-
مشهد انعقاد قمة المناخ بشرم الشيخ- بهذا الزخم من الحضور والمناقشات - يكشف ما وصلت إليه الدولة المصرية
جاء مشهد انعقاد قمة المناخ - بهذا الزخم من الحضور والمناقشات - كاشفا عما وصلت إليه الدولة المصرية على مدار 8 سنوات، قمة الأمم المتحدة للمناخ فى شرم الشيخ، حولت المدينة إلى قبلة عالمية لواحدة من أكبر الفعاليات الدولية، مدينة خضراء فى مشهد يبعث على الأمل، هذا المشهد الذى يحمل تأكيدا على الاستقرار والتنظيم والتأثير، فضلا عما يمثله من عوائد مباشرة وغير مباشرة، وهو مشهد ما كان الخيال يتصوره قبل 8 سنوات، وأى متابع منصف يمكنه أن ينظر إلى خريطة الداخل والإقليم والعالم، ليعرف حجم ما تحقق، وما هو الطموح، باعتبار العمل والعلم هما طريق التنمية، فى بلد كبير ارتفع عدد سكانه من 84 مليونا عام 2014، ووصل إلى 104 ملايين الآن، مع 7 ملايين من ضيوف مصر من الدول التى دمرها الاحتراب، وفقد أهلها الأمان والاستقرار.
قبل 8 سنوات كانت الأسئلة حول المستقبل، والقدرة على استعادة الاستقرار فى ظل تهديدات أمنية وتراجع اقتصادى، وفوضى، اقتصاد منهار يفتقد إلى ثقة المنظمات الدولية، كهرباء مقطوعة، أزمات فى الوقود والخبز، بنية أساسية متهالكة، بطالة، عشوائيات تحزم القاهرة والمحافظات، فيروس الكبد الوبائى يلتهم أكباد المصريين، خارجيا مصر معزولة، مع دول وأجهزة تسعى لبسط نفوذها والتدخل فى أمن مصر القومى شرقا وغربا وجنوبا.
وكان السؤال المعلق: من أين نبدأ؟ فإذا حاولت أن ترمم اقتصادها وتبنى قدراتها الداخلية وإصلاح الداخل اقتصاديا واجتماعيا، لن تجد فرصة لبناء تأثيرها الإقليمى، واختار الرئيس عبدالفتاح السيسى - مع المصريين - الطريق الأصعب، داخليا وخارجيا، وحل المعادلة الصعبة فى وجود تهديد إرهابى كان واقعا ساهم فى تفكيك دول وإدخال أخرى فى الفوضى.
عندما تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى، لم يُخفِ الواقع الذى كان واضحا، وكان القرار بشجاعة وإخلاص، لم يقدم وعودا بالرخاء، بل قدم تشخيصا أمينا للوضع داخليا وخارجيا، وهو تشخيص بدا وقتها صادما ومثيرا للقلق، لكنه أعلن أنه يتحمل المسؤولية ويثق فى قدرة الشعب المصرى على التحمل والصبر، تشخيص صادم مع تصميم على حل المعادلة الصعبة، درس كل الملفات بتفاصيلها الصغيرة والكبيرة، وأعد الخطة مستندا للشعب، لم يلتفت لتحذيرات من تراجع شعبيته، أو ضعف الإمكانيات، أكد ثقته فى الشعب المصرى ومؤسسات الدولة، التى صمدت فى مواجهة أكثر المخططات خطرا، وأشدها إيلاما، كان المجتمع يغرق فى الشك، وينظر للمستقبل بخوف وتردد، لكن الرئيس تعهد أن أحدا لا يمكن أن يهدد الشعب المصرى، أو يفرض عليه غير ما يريده.
واجهت مصر الإرهاب بشجاعة أبنائها فى القوات المسلحة والشرطة، ودفع المصريون ثمن اختيارهم، وفى الوقت ذاته قرروا مواجهة الفقر والعشوائيات وانقطاع الخدمات الأساسية، والبنية التحتية المتهالكة والعزلة الدولية، فى وقت واحد، بدأت عملية الحماية والأمن والبناء، لم يكن الهدف هو فقط إبقاء الدولة المصرية، بل دفعها للأمام.
وخلال 8 سنوات، استعاد المصريون الأمن، استعاد الاقتصاد عافيته وصمد فى مواجهة أزمتى كورونا وحرب أوكرانيا، وهما أزمتان أصابتا الاقتصاد فى دول كبرى بالارتباك، وتم إنشاء محطات كهرباء عملاقة وفرت حاجات الاستهلاك الصناعى والمنزلى، مع فائض للتصدير، وتم علاج ملايين من فيروس الكبد الوبائى، مع إطلاق مبادرات «100 مليون صحة»، وإنهاء قوائم الانتظار للعمليات الخطرة، ومبادرات للكشف على سرطان الثدى للنساء وصلت إلى أعماق الريف، ومبادرات لعلاج التقزيم والعيون والسمع للأطفال.
وتم فتح ملف العشوائيات، الذى بدا مستعصيا على الحل، وتم البدء بإنشاء «الأسمرات 1 و2»، ثم مجتمعات تم نقل أغلب سكان العشوائيات إليها، وحتى المناطق التى ظلت مستحيلة التغيير، تغيرت وتحولت للأفضل فى السيدة زينب، والمدابغ، والإسكندرية وغيرها، مع توسيع ملف الحماية والاجتماعية، وصرف معاش «تكافل وكرامة» للأسر الفقيرة.
تم إنشاء شبكة طرق ومحاور وكبارى عملاقة، بناء على تخطيط دقيق، وتشخيص لمشكلات النقل، والاحتياجات المستقبلية من تجارة وصناعة، ولم تكتف الدولة بحلول موضعية، وانطلقت إلى عاصمة إدارية جديدة ذات بنية تقنية ومعلوماتية عالية الدقة، توازيا مع تطوير القاهرة التاريخية، والمتاحف الجديدة، ومحاور لربط المتاحف بحركة السياحة مع مدن من الجيل الرابع، «العلمين الجديدة، والمنصورة الجديدة، ودمياط، وأسيوط، والمنيا، الجديدة»، وغيرها، تستوعب ملايين، وتمتص الزيادة السكانية، وتتضمن أنشطة زراعية وصناعية وتجارية واجتماعية.
ثم تم إعلان مبادرة «حياة كريمة»، التى اعتبرتها الأمم المتحدة أفضل الممارسات الدولية توافقا مع كل أهداف التنمية المستدامة، وتطوير شامل للريف فى أكثر من 4500 قرية خلال 3 سنوات على 3 مراحل، بتكلفة كان مقررا لها 700 مليار جنيه، ويتوقع ان تتجاوز التريليون جنيه ليكون تغييرا حقيقيا لأكثر من نصف سكان مصر بين 50 و60 مليون إنسان فى الريف، والنهوض بمكونات البنية التحتية من مياه وكهرباء وغاز وصرف صحى وتبطين الترع ورصف الطرق وخدمات الصحة والتعليم، وتغيير حياتهم جذريا، ليصبحوا شركاء فى عملية التنمية، ويشعروا بثمار نتائج عملهم.
فى ملف الإسكان تم إطلاق علاج من خلال مشروعات سكنية متنوعة، وإسكان اجتماعى ومتوسط، لتوفير إسكان مناسب لكل الفئات فى المجتمع، الإسكان الاجتماعى للشباب وذوى الدخول المنخفضة، والإسكان المتوسط للطبقة الوسطى، فى الزراعة يأتى مشروع مستقبل مصر وزراعة 288 ألف فدان من المحاصيل الاستراتيجية «القمح، والذرة، وبنجر السكر» خلال 3 سنوات، تصل المساحة خلال عامين إلى 700 ألف فدان، ضمن مشروع «الدلتا الجديدة» بمساحة 2.2 مليون فدان، ومشروع تنمية جنوب الوادى فى توشكى بمساحة 1.1 مليون فدان، وشمال ووسط سيناء بمساحة 456 ألف فدان، وتنمية الريف الجديد بمساحة 1.5 مليون فدان، وبعض محافظات الصعيد والوادى الجديد بمساحة 650 ألف فدان، وهو ما يمثل إضافة تصل إلى ربع المساحة التى تكونت على مر العصر الحديث منذ بداية تنظيم الرى والزراعة، وبالفعل فقد ارتفعت مساحة العمران بنسبة تتجاوز 14%، فقد كان المصريون 84 مليونا يعيشون على 86 ألف كيلومتر مربع عام 2014، ووصل تعدادهم إلى 104 ملايين على 103 آلاف كيلومتر مربع.
كل ما يجرى على أرض مصر من تغيير شامل، هو نتاج شجاعة وجهد المصريين وشجاعتهم وصبرهم، بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى راهن وكسب الرهان، وهو ما يضاعف من مخزون الثقة لدى المواطن، الثقة التى توحد المصريين فى مواجهة الحاضر والمستقبل.