سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 9 نوفمبر 1970.. وفاة الجنرال ديجول الزعيم الفرنسى التاريخى الذى أوصى بأن تكون جنازته بسيطة لا يشترك فيها رئيس الدولة أو الوزراء

الأربعاء، 09 نوفمبر 2022 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 9 نوفمبر 1970.. وفاة الجنرال ديجول الزعيم الفرنسى التاريخى الذى أوصى بأن تكون جنازته بسيطة لا يشترك فيها رئيس الدولة أو الوزراء ديجول

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان صوت الرئيس الفرنسى جورج بومبيدو يتهدج، وهو يوجه بيانه إلى الأمة معلنا وفاة الزعيم الفرنسى العظيم شارل ديجول، بعد أن داهمته أزمة قلبية مفاجئة، فأسلم الروح فى لحظات، وهو جالس أمام التليفزيون، حسبما تذكر الأهرام يوم 11 نوفمبر 1970.
 
تضيف «الأهرام» أن وفاة ديجول جاءت بعد يوم عادى خرج فيه يمارس رياضة المشى فى حديقة منزله الريفى فى قرية  «كولومبى لى دوز ايجليز»، بعد ظهر 9 نوفمبر، مثل هذا اليوم 1970، ودخل البيت وجلس يواصل كتابة مذكراته، التى نشر أربعة أجزاء منها، وقبل أن تنتصف الساعة الثامنة، فتح جهاز التليفزيون ليستمع إلى نشرة الأخبار المسائية كعادته فى كل يوم، ولكنه أحس بتعب مفاجئ، فانحنى على المائدة التى كان يجلس إليها، وبعد دقائق أسلم الروح.
 
تؤكد الأهرام أن النبأ لم يعلن إلا فى صباح اليوم التالى «10 نوفمبر»، وتم إخطار الرئيس بومبيدو به فى الفجر، فاستدعى رئيس الوزراء «جالك شابان دياماس» وقضيا ساعات معا فى مشاورات، ثم دُعى مجلس الوزراء إلى اجتماع طارئ، وقبيل الساعة العاشرة من صباح 10 نوفمبر بدقائق، قطعت الإذاعة الفرنسية إرسالها لتعلن النبأ، وبعده أخذت تذيع الموسيقى الحزينة.
 
تذكر الأهرام أنه رغم السنوات الثمانين التى كان ديجول سيكملها بعد 12 يوما، فإن الكثيرين من الفرنسيين لم يشاءوا تصديق نبأ وفاة الرجل الذى قدم لبلاده الشىء الكثير، وكان بحق واحدا من أعظم زعماء العالم، وقال الرئيس بومبيدو فى بيانه إلى الأمة:
 
«أيها الفرنسيون والفرنسيات.. لقد مات الجنرال ديجول وغدت فرنسا أرملة.. فى عام 1940 أنقذ ديجول شرف فرنسا، وفى 1944 قادنا إلى الحرية والنصر، وفى 1958 أنقذ فرنسا من الحرب الأهلية، كما أعطاها مؤسساتها الحاكمة واستقلالها، ومكانتها العالمية، وأننا لنحنى رؤوسنا أمام أحزان أرملة وأولادها وأحفادها، ونقدر الواجبات التى يفرضها علينا الاعتراف بالجميل، وعلينا أن نقدم وعدنا لفرنسا بأن نكون جديرين بالدروس التى تعلمناها منه، وليعش ديجول إلى الأبد فى وجداننا القومى».
 
تضيف الأهرام، أن مجلس النواب الفرنسى علم بالنبأ بعد دقائق من بدء جلسته حين وقف «مارك جاك» زعيم الكتلة الديجولية «اتحاد الدفاع عن الجمهورية» وقال بصوت حزين:  «أيها السادة.. لقد مات الأب»، ثم غادر مكتبه والدموع تنهمر من عينيه، بينما أعلن رئيس المجلس إنهاء الاجتماع وسط ذهول الأعضاء.
 
وأعلن المتحدث الرسمى باسم الحكومة الفرنسية: «إنه تنفيذا لوصية الراحل العظيم، يتشيع جنازته دون أية إجراءات أو مظاهر رسمية فى الساعة العاشرة من صباح الخميس فى قريته»، وتذكر الأهرام، أن الجنرال ديجول كتب وصيته بخطه منذ 18 سنة، وأعطاها إلى الرئيس الفرنسى الحالى جورج بومبيدو ليحفظها عنده ويعمل على تنفيذها، وحفظت الوصية فى مظروف مغلق مكتوب عليه ثلاث كلمات هى «من أجل جنازتى».
 
تضيف الأهرام، أن بومبيدو فتح المظروف أمام مجلس الوزراء «10 نوفمبر 1970» وقرأ نص الوصية وفيها:  «16 يناير 1952.. أود أن تشيع جنازتى فى «كولومبى لى دوز ايجليز»، وإذا مت فى مكان آخر ينبغى نقل جثمانى إلى هناك دون أدنى احتفال، وسيكون قبرى هو الذى ترقد فيه ابنتى الكبرى، والذى سترقد فيه زوجتى.. ويُكتب على نصب القبر  «شارل ديجول 1890» ولا شىء آخر، ويقوم بتنظيم الجنازة ابنى وابنتى وحفيدتى، على أن تكون الجنازة بسيطة للغاية، وأنا لا أريد جنازة قومية، ولا أن يشترك فيها رئيس الدولة أو الوزراء، أو أعضاء الجبهة الوطنية، وإنما يمكن أن يشارك الجيش الفرنسى فى جنازتى رسميا فحسب، غير أن هذا الاشتراك ينبغى أن يكون فى أقل الحدود ودون موسيقى أو طبول أو أبواق، ولا ينبغى أن تلقى فيه كلمات، سواء فى الكنيسة أو فى أى مكان آخر، أو أن تلقى كلمات تأبين فى البرلمان، ولا يحجز أى مكان خاص أثناء الجنازة إلا لأفراد عائلتى ولرفاتى فى حرب التحرير ولمجلس بلدية كولومبى، ويمكن للرجال والنساء من فرنسا وغيرها من بلاد العالم، إذا أرادوا أن يكرموا ذكراى بمرافقة جثمانى حتى مقره الأخير، على أن يتم ذلك فى الصمت الذى أحب له أن يسود، وأعلن رفضى مقدما لكل وسام أو رتبة أو منصب، سواء كان فرنسيا أو أجنبيا، وإذا منحنى أحد مثل هذا التكريم، فسيكون ذلك انتهاكا لرغبتى الأخيرة».
 
تؤكد الأهرام، أنه فى اجتماع الحكومة برئاسة بومبيدو، قررت احترام وصية الزعيم، فيما يتعلق بتشييع جنازته فى قريته التى تبعد 170 كيلومترا عن باريس، على أن تقام فى نفس الوقت صلاة فى كاتدرائية نوتردام الكبيرة فى العاصمة الفرنسية، يحضرها كبار الشخصيات العالمية والفرنسية، وسيكون يوم تشييع الجنازة يوم حداد وطنى تعطل فيه المصالح الحكومية والبنوك، كما تتوقف الدراسة فى جميع أنحاء البلاد.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة