أوضح الدكتور محمد الضوينى، وكيل الأزهر، أن العلاقة بين مصر وإندونيسيا علاقة حب وتقدير وإخاء متبادل على المستويين الرسمي والشعبي، فهي علاقة قديمة تعود إلى عدة قرون، بدأت قبل أن يفد أبناء إندونيسيا إلى الأزهر للدراسة في أروقته، فقد كان موسم الحج موعدا للقاء أهل إندونيسيا بعلماء الأزهر، كانوا يستفتون فيه علماء الأزهر في أمور الدين ويسألونهم عما يشغل بالهم من مسائل الفقه والشريعة، ثم بدأ قدوم الإندونيسيين منذ أكثر من قرن ونصف إلى مصر لينهلوا من علوم الأزهر وشيوخه الأجلاء.
وأضاف وكيل الأزهر خلال كلمته بحفل تكريم الخريجين والمتفوقين من الطلاب الإندونيسيين، أن الأزهر الشريف أولى أبناء إندونيسيا اهتماما كبيرا فخصص لهم أحد أروقته، ونسبه إلى «جاوة» أكبر جزر إندونيسيا، وما زال هذا الرواق موجودا حتى اليوم في حرم الجامع الأزهر تحت اسم «الرواق الجاوي»؛ ليشهد على عمق هذه العلاقة الوطيدة التي استمرت حتى يومنا هذا، وقد ترجمت هذه العلاقة القديمة في رواق معاصر أنشئ قبل خمس سنوات تحت اسم «رواق إندونيسيا» أسسه الأزاهرة من أبناء إندونيسيا، وهو رواق نشيط من الناحية العلمية، تؤكد ذلك فعالياته، التي من أهمها: إصدار مجلة باللغة الإندونيسية تسمى مجلة «أزهري» وتغطي أنشطة الأزهر، وإصدار كتيبات عن المنهج الأزهري، وتدشين موقعين إلكترونيين للدفاع عن الفكر الأزهري الوسطي.
وبيّن الدكتور الضويني أنه في رحاب أروقة الأزهر الشريف كان أبناء إندونيسيا حريصين على التزود من علوم الدين وعلوم الحياة، حتى تشربوا المنهج الأزهري علما وخلقا قرنا بعد قرن، وتخرج في أروقته وكلياته العديد من رجالات إندونيسيا البارزين، الذين رجعوا إلى بلادهم سفراء لرسالة الإسلام، وتقلدوا أعلى المناصب الدينية والسياسية في بلادهم، ولقد استطاع الأزهر طوال تاريخه الممتد منذ نشأته - وإلى الآن- أن يقوم بدور بارز في دعم التواصل بين الشعوب من خلال الطلاب الوافدين إلى رحابه، ومن خلال البعثات التي تجوب كثيرا من بلاد العالم، ومن خلال المعاهد الخارجية الموجودة في بعض البلاد - وخاصة إندونيسيا؛ ولذا فإنّ الأزهر الشريف يمتلك رصيدا تاريخيا كبيرا من محبة الشعب الإندونيسي.
واختتم وكيل الأزهر كلمته بأنه على امتداد تاريخ الأزهر الشريف قدم نموذجا منفردا كمؤسسة تعليمية متخصصة في العلوم الدينية، لم تتقوقع داخل حدود التعليم الديني فحسب، وإنما امتدت لتشمل الفهم العام للدين من حيث كونه رسالة إنسانية شاملة تتفاعل مع الحياة في كل مجالاتها إعمارا وإصلاحا، وإننا نجتمع اليوم لنحصد ثمار تلك الجهود العظيمة التي قدمها الأزهر لأبنائه، وما أعظمها من ثمار، إنها ثمار العلم وحصاد الجد والاجتهاد الذي دام أياما وشهورا وأعواما، عاشها أبناؤنا بعيدا عن وطنهم وذويهم، رغبة في طلب العلم، وعملا بتعاليم الإسلام ورسوله، أملهم أن يعودوا إلى بلادهم وقد حملوا مشاعل التنوير وهدي الإسلام الرشيد وتعاليمه الصحيحة والسمحة، فتعبوا في سبيل ذلك الأمل وكدوا وسهروا الليالي، وها قد حقق الله تعالى مرادهم وتخرجوا في أعرق جامعة إسلامية، فبمثلكم يا أبنائي تبنى الأوطان.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة