللص المتربص يدبر و يتحين الفرصة المناسبة التى تمثلت فى طلب لى أن أقوم  بعمل إعجاب و متابعة لصفحة المستشفى الخاصة به، و بالفعل استجبت و قمت بفتح هذا اللينك المسموم دون سوء نية و بعد ذلك لم تظهر أمامى أى صفحة تخص مستشفى ، فظننت أن التحميل لم يتم و تجاهلت الأمر .
 
و قد كان هذا الفخ بوابة الاستيلاء على حسابى دون علم منى إلا بعد أكثر من عشرة أيام  .
 
تجول خلالها هذا القرصان المحترف بقائمة أصدقائى و متعلقاتى من صور و مقالات ، ثم كشف لى عن وجهه الخسيس و فاجأنى بسيطرته التامة على جهازى و حساباتى على كافة مواقع التواصل الإجتماعى .
 
و بالفعل قمت بإبلاغ مباحث الإنترنت و تطهير حسابى من هذه القرصنة و لكن بعد أيام من المهاترات ، فبعد ان حذرت الأصدقاء و المتابعين أنه هناك من ينتحل اسمى و يسيطر على حسابى و صفحتى ، سرعان ما حذف منشورى بعد أن أغلق هذا البروفايل المزيف الذى دخل بقائمة أصدقائى من خلاله .
 
رويت لكم تلك القصة لأحذركم من هؤلاء الذين يتسللون بأوجه مزيفة حتى و إن كان بينكم و بينهم أصدقاء مشتركين كما حدث معى ، كما أذكركم  و نفسى بالإمتناع التام عن تسجيل أية بيانات شخصية بأى لينك كالإيميل أو رقم الهاتف ، و من الأفضل عدم فتح أى رابط إلا إن كان من مصدر موثوق به و معروف تمام المعرفة .
 
فقد باتت من آفات العصر الحديث الذى صاحب هذا التطور التكنولوجى تحول غالبية المصريين إلى مجرد أبواق تردد الشائعات دون أن تترك لأنفسها قليلاً من الوقت لعقل الأمور و التحقق من صحتها و الغرض من إطلاقها و من هو المستفيد من إثارة هذا الضجيج  و ما هو القصد من وراء ذلك !
 
فبكل أسف قد بات مصدر المعارف الأول و الأخير هو وسائل التواصل الاجتماعى.
 
 نعم :
، فقد أصبحت أسهل و أسرع وسيلة لنشر المعلومات التى عادة ما يكون أكثر من نصفها مجرد شائعات يتم بثها بشكل منظم أو غير منظم  ، مقصود أو حتى دون ذلك ، و لكن بالنهاية تكون النتيجة واحدة ، و هى انجراف الغالبية العظمى من رواد تلك الوسائل الذين هم ُكُثر لتصديق هذه الأخبار أو تلك الشائعات 
فيطمئن قلب من أطلقها لغرضٍ فى نفسه  أنها ستنتشر كالنار فى الهشيم  بفضل آلاف عمليات المشاركة التى لا تكلف المتصفح الشغوف أكثر من ثانيتين بضغطة زر واحدة  ، لينشر و يؤكد و يوثق الخبر الذى لا يعلم مدى صحته أحد !
 
فإن كنا نعانى اليوم فى ظل المنظومة الإعلامية الحديثة من فقدان بعض الثقة فيما نتلقى من مواد و أخبار و صور و غيرها عن طريق الجرائد و مواقع الأخبار الشهيرة و التى تسلل إلى أروقتها العتيدة بعض الأخطاء الفردية  التى سرعان ما يتم  الإعتذار عنها و تكذيبها إن كانت مؤسسة ذات ثقة و مصداقية ، فما بالك إن كان الخبر مصدرة أحدى وسائل التواصل التى يتحكم و يعبث بها شخصيات افتراضية وهمية فى أغلب الأحوال .
 
نهاية :
أعلم جيداً أننا جميعاً لا غنى لنا عن مواكبة العصر بكل تطوراته و إجادة التعامل بها بل و إتقانها ،  لكن شريطة أن يكون زمام الأمور دائماً و أبداً بأيدينا و فى عقولنا فلا نترك أنفسنا فرائس سهلة تتلاعب بها أيادى الخبثاء لتحركنا و توجهنا كيفما تشاء ، فعلينا جميعاً الحذر ثم الحذر و التعقل و التدبر و التحقق، فنأخذ منها ما ينفعنا و نترك ما يضرنا .
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة