اختتمت فعاليات قمة المناخ «مؤتمر الأطراف السابع والعشرين» COP27، فى مدينة شرم الشيخ، محققة إنجازا تاريخيا انتظره العالم خاصة الدول النامية على مدار 26 قمة سابقة ونحو 30 عاما من البدء فى انتهاج فكر جديد يتعلق بمكافحة التغيرات المناخية.
ومع ختام الفعاليات التقت «اليوم السابع» الدكتور محمود محيى الدين، رائد المناخ للرئاسة المصرية لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة للتغير المناخى cop 27 والمبعوث الخاص للأمم المتحدة المعنى بتمويل أجندة التنمية المستدامة 2030، وتحدث خلال الحوار عن «مسك الختام» وعن أبرز ما شهدته قمة المناخ التى اكتست بتاريخ وعراقة وحضارة مصر وبقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى.
وأكد الدكتور محمود محيى الدين، أن هناك إشادة من جميع المشاركين بمؤتمر الأطراف بشأن التنظيم والمضمون، قائلا إن النجاح الحقيقى للمؤتمر هو التنفيذ الفعلى لمخرجاته على أرض الواقع.
وقال إن ما يميز مؤتمر شرم الشيخ هو اهتمامه بالتنفيذ والتطبيق، موضحا أن المؤتمر اهتم بجمع المبادرات والمشروعات وجهات التمويل والتنفيذ تحت سقف واحد، للخروج بمبادرات ممولة قابلة للتنفيذ، لكن لا بد أن يكون التنفيذ مرتبطا بالنهج الشمولى الذى يهتم بكل أبعاد العمل المناخى بشكل متساو، ووضع كل هذه الأبعاد فى إطار أكثر شمولا يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة ككل.
نبدأ من الإنجاز العظيم لختام الفعاليات بتدشين صندوق الخسائر والأضرار؟
الختام حمل نجاح القمة التى نجحت فى تحقيق إنجاز تاريخى غير مسبوق فى القمم السابقة، وهو إنشاء صندوق للخسائر والأضرار، وسيكون هذا الصندوق ممولا وله لجنة انتقالية محددة المهام فى تنفيذه خلال الأسابيع والشهور القليلة المقبلة.
دعنى أقول لك «إن الإسهام فى صناعة التاريخ حرفة مصرية أصيلة».
ماذا عن الأساس حلم الدول الفقيرة صندوق تمويل المناخ نفسه والذى كان من المفترض أن يتواجد فيه الآن 300 مليار دولار؟
لا شك أن التمويل حظى ببعد آخر وهو الاهتمام بكل أبعاد التمويل فى العمل المناخى، وذلك فى تخفيف الانبعاثات الضارة ومنها جهود الالتزام بالتعهدات الخاصة بالـ100 مليار دولار من جانب الدول المتقدمة، رغم أنها لا تتجاوز 10% من تمويل تكلفة التحول العادل للطاقة فى البلدان النامية والأسواق الناشئة، بخلاف الصين، وهو ما ستتم متابعته على أن يكون التمويل العام الدولى مساندا لاستثمارات القطاع الخاص.
كيف استقبل المجتمع الدولى ما شهدته القمة؟
هناك ترحيب دولى كبير خاصة بهذا الصندوق، وخاصة الدول التى تعرضت على مدار العامين الماضيين لخسائر بالمليارات وضرر لقطاعها الإنتاجى نتيجة التغيرات المناخية مثل باكستان وبنجلاديش، فضلا عما سببته من خسائر فى الأرواح.
ما دور مصر فى التركيز على ملف التكيف تحديدا؟
بشهادة الجميع مصر بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى نجحت فى وضع موضوع التكيف قيد الاهتمام بربطه ببعض الأمور الحياتية المهمة الخاصة بالأمن الغذائى وتطوير قطاعات المياه وحماية الشواطئ وحماية الأراضى من التصحر وحماية الغابات، وهو ما يحتاج إلى تمويل ضخم، ولا شك أن الموضوعات الثلاثة الموضوعية الخاصة بالتخفيف أو التكيف أو الخسائر أو الأضرار تتلخص فى الاستثمارت الضخمة والتمويل الجديد وتطوير المشروعات بما يسمح أن تكون هناك استفادة للاقتصاد والمجتمع بأسره من جهود العمل المناخى.
ما الجديد الذى يميز قمة شرم الشيخ عن بقية القمم؟
الدكتور محمود محيى الدين مع اطفال رواد المناخ
القمة ركزت على تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص ومنح الأخير فرصة كبيرة للعمل، لا سيما أن هناك قيودا على الموازنات الخاصة بتمويل المناخ، حيث إن تمويل المناخ غير كاف وغير عادل وغير كفء.
أيضا القمة شهدت عددا من الخطوات غير المسبوقة، حيث تم تعيين أول مبعوث للشباب فى تاريخ قمم المناخ وهى الدكتورة أمنية العمرانى.
كما شهدت قمة المناخ إطلاق جناح الشباب والأطفال ودمجهم فى قلب العمل المناخى، كما تمت دعوة ومشاركة 7 أطفال من مختلف دول العالم لمشاركة أفكارهم والحلول من خلال الكتب وتطبيقات البودكاست وغيرها من الحلول المبتكرة، أحدهم فرانشيسكو الطفل الكولومبى الذى أصبح حديث القمة والعالم، والذى أجريتم معه حوارا كان مهما.
ليس هذا فقط بل إن القمة ولأول مرة على الإطلاق شهدت إطلاق دعوة للعمل على التكيف مع تغير المناخ، وهى أجندة شرم الشيخ للتكيف، والتى تعد خطة شاملة لدعم إجراءات التكيف فى مختلف القطاعات مثل الغذاء والزراعة والمياه والطبيعة والبنية التحتية بمشاركة الجهات الحكومية والجهات الفاعلة غير الحكومية.
ماذا عن دعم القمة لأفريقيا وهى تعقد فى قلب القارة؟
هذه نقطة جوهرية وسؤال مهم أيضا ففى رؤيتى: أفريقيا مستفيدة بشكل كبير بدليل أن هذه هى المشاركة الأفريقية الأكبر فى كل القمم السابقة، وهذا لاحظه الكثيرون من المشاركين، القارة كانت فى قلب أجندة عمل قمة المناخ من أجل دفع أجندة عمل المناخ، فعلى سبيل المثال، تم إطلاق مبادرة أفريقيا لأسواق الكربون من أجل توفير طاقة مستدامة للجميع ودعم أنظمة الإنذار المبكر بالتعاون مع العديد من الشركاء والقطاع الخاص.
هل ستنال أفريقيا حظها من صندوق المناخ مستقبلا؟
أفريقيا تساهم فى الانبعاثات الكربونية بنسبة 3 % فقط لكن هذه النسبة من المرجح أن تزيد إذا لم تحصل دول القارة على التمويل المناسب والتكنولوجيا اللازمة من الدول المتقدمة لتنفيذ مشروعات المناخ لديها.
ولا شك فى حصولها على تمويل مستقبلا، فالدول النامية باستثناء الصين تحتاج لتمويل يقدر بنحو تريليون دولار سنويا لتمويل التحول فى هذا القطاع، وتوصيل الطاقة لنحو 600 مليون أفريقى يفتقدون إليها، وهو عشرة أضعاف قيمة تعهد كوبنهاجن بتمويل العمل المناخى فى الدول النامية، والذى لم تف به سوى 7 دول، وهى فرنسا وألمانيا وهولندا واليابان وعدد من الدول الاسكندنافية، من بين 23 دولة.
ما انعكاس مبادرة أسواق الكربون على القارة السمراء؟
إنها مبادرة مهمة للغاية بدليل أنه عند إطلاقها فى القمة شهدها 4 رؤساء من بينهم الرئيس الكينى وليام روتو، ورئيس مالاوى لازاروس مكارثى شاكويرا و15 وزيرا، حيث يمكن لأسواق الكربون أن توفر نحو 30 مليون فرصة عمل بحلول 2030، وبالتالى لا بد من تحقيق التوزيع العادل والشفافية فيما يتعلق بالعوائد الخاصة بأسواق الكربون مع وضع ديناميكيات اقتصاد أفريقيا فى الاعتبار لتحقيق أقصى استفادة من فرص النمو وجذب الاستثمار.
كيف ترى جهود رئاسة قمة المناخ الحالية للخروج بنتائج جيدة؟
لا شك أن المجتمع الدولى يشهد أزمة ثقة وفائضا فى الأزمات، وهو ما دفع الرئاسة المصرية للمؤتمر للاهتمام بتعزيز البعدين الإقليمى والمحلى للعمل المناخى من خلال مبادرات غير مسبوقة انعقدت قبل المؤتمر وستستمر بعده، وهى مبادرة المنتديات الإقليمية الخمسة، والمبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية، ونشاط يتعلق بتعزيز دور الجامعات ومراكز الأبحاث وإنشاء صندوق أخضر للبحوث المتعلقة بالبيئة والمناخ، فضلا عن تطوير مناهج التعليم الجامعى لزيادة وعى الشباب بقضايا المناخ.
هل يمكن إلزام الدول المتقدمة بتنفيذ تعهداتها بشكل أو بآخر؟
أولا لا بد للإعلام أن يقوم بدوره فى العمل المناخى، فالإعلام يجب أن يعمل على رفع مستوى الوعى لدى المواطنين بقضايا التغير المناخى، تخيل 49 % من البشر لا يعتقدون أن التغير المناخى يمثل تهديدا حقيقيا، وفقا لاستطلاع للرأى قبل مؤتمر شرم الشيخ، كما أن نحو ثلثى المجتمع المصرى ليس لديه الوعى الكافى بتغير المناخ وتأثيره على حياتهم اليومية.
ثانيا الدول لا تحاسب بعضها البعض بشأن التزاماتها، غير أن المحاسبة ممكن أن تتم عبر البرلمانات ووسائل الإعلام والمجتمع المدنى، بينما تتم محاسبة المؤسسات والشركات والبنوك من خلال الجهات الرقابية التى تخضع لها فى حال عدم التزامها أو تلاعبها فيما يعرف بظاهرة الغسل الأخضر.
ما خطورة عودة أوروبا لاستخدام الوقود الأحفورى مجددا؟
إن عودة بعض الدول الأوروبية لاستخدام الوقود الأحفورى كمصدر للطاقة، عودة اضطرارية نتجت عن الحرب فى أوكرانيا، لأن الأزمة الأوكرانية أدت إلى وجود تيار نحو العودة لمصادر الطاقة غير الصديقة للبيئة، وتيار آخر يدعو لتعدد مصادر الطاقة وأهمية الاستثمار فى مصادر الطاقة المتجددة.
والواقع يشير إلى أن العالم حتى الآن بعيد عن تحقيق أهداف التخفيف وهو خط الدفع الأول، مشيرا إلى تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، فبدلا من العمل على تخفيض الانبعاثات الكربونية بنسبة 45 % أضفنا إليها نحو 15% لينحرف العالم عن تحقيق هدف التصدى للاحتباس الحرارى بنحو 60 % تتحمل الدول النامية تبعاتها والتكلفة الأكبر للتصدى لها.
والحل فى حشد جهود العلم والتكنولوجيا إلى جانب الاستثمار خاصة أن 80 % من تمويل المناخ يوجه للتخفيف و20% فقط نحو التكيف.
كيف ترى المبادرة الوطنية المصرية للمشروعات الخضراء؟
مبادرة عظيمة، فالمبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية على مستوى المحافظات المصرية شهدت منافسة نحو 6281 مشروعا، وستصبح جزءا رئيسيا من قمم المناخ القادمة وسيتم الانتقال بها إلى المستوى العالمى، كما أن المشروعات الفائزة وعددها 18 مشروعا شاركت بقمة المناخ بالمنطقتين الخضراء والزرقاء، وكلها مشروعات تركز على تقديم الحلول مثل إعادة التدوير والتنوع البيولوجى والطاقة النظيفة وغيرها.
ما تفاصيل مبادرة النقل منخفض الكربون ودورها مستقبلا؟
تم إطلاق مبادرة النقل منخفض الكربون من أجل الاستدامة الحضرية «LOTUS»، التى تهدف إلى إزالة الكربون الناجم من قطاع النقل، وهى تأتى فى سياق النهج الشامل الذى تتبناه الرئاسة المصرية لقمة المناخ، حيث تم إطلاق تلك المبادرة عقب مشاورات بين أصحاب المصلحة المعنيين.
بالفعل هناك حاجة إلى إيجاد حلول نقل حضرى مصممة وملائمة للبلدان النامية، وضرورة دعم القيادات السياسية لتلك الحلول لضمان الانتقال إلى مرحلة التنفيذ والتطبيق العملى، كما يجب أيضا تفعيل آليات خفض الديون ومبادلة الديون بالاستثمار فى الطبيعة، حيث أكد أنه لا يمكن الاستمرار فى نظام التمويل كما هو عليه اليوم.
ما تقييمك للمبادرات التى أطلقتها مصر خلال قمة المناخ؟
مصر أطلقت 3 مبادرات غير مسبوقة لدفع العمل المناخى على المستويات المحلية والإقليمية، المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية، ومبادرة المنتديات الإقليمية الخمسة، ومبادرة الجامعات ومراكز الأبحاث لتوفير الحلول العلمية المتعلقة بالتغير المناخى، وهى مبادرات عظيمة، فمبادرة المشروعات الخضراء الذكية استهدفت رفع الوعى لدى المجتمع المصرى بقضايا المناخ، وهو ما بدأ يتحقق بالفعل، كما استهدفت المبادرة توطين أهداف التنمية المستدامة فى جميع المحافظات بالتعاون مع جميع الأطراف المحلية والمنظمات الدولية ورسم خارطة للاستثمار فى محافظات مصر من خلال مشروعات تتسم بأنها صديقة للبيئة وتحقق أقصى استفادة من التحول الرقمى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة