حينما وقع الاختيار على أوروجواى، لتكون أول بلد يستضيف النسخة الأولى من كأس العالم، لم يكن لديها ملعب يلائم حجم المسابقة، لهذا قررت الحكومة، بعد نيل البلد اللاتينى هذا الشرف، تكليف المهندس المعمارى خوان أنطونيو سكاسو بمهمة صعبة، وهى إنشاء ملعب يتسع لمئة ألف شخص لاستضافة كل مباريات البطولة.
يخبرنا كتاب "أغرب الحكايات فى تاريخ المونديال" وهو من إعداد لوثيانو بيرنيكى، والذى نقله إلى اللغة العربية المترجم المصرى محمد الفولى، والصادر عن دار مسعى للنشر، أنه فى منطقة خوسيه بالتيي إى أوردونييث، الواقعة بوسط المدينة أقص شرق شارع الثامن عشر يوليو، بدأ تشييد الملعب الذى أطلق عليه اسم "استاد ثنتناريو" أو "ملعب المئوية" لأن افتتاحه الرسمى كان مقررا فى الثامن عشر من يوليو عام 1930، وهو التاريخ الذى يوافق مرور مئة عام على الدستور الأوروغوائي، وانطلقت أعمال البناء بكل سرعة، وبعد شهور قليلة شيدت المدرجات وأطلق على إحدى المدرجين الرئيسيين اسم كولومب، وهى بلدة مجاورة لباريس كان يقع بها ملعب "استاد دو ماتين" وأطلق على الأخرى اسم أمستردام، وذلك تكريما لمقري الدورتين الأوليمبيتين اللتين شهدتا تتويج منتخف أوروغواي بذهبيتى الأوليمبياد قبلها بسنوات قليلة، وأطلق اسما أمريكا وأوليمبيكا على المدرجين الآخرين، وكان القرار فى بداية الأمر أن تكون سعة الملعب مئة ألف مشج لكنها خفضت فى وقت لاحق إلى سبعين ألف.
وبينما كان تشييد ملعب المئوية يجرى على قدم وساق فى مونتفيديو، بدأت بوينوس آيرس تنتقد، دون وجه حق، المشروع الرائع، فجريدة "لابرنسا" مثلا، اعتبرت أن "ملعبا يتسع لمئة ألف مشجع فى مدينة تعدادها 600 ألف نسمة لا يعد أمرا معقولا"، وتساءلت مجلة "لاكانتشا" من جهتها: "أين سيبحثون عن أناس فى مونتفيديو لملء المدرجات؟". وشهدت العاصمة الأرجنتينية فى الوقت نفسه عرض مسرحة بعنوان ماكر هو "ما الذى سنفعله بالملعب؟". ولم يتأثر أولئك الذين كانوا على الجانب الآخر من نهر لابلاتا بل قالوا: "سنقوم بما اعتدنا عليه دوما: الفوز على الأرجنتينيين".
وعلى مونتفيديو خيم طقس سيء قبل الثالث عشر من يوليو بأسابيع قليلة – وهو الموعد المقرر لانطلاق البطولة – مما تسبب فى تأخير الأشغال، فكتبت جريدة "لاناثيون" أن "ما يناهز الألف عامل يبذلون أقصى ما لديهم من جهد، بعضهم فى المدرجات الأرضية وغيرهم فى العلوية ومقلهم فى محيط الملعب بل إن هناك أيضا عددا من عناصر كتيبة الأعمال الهندسية بالجيش". ولم تكتمل الأعمال فى الموعد المحدد حتى إن أول مباراتين لعبتا فى ملعبى ناثيونال "باركى ثنترال"، وبينيارول "بوسيتوس" على الترتيب وكلاهما فى مونتفيديو، بل إنه كانت بالملعب حين افتتح فى الثامن عشر من يوليو بعض كتل إسمنتيه لم تكتمل صلابتها فحفر عليها بعض المشجعين عبارات للذكرى، بعضها وطنية وأخرى غرامية، وفى النهاية أقيمت البطولة على ثلاثة ملاعب لا ملعب واحد كما كان مقررا، ولا يزال مونديال أوروغواى هو الأقل من حيث عدد الملاعب فى تاريخ المونديال.