صار "الجوع وسوء التغذية" العنوان الكبير لتداعيات أزمة المناخ وتأثيراتها على شعب جنوب السودان، وهى البلد الإفريقى الوليد الذى لم يمر على ميلاده سوى عقد من الزمن، ولكنه يعبر عن واقع غذائى مقلق ينتظر كثيرًا من بلدان القارة الإفريقية الأخرى بسبب آثار التغيرات المناخية على الزراعة والرعي ونشاط السكان.
وقال تقرير صادر عن المفوضية السامية للشئون الإنسانية في الأمم المتحدة إن موجات الفيضانات التي تحدث حينًا وموجات الجفاف التي تحدث في أحيان أخرى والصراعات المسلحة الدائمة قد اجتمعت معًا لتفاقم من عمق المأساة الإنسانية لشعب جنوب السودان في كثير من مناطقه ما أدى إلى ارتفاع معدلات الجوع وسوء التغذية، وهي الأزمة التي تسعى أجهزة الإغاثة الإنسانية في الأمم المتحدة إلى تداركها والتخفيف من وطأتها.
وتشير تقارير مفوضية الشئون الإنسانية الأممية إلى أن شعب جنوب السودان البالغ عدده 76ر7 مليون نسمة سيعانى ثلثاه من تراجعات حادة في الأغذية خلال الفترة من أبريل وحتى نهاية يوليو من العام 2023 نتيجة التغيرات المناخية، وما لا يقل عن 4ر1 مليون طفل في جنوب السودان سيعانون من الأمراض الناتجة عن سوء التغذية.
إلا أن التقرير الأممي أكد أن تردي الأوضاع الغذائية في جنوب السودان بسبب التغيرات المناخية لا يعد حالة فريدة تختص بها جنوب السودان حيث سيعاني 44 بلدًا إفريقيًا على الأقل من تداعيات التغير المناخي على أوضاع الغذاء بها على الأقل حتى يونيو 2023، كما قدر خبراء برنامج الغذاء العالمي أن يعاني نحو سبعة ملايين إفريقي من نقص الغذاء خلال الموسم أبريل - يوليو 2023 سيكون من بينهم على الأقل 9ر2 مليون إفريقي على شفا الهلاك.
على ضوء ذلك.. حث التقرير البلدان المانحة على إبداء سخاء أكبر في معاونة وتمويل برامج الأمم المتحدة لتأمين احتياجات الغذاء في تلك الدول التي باتت أشد احتياجًا للمؤازرة والدعم أكثر من أي وقت مضى نتيجة التغيرات المناخية التي يشهدها العالم.
وتتكاتف جهود ثلاثة أجهزة في الأمم المتحدة حاليًا لمعاونة حكومة جنوب السودان في تدارك آثار التغيرات المناخية على مستوى الأمن الغذائي والإعاشة للنازحين وهي منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) وصندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (يونسيف) وبرنامج الغذاء العالمي الذي تؤكد تقاريره أن التغيرات المناخية وتراجع غلة المحاصيل الناجمة عنها في جنوب السودان أوصلت سكان عديد من أقاليمه إلى حالة غير مسبوقة من الخطورة لأمنهم الغذائي بلغت من الحدة ما لم تشهده البلاد منذ أزمة جفاف عام 2016.
ويعترف تقرير الأمم المتحدة بأن تردي الأوضاع الاقتصادية في جنوب السودان، والارتفاعات المتلاحقة في أسعار الغذاء والطاقة التي يشهدها العالم التي فاقمت عوامل عرقلة جهود الأمم المتحدة والشركاء الدوليين الرامية إلى تحصين سكان المناطق المتضررة بيئيًا في جنوب السودان ما هو أسوأ.
ويحذر ماكينا والكر مدير برنامج الغذاء العالمي من الأزمة التي يعانيها المزارعون في جنوب السودان نتيجة التغيرات المناخية ويقول إن المزارعين في جنوب السودان هم أول من يتلقى الضربات المناخية.
ويستطرد المسئول الأممي بالقول إن عددًا غير قليل من المزارعين في جنوب السودان قد هجروا قراهم التي اكتسحتها مياه الفيضانات وصاروا من المشردين وكذلك أدت الفيضانات وارتفاع مناسيب مياه الأمطار التي تهطل على مناطق الرعي الطبيعي في جنوب السودان إلى تشتت القطعان ونفوق معظمها وتعطل عشرات الآلاف من الرعاه عن أعمالهم.
وأكد تقرير برنامج الغذاء العالمي أنه بدون تقديم مساعدات غذائية عاجلة للمتضررين بيئيًا في جنوب السودان لا سيما المزارعين والرعاه فإن تداعيات أزمة المناخ في جنوب السودان ستتحول إلى كارثة غذائية إنسانية بعد أن بات معظم منتجي الغذاء في جنوب السودان من المزارعين والرعاه عاجزين عن الإنتاج وأصبحوا هم أول من يبحث عن العون الغذائي.
وخلال العام 2021 لم يتجاوز حجم إنتاج جنوب السودان من الحبوب الغذائية 840 ألف طن، في حين بلغ إنتاج جنوب السودان 541 ألف طن في أسوأ أعوام الفيضانات على مدى الأعوام الثلاثة التي سبقت العام 2016 حيث شهدت مناطق وسط جنوب السودان حالة من الفيضانات العارمة كانت هي الأشد ضراوة مقارنة بباقي مناطق جنوب السودان وأثرت على إنتاج تلك المناطق من الحاصلات، فضلًا عن نشوب صراعات مسلحة في عدد منها آنذاك.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة